الأمير سلمان.. الحكم والمرجع المسؤول عن أبناء الأسرة المالكة

سعة الأفق وقوة التحمل والصبر والحكمة والحلم والحزم أبرز سمات ولي العهد

خادم الحرمين الشريفين يتوسط إخوانه الأمراء في إحدى المناسبات الخاصة
TT

بدأ الشعب السعودي مبايعة الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد في المملكة العربية السعودية التي أسسها والده الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود قبل نحو 80 عاما، في الوقت الذي أجمعت فيه ردود الفعل المراقبة للمشهد السعودي على أن «الأمير سلمان هو المرجع والحكم في الكثير من معضلات الأمور».

وركزت ردود الفعل التي تم رصدها بعد 24 ساعة من الإعلان الرسمي عن أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اختار الأمير سلمان لولاية العهد، على أنه «المسؤول عن شؤون الأسرة المالكة من أبناء وبنات آل سعود الذين ينظر له كبارهم على أنه الأخ الحكيم، ناهيك عن أن صغار السن منهم يرونه الأب الحنون».

ووفقا للتقارير التي تتبعت ردود الفعل المحلية والإقليمية، يقول خبراء في شؤون المملكة والخليج إن فترة تسلم الأمير سلمان لإمارة منطقة الرياض فترة تتجاوز نصف قرن من الزمن جعلت منه «شخصية تحظى باحترام كبير بين أبناء أسرة آل سعود، إضافة إلى أنه يتمتع بتأييد واسع في صفوف المواطنين في المملكة التي أسسها والده».

وبعد إصدار الأمر الملكي بتعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، ابتهل الشعب السعودي إلى الله، سائلين له العون على حمل الأمانة، والمسؤولية الجسيمة التي وضعت على كاهله، وأن يسخر البطانة الصالحة لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لينهض بالمسؤولية الملقاة عليه في هذا الوطن قبلة المسلمين.

ولم يكن قرار تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد مفاجئا، فخبرته المتراكمة، وحنكته السياسية، وقدرته على إدارة الأمور بحكمة أكدت أنه «خير خلف لخير سلف».

ويرى المجتمع السعودي أن ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز جاء ليكمل ما بدأه فقيد الأمة الأمير نايف من العطاء للدين والوطن، ومواصل لمسيرة التنمية الاقتصادية، مؤكدين أن القرار جاء ليضع الرجل المناسب في المكان المناسب.

وفي هذا الخصوص، قال الدكتور صدقة فاضل عضو مجلس الشورى وأستاذ العلوم السياسية لـ«الشرق الأوسط» إن مشاعر المواطنين اختلطت بين الحزن والسرور في هذه الأيام، ورغم أن فقدان الأمير نايف بن عبد العزيز تسبب بحزن شديد، فإننا قوم: إذا مات منا سيد قام سيد، لذلك غمر المجتمع السعودي الفرحة أيضا بتولي الأمير سلمان بن عبد العزيز مقاليد ولاية العهد.

وأضاف أن «الأمير سلمان بن عبد العزيز خير خلف لخير سلف، فهو شخصية غنية عن التعريف والتقريظ والمديح، وإن كنا نريد فقط إلقاء قليل من الضوء على سيرة هذا الرجل العظيم، فيمكن أن نسارع بالقول: إنه رجل دولة من الطراز الأول، لديه خبرة سياسية وإدارية هائلة اكتسبها على مدار أكثر من نصف قرن، وهي المدة التقريبية التي أنيطت به مسؤوليات وطنية كبرى، قام بها خير قيام حتى أصبح يمثل ما يشبه المدرسة في السياسة والإدارة».

وأشار إلى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز لازم كل ملوك هذه الدولة، وشارك مباشرة في صنع القرارات السياسية الكبرى، التي اتخذتها هذه البلاد. وبالإضافة إلى ما لديه من خبرة سياسية وإدارية هائلة، فإنه ينبض وطنية وإخلاصا، وحرصا على كل ما يخدم بلاده ومواطنيه ويعلي من شأنهم. فتفانيه في خدمة دينه ووطنه، وتسخير كل إمكاناته لخدمة الوطن والمواطن، أكسبته محبة شعبه، وحب وتقدير ساسة وقادة الدول الشقيقة والصديقة.

ويرى صالح بن عبد الله كامل رئيس مجلس إدارة غرفة جدة أن قرار تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد لم يكن مفاجئا للكثيرين الذين يعرفون قدر ومكانة هذا الرجل، مؤكدا أن ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز يملك خبرة متراكمة، ومتمرس في العمل الوطني، إلى جانب ثقافته الواسعة، وقبل ذلك تمسكه بآداب دينه والحفاظ عليه.

