سعد الدين إبراهيم لـ «الشرق الأوسط»: قرى أقباط في صعيد مصر حوصرت حتى لا تنتخب

المفكر السياسي يؤكد أن صدام الإخوان و«العسكري» سينتهي بسحقهم.. وشفيق الأصلح لمصر حاليا

د. سعد الدين إبراهيم
TT

دعا المفكر السياسي المصري، سعد الدين إبراهيم، إلى إعادة جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في مصر تحت إشراف دولي إسلامي أو عربي كحل وحيد لتجاوز حالة الاحتقان الموجودة حاليا، وأوضح سعد الدين أن دخول جماعة الإخوان المسلمين في صراع مع المجلس العسكري سينتهي في غير صالح الجماعة في سيناريو مشابه لما حدث في عامي 1954 و1965.

وكشف سعد الدين، رئيس مجلس أمناء مركز «ابن خلدون»، والذي شارك مؤخرا في مراقبة الانتخابات الرئاسية في مصر، عن أن قرى كاملة في صعيد مصر معظم سكانها من الأقباط تم محاصرتهم من قبل الإسلاميين، سواء الذين ينتمون لجماعة الإخوان أو السلفيين، حيث تم منعهم من الخروج من بيوتهم وقراهم للتصويت بشكل قاطع في محافظات بني سويف، والمنيا، وأسيوط، وسوهاج.

وقال سعد الدين، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التجاوز هو أسوأ تجاوز يمكن حدوثه في حق الناخبين في الانتخابات ولا يمكن وصفه إلا بالإرهاب»، مشيرا إلى أن ذلك منع كتلة تصويتية تتجاوز الـ600 ألف ناخب من الذهاب لصناديق الاقتراع».

وقال سعد الدين «هذه الحوادث تم رصدها عبر الأجهزة ومنظمات حقوق الإنسان التي راقبت الانتخابات الرئاسية»، وتابع «وهي جميعها منظمات تحرص على بيان كل ملاحظاتها في العملية الانتخابية بشكل دقيق وبعد وقت من انتهاء العملية الانتخابية».

واعتبر سعد الدين أن المصريين قطعوا شوطا كبيرا في اتجاه الديمقراطية، قائلا «لا يمكن رد المصريين عن الديمقراطية لأن المصريين ذاقوها ولن يتخلوا عنها».

وحمل سعد الدين الارتباك السياسي الحالي الذي تشهده مصر إلى إعلان حملة الدكتور محمد مرسي، مرشح الإخوان، فوزه بالانتخابات فجر الاثنين الماضي بعد ساعات قليلة من غلق باب التصويت.

وقال سعد الدين «ما فعله الإخوان بإعلان النتائج بعد ست ساعات من نهاية الاقتراع وقبل إعلانها رسميا كان حماقة واستباقا وغصبا واغتصابا وابتزازا للجنة العليا للانتخابات تسبب في اشتعال المشهد السياسي في مصر».

وقبل ساعات قليلة من إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية اسم الفائز بجولة الإعادة ورئيس مصر القادم، اتهم سعد الدين مرشح جماعة الإخوان بقيادة تيار لاقتناص مصر لبداية مشروع الخلافة، موضحا أنه في حال فاز مرشح الإخوان بالرئاسة، فإن «المرشد» سيحكم مصر، قائلا «الإخوان تنظيم هرمي والمرشد في قمة الهرم وكل من ينتمي للجماعة يلتزم بأوامر وتعليمات المرشد، ومرسي لن يفعل أي شيء ذي بال إلا بعد الرجوع لـ(المرشد)».

وتصور جماعة الإخوان المسلمين مرشحها الدكتور محمد مرسي على أنه مرشح الثورة، لكن سعد الدين قال «إن الإخوان المسلمين شاركوا في الثورة من اليوم الخامس لكنهم يتعاملون الآن على أنهم حزب الثورة»، متابعا «هم يستدرجون الشباب لميدان التحرير لزيادة أنصارهم استغلالا لكراهية البعض للمجلس العسكري، الأكثر نضجا من الشباب لم يتم استدراجهم».

