انتهاء سباق الرئاسة المصري وسط إقبال متوسط واتهامات بالتزوير

بطاقات مسودة تربك الاقتراع.. ومؤشرات أولية اليوم والإعلان الرسمي الخميس

مصريون يقفون في طابور انتظارا لدورهم في الإدلاء بأصواتهم أمس (أ.ب)
TT

انتهى ملايين المصريين الليلة الماضية من التصويت في جولة الحسم لاختيار رئيس جديد للبلاد، خلفا للرئيس السابق حسني مبارك الذي حكم لمدة ثلاثين عاما. وجرت انتخابات الإعادة التي استمرت يومي السبت والأحد، في أجواء متوترة وإقبال متوسط، ومزاعم بوقوع أعمال تزوير أخطرها ما سجلته عدة بلاغات وتقارير عن طبع آلاف من بطاقات الاقتراع على أيدي أنصار أحد المرشحين والتعليم عليها لصالحه بالمخالفة للقانون.

ولم تقع اضطرابات تذكر على مدى يومي الاقتراع على الرغم من تبادل اتهامات التزوير. وتجري المنافسة بين محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين التي ظلت جماعة محظورة منذ عقد الخمسينات من القرن الماضي، حتى قيام ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، والمرشح المستقل أحمد شفيق، الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

ومن المتوقع أن يبدأ ظهور مؤشرات النتيجة منذ اليوم، إلى أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية النتيجة بشكل رسمي يوم الخميس المقبل، حيث تعهد المجلس العسكري في السابق بتسليم السلطة للرئيس المنتخب يوم الأول من الشهر المقبل كحد أقصى. وفي حال فوز مرسي فإنه من المشكوك فيه لدى الكثير من المراقبين أن يلقى تعاونا يذكر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تسلم السلطة من مبارك، على العكس من فوز شفيق الذي سيعمل بسلاسة مع المجلس العسكري.

ويقول المراقبون إنه من الصعب التكهن بالنتيجة بعد أن قاطع الانتخابات عدد كبير من المصريين باعتبار أن المرشحين مرسي وشفيق غير جديرين برئاسة مصر، لكن قرارا بحل البرلمان ذي الأغلبية الإسلامية ألقى بظلاله على الحياة السياسية بعد نحو خمسة أشهر فقط من انتخابه، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان عدم اعترافها بقرار المحكمة الدستورية التي أصدرت حكما بحل مجلس الشعب الأسبوع الماضي. وسيطرت أمس أزمة البطاقات المسودة التي ضبطها القضاة المشرفون على جولة الإعادة على مشهد المعركة الانتخابية خلال يومي التصويت، وأثارت تلك البطاقات جدلا حول تأثيرها على نزاهة الانتخابات في جولتها الحاسمة. وعلى الرغم من أن لجنة الانتخابات أعلنت أنها اتخذت أكثر من إجراء لتأمين بطاقات التصويت فإن وقائع تسويد بطاقات التصويت لصالح أحد المرشحين انتشرت في لجان كثيرة بشكل أربك حسابات لجنة الانتخابات خلال عملية التصويت وأعطى انطباعا بأن هناك مساعي لتزييف إرادة الناخبين.

وكشفت مصادر قضائية مطلعة طلبت عدم الإفصاح عن اسمها عن أن لجنة الانتخابات الرئاسية اكتشفت في اليوم الأول من التصويت تسريب مئات الآلاف من بطاقات التصويت من المطابع الأميرية الحكومية التي يتم طباعة الأوراق الانتخابية بها. وأشارت المصادر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أحد المسؤولين بالمطابع الأميرية من مؤيدي أحد المرشحين في جولة الإعادة سهل عملية تسريب نحو سيارة كاملة من البطاقات التصويتية التي تتم طباعتها في دفاتر مغلفة يحتوى كل دفتر منها على مائة بطاقة تصويت.

المثير أن أكثر المحافظات التي ظهرت بها البطاقات المسودة كانت محافظة الشرقية، وهي مسقط رأس المرشحين المتنافسين في جولة الإعادة مرسي وشفيق، حيث ضبط القضاة المشرفون على الانتخابات في مركز ههيا، مسقط رأس الدكتور مرسي، أكثر من أربع حالات للبطاقات المسودة كان آخرها ضبط تسعة دفاتر كاملة بواقع 900 صوت مسودة لصالح أحد المرشحين.