ووصف الأمير سلمان بأنه «رجل جدير بالأمر الملكي، علاوة على أنه أثبت أنه رجل دولة يملك الحكمة في التعامل، والحزم في مواجهة الأمور، والسماحة في التعامل مع الجميع، وسار بأقواله وأعماله على منهج وسياسة الوطن، وسيعمل بمشيئة الله تعالى على الحفاظ على أمن واستقرار بلد الحرمين الشريفين».

من جانبه أكد مازن بترجي نائب رئيس مجلس الإدارة أن اختيار صاحب الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد جاء تأكيدا لحرص الحكومة الرشيدة على عدم تأثر مسيرة التنمية التي تعيشها البلاد، وخير عوض للشعب السعودي عن الأمير نايف بن عبد العزيز، الذي كان صمام الأمن والأمان ليس في المملكة العربية السعودية فقط، بل في المنطقة بأسرها.

وشدد على أن المجتمع الاقتصادي سيكون الأكثر ترحيبا بالقرار الملكي، مشيرا إلى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز يتمتع بعلاقات دولية، وله حضوره الدولي المؤثر، وهذا ما أكدته زيارته الأسبوع الماضي لعدد من دول أوروبا ولقاءاته مع زعماء العالم، فهذه الزيارة دليل على ما يتمتع به من ثقل دولي وحضور قوي، سيساهم في تعزيز مكانة المملكة على الصعيد الدولي.

وأشار الأمين العام لغرفة جدة عدنان بن حسين مندورة أن هناك حالة عامة من الرضا على كل الوجوه في المملكة العربية السعودية، باختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد، مبينا أن الجميع يؤمن بأنه عندما يذهب سلف صالح يأتي خلف صالح يضيف ويكمل ما بدأه في العطاء للدين والوطن.

ودعا الله أن يسخر البطانة الصالحة لولي العهد الجديد، لينهض بالمسؤولية الملقاة عليه في هذا الوطن قبلة المسلمين، وأن يسدد خطاه ليكون سندا وعونا لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

ووصف نائب الأمين العام لغرفة جدة حسن دحلان ولي العهد الجديد بـ«رجل الحكمة والعطاء»، وقال: «يعرف الجميع الأسلوب الحكيم الذي يحزم به الأمير سلمان بن عبد العزيز الأمور، ووقوفه دائما في صف الضعفاء وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث أطلق منذ وقت مبكر جمعية الأمير سلمان الخيرية التي ترعى المحتاجين، وتساهم بشكل كبير في تخفيف معاناة المكلومين والضعفاء».

وبارك المهندس محيي الدين حكمي مساعد الأمين العام لغرفة جدة للشعب السعودي تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز وليا للعهد، وقال: «المملكة مصنع للرجال، وإذا غاب في هذا الوطن عظيم يأتي عظيم، والأمر الملكي جاء ليضع الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث يمتلك ولي العهد الجديد الحكمة والحلم والعطاء وبعد النظر، وحقق الكثير من الإنجازات خلال توليه إمارة منطقة الرياض وفي جميع المناصب التي تقلدها وآخرها وزارة الدفاع».

وأكد الدكتور عبد الله صادق دحلان عضو مجلس إدارة غرفة جدة أن الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع يحظى بحب واحترام الجميع في الداخل والخارج، مبينا أن ولي العهد صاحب أياد بيضاء في العطاء والخير، كما أن شخصيته تجمع بين الحزم والحلم، القوة والسماحة.

وأشار إلى الملفات المهمة التي اضطلع بمسؤوليتها ممثلا للمملكة، والتي نالت إعجاب العالم بأكمله، مؤكدا أن الأمير سلمان بن عبد العزيز شخص من الطراز الرفيع، يملك فكرا ثاقبا وحضورا قويا.

يشار إلى أن الأمير سلمان تم تعيينه عام 1955 أميرا لمنطقة الرياض، إلا أنه استقال عام 1960 قبل إعادة تعيينه عام 1963 إلى حين توليه وزارة الدفاع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو الابن الخامس والعشرون للملك عبد العزيز، وقد تزوج ثلاث مرات ولديه 12 ابنا بينهم اثنان توفيا خلال العقد الماضي.

وكان الأمير سلمان رئيسا لجمعيات عدة شملت مهامها تقديم المساعدات لمصر والجزائر والأردن والفلسطينيين وباكستان وسوريا من الخمسينات حتى أواخر السبعينات، كما تولى رئاسة لجنة تقديم العون للكويتيين عام 1990. والبوسنة والهرسك عام 1992، وجمع التبرعات لانتفاضة القدس عام 2000.

ويشرف الأمير سلمان أيضا على الهيئة العليا لتطوير الرياض التي أصبح عدد سكانها 5.6 مليون نسمة، كما اتسعت مساحتها لتصل إلى ما لا يقل عن عشرة آلاف كلم مربع مع الضواحي. كما يتولى رئاسة لجان تعنى بالصحة ومؤسسات تهتم بالتعليم الجامعي.