وحول أي المرشحين الأفضل حاليا لمصر، قال سعد الدين «باعتقادي الأفضل للمرحلة الراهنة هو الفريق شفيق الذي يسعى للحفاظ على عقل ووجدان مصر المدنية وبناء دولة نموذج في التنمية والديمقراطية لكي تقود المنطقة من جديد».

وأشار سعد الدين إلى أن الغرب يريد من مصر أن تحترم المعاهدات الدولية وعلى رأسها معاهدة السلام مع إسرائيل، ويريد مصر مستقرة، ويريد مصر ديمقراطية، قائلا «الغرب يريد الديمقراطية في مصر ولكنها ليست الهدف الأول».

وأضاف سعد الدين «من يحقق تلك الأهداف هو الفريق شفيق الذي يتمتع بثقة الطبقة المتوسطة في مصر، وثقة الرأي العام العربي والدوائر السياسية الغربية وهو معروف لمعظم هذه الدوائر بانتمائه لمؤسسة حديثة مثل مؤسسة الجيش، وبالتالي يلتزم بكلامه ووعوده».

ويحاول البعض تصوير شفيق على أنه مرشح النظام السابق ووصمه بلفظة «الفلول»، لكن سعد الدين قال «كلنا كنا ننتمي للنظام السابق، سواء كنا محاربين له أو عاملين في صفوفه»، متابعا «الإخوان كانوا جزءا من النظام وكان لهم 88 عضوا في البرلمان»، وشدد سعد الدين على أنه ضد أي عزل للمواطنين المصريين.

ويتوقع مراقبون أن تشهد البلاد اضطرابات عنيفة حال فاز الفريق شفيق بالرئاسة من قبل أنصار الثورة وجماعة الإخوان. واقترح سعد الدين إعادة جولة الإعادة تحت إشراف دولي قائلا «الحل الوحيد للخروج من حالة الاحتقان الحالي وحقن الدماء، خاصة إذا لم يقبل الناس قرار اللجنة العليا للانتخابات، هو إعادة جولة الإعادة تحت إشراف دولي إسلامي أو عربي».

وقال سعد الدين «لو فاز شفيق، ربما يصنع الإخوان صراعا مع المجلس العسكري، وهو احتمال قائم لا ينبغي حذفه من حساب الاحتمالات»، وتابع بحزم «لكن إذا ارتكبوا تلك الحماقة فإنهم سيخسرون حتما وسيتكرر ما حدث لهم عامي 1954 و1965»، وأضاف سعد الدين «ولو دخلوا في مواجهة مسلحة مع المجلس العسكري فلن يحصلوا على دعم الشعب الذي سيطلب من الجيش تطبيق القانون».

واستشهد سعد الدين بمقولة جمال البنا، الشقيق الأصغر لمؤسس جماعة الإخوان حسن البنا، الذي قال عن الإخوان «إنهم لا ينسون ولا يتعلمون».

ولفت سعد الدين إلى أن أخطاء الإخوان الرئيسية في الفترة الماضية كانت استعجال الوصول للسلطة والرغبة في الاستئثار بها، والاحتكار والتأبيد، وهو ما يؤكد أنهم الحزب الوطني فرع المعاملات الإسلامية.

وعقد مرسي مؤتمرا صحافيا أمس مع الكثير من الرموز الوطنية خاصة من التيار الليبرالي والعديد من شباب الثورة، بينما بدا اصطفافا وطنيا خلف مرسي لمواجهة الفريق شفيق. لكن سعد الدين، الذي شارك في لقاء آخر لرموز ليبرالية للاصطفاف في تيار ثالث يدعو إلى مدنية الدولة ويساند المرشح شفيق، قال «لا يجوز تصوير الاصطفاف حول مرسي بأنه اصطفاف وطني، هم مجموعة لا تمثل الأغلبية ولا تمثل كل الشعب المصري».

وقال سعد الدين «الإخوان يشنون حربا نفسية إيحائية لإيهام الرأي العام والمجلس العسكري بأنهم يحتكرون الدعم في مصر عبر الصناديق الانتخابية وميدان التحرير والقوى السياسية»، وهو ما يراه سعد الدين غير دقيق.