وواصلت النيابة العامة التحقيق مع المسؤولين بالمطابع الأميرية حول سبب تسرب البطاقات التصويتية والتلاعب بها داخل المطابع قبل توزيعها على لجان الاقتراع بمختلف المحافظات. ولم تمنع الإجراءات التي اتخذتها لجنة الانتخابات لتفادي ظهور البطاقات المسودة من تكرار ظهورها أمس أيضا.

وحول ما إذا كانت لجنة الانتخابات قد لا تطمئن إلى سلامة العملية الانتخابية أكد المستشار حاتم بجاتو، الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية في تصريحات خاصة، أن اللجنة «يساورها القلق حفاظا على سلامة الانتخابات»، لكن إذا كانت اللجنة لم تطمئن إلى سلامة التصويت في جولة الإعادة فمن حق اللجنة اتخاذ الإجراءات التي تضمن إجراء الانتخابات بشكل سليم، موضحا أن كل الاحتمالات في هذه الحالة واردة، وللجنة الانتخابات اتخاذ القرار الذي تراه مناسبا «لأنهم لن يقبلوا بتزييف إرادة الشعب»، مؤكدا في الوقت نفسه أن البطاقات المسودة التي يتم ضبطها بعيدة عن صناديق الانتخابات، وبالتالي فإن اللجنة تطمئن إلى سير العملية الانتخابية.

وأوضح مصدر أمني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن جهات تحقيق متعددة، ومن بينها جهات أمنية رفيعة المستوى، تشارك في التحقيق بغية التوصل إلى هوية مرتكبي واقعة تسريب بطاقات إبداء الرأي المصوت عليها أمام اسم المرشح مرسي. وقال: «نقوم بتعقبهم وتقديمهم للقضاء»، مشيرا إلى أن تلك الأفعال هي جرائم جنائية يعاقب عليها القانون بالسجن المشدد.

ونفت حملة مرسي مسؤوليتها عن البطاقات المسربة من المطابع الأميرية، وقالت في بيان لها أمس إن لجنتها القانونية تقدمت ببلاغ إلى النائب العام «ضد المطابع الأميرية»، بينما أشار ياسر علي، المتحدث باسم الحملة، إلى أن هناك خطأ مطبعيا أمام اسم مرسي في بطاقات التصويت وليس تسويدا.

وكان المستشار فاروق سلطان قد قرر مد فترة العمل بعملية الاقتراع في جولة الإعادة، لمدة ساعتين، بحيث تنتهي اللجان الفرعية من أعمالها في تمام الساعة العاشرة من مساء أمس بدلا من موعدها المقرر في الثامنة مساء. وأشار المستشار سلطان إلى أن هذا القرار جاء لإتاحة الفرصة لأكبر قدر ممكن من المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن المؤشرات الأولية للعملية الانتخابية تشير إلى انخفاض نسب التصويت. ويبلغ عدد اللجان الانتخابية الفرعية 13 ألفا و99 لجنة.

وأضاف سلطان أن إعلان النتائج سيكون أولا بأول من اللجان الفرعية بعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح، وأنه فور انتهاء كل لجنة فرعية من فرز الأصوات وإعداد محضر بإجمالي أصوات الناخبين في اللجنة، والأصوات الباطلة والصحيحة، وما حصل عليه كل مرشح، ثم إرسال النتيجة إلى اللجنة الانتخابية العامة كي تتولى بدورها جمع واحتساب الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في دائرتها التي تضم عددا من اللجان الفرعية.

وتحدثت تقارير ميدانية لعدد من المنظمات التي تراقب العملية الانتخابية عن انخفاض الإقبال على الاقتراع بشكل ملحوظ في غالبية المحافظات المصرية. وشهدت الشوارع والميادين الرئيسية بالإسكندرية انتشارا أمنيا واسعا من قبل قوات الجيش. وواصل غالبية الناخبين في الإسكندرية مقاطعة الانتخابات، وذلك لعدم الاقتناع بأي من المرشحين مرسي وشفيق، بعد أن كانت المدينة قد شهدت في الجولة الأولى إقبالا مكثفا على التصويت.