قيادي معارض لـ «الشرق الأوسط»: الخرطوم تتفاوض مع أطراف معارضة لاحتواء الانتفاضة

السفير السوداني في لندن يتهم محتجين بمحاولة إحراق السفارة > مظاهرات في جامعة الخرطوم وأحياء أم درمان

صورة من أحد المواقع السودانية المعارضة لمظاهرة سلمية لطلاب كلية الطب بجامعة الخرطوم أمس
TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن وجود حوارات تجريها الحكومة السودانية مع بعض أطراف المعارضة في الداخل، في محاولة لاحتواء الانتفاضة التي بدأت قبل أسبوعين، في وقت حذرت فيه قيادات معارضة من الدخول فيما سمته بالصفقات والمساومات مع النظام الحاكم، وشددت على ضرورة الاستمرار في الانتفاضة الشعبية لإسقاط النظام وإيجاد البديل الديمقراطي، في غضون ذلك، اتهم السفير السوداني في لندن متظاهرين قاموا بمظاهرة أمس أمام السفارة بمحاولة حرقها.

وقالت المصادر التي فضلت حجب اسمها لـ«الشرق الأوسط» إن الخرطوم بدأت الاتصال مع أطراف في المعارضة بغية احتواء الانتفاضة الشعبية التي بدأها الطلاب والشباب في الجامعات والمعاهد، ومن ثم انتقلت إلى الأحياء السكنية، وتوجت يوم الجمعة الماضية فيما عرف بجمعة «لحس الكوع»، إلى جانب مظاهرات قام بها سودانيون في عدة عواصم أوروبية أمام سفارات بلادهم، أكبرها في لندن، غير أن المصادر رفضت الكشف عن أطراف المعارضة التي دخلت في أي اتصالات مع الحكومة.

من جانبه، قال رئيس الجبهة الوطنية العريضة المعارضة علي محمود حسنين لـ«الشرق الأوسط» إن على قوى المعارضة والشعب السوداني تفادي الحوار والصفقات الثنائية مع نظام عمر البشير، وكشف عن وجود إشارات واضحة بأن النظام يجري حوارات مع فصائل في المعارضة، وأضاف: «يجب أن تنتهي الانتفاضة إلى مراميها بإسقاط النظام وحل جميع مؤسساته ومحاكمة رموزه، وأي اتجاه لكسر الصفوف بالدخول في حوارات وصفقات من البعض نحذر منه»، وقال: «مجرد التفكير في ذلك سيواجه من الشعب السوداني، ولن يكون بينه من يتسلق على أكتافه، وكلنا أجمعنا على إسقاط النظام، وإيجاد البديل الديمقراطي»، وأضاف: «لا أريد أن أحدد حزبا بعينه في هذه المرحلة، لأنه ليس من مصلحة المعارضة والانتفاضة الشعبية الجارية أن نكشف التفاصيل حتى لا نشق الصفوف»، مشددا على أن أي حزب أو كيان لا يقف مع الشعب في هذه المرحلة يجب ألا يقف ضده، وقال إن الحكومة بدأت تستشعر بأنها أصبحت في حالة غرق على الرغم من القهر والعنف ضد الثوار، كما يفعل النظام السوري الآن، وأضاف: «لذلك تسعى إلى تقديم سيناريوهات، منها إدخال أحزاب لتفادي الغرق الشامل، الذي سيقود إلى إقامة نظام بديل».

وقال حسنين إن المؤتمر الوطني الحاكم ليس لديه مانع من تقديم تنازلات لفصائل في المعارضة من أجل كسبها لإجهاض الثورة، وأضاف أن التنازلات يمكن أن تصل إلى درجة أن يوافق النظام على تشكيل حكومة انتقالية اسما وليس فعلا، مشيرا إلى أن هناك معارضتين؛ واحدة تنظر إلى حساب الربح والخسارة في عملها، وأطلق عليها «المعارضة المحترفة»، وقال إنها يمكن أن تساوم في أي وقت لمصلحة الحزب أو الكيان أو التنظيم، وأضاف: «والثانية هي المعارضة التي تنظر إلى القضية الوطنية ولا تقبل أي مساومات في القضايا الوطنية»، وتابع: «نحن نمثل المعارضة الثانية ومعنا آخرون»، وقال إن جبهته قدمت مشروعا متكاملا لفترة ما بعد نظام البشير من مجلس رئاسي مكون من رئيس وستة نواب يمثلون أقاليم السودان، وأن تكون للرئيس دورة رئاسية واحدة تنتقل للإقليم الآخر، مدتها ما بين أربع سنوات إلى سبع سنوات، حسبما يتم الاتفاق عليه في الدستور. وأضاف: «نحن نسعى لإعادة هيكلة الدولة بصورة جذرية، وأن نتفادى التجربة المصرية».

من جانبه، نفى الأمين العام لحزب الأمة المعارض، الدكتور إبراهيم الأمين، لـ«الشرق الأوسط» وجود أي صفقات سياسية مع المعارضة. وقال إن حزبه ملتزم مع قوى الإجماع الوطني التي ستدخل في اجتماع غد (الثلاثاء) لمناقشة التطورات الحالية من الانتفاضة التي بدأتها الجماهير. وأضاف أن حزبه سيقيم ندوته الدورية بعد غد (الأربعاء) في داره بعنوان «البديل المقبل»، وشدد على عدم وجود حديث عن سيناريوهات مع النظام تحت أي اسم أو تجربة في المنطقة.

وقال: «لن نطبق أي سيناريو يمني أو مصري أو غيره ولكن يمكن أن نستفيد من تجارب الآخرين، كما أن لدينا تجربتنا الخاصة»، وتابع: «حوار حزبنا مع القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني الحاكم كان في برنامج الخلاص الوطني، ولكن حواراتنا مع الحزب الحاكم كانت نتيجتها صفرا كبيرا». وقال: «مشكلات البلاد لا يمكن أن يتم حلها بالتجزئة، ولا بد من إيجاد بديل عبر التغيير، وأي حديث عن حوار أو صفقات ومساومات غير وارد إطلاقا، ونحن لسنا مع هذا الاتجاه».

إلى ذلك، اتهم السفير السوداني لدى بريطانيا، عبد الله الأزرق، جهات في المعارضة نظمت مظاهرة، وصفها بـ«المحدودة» حاولت إحراق مبنى السفارة، وقال لوكالة السودان للأنباء الحكومية، إن «الحرس المكلف بحماية السفارة ألقى القبض على الفاعل».

وأضاف أن العملية قصد منها التدمير الكامل للسفارة بما فيها من موظفين ووثائق ومقدرات، مشيرا إلى أن منظمة لم يذكر اسمها هي التي مولت تكاليف ترحيل بعضهم من برمنغهام وليفربول ومانشستر لمقر السفارة. وقال إن بعض أبناء دولة جنوب السودان شاركوا في المظاهرات.

وكان المئات من السودانيين قد خرجوا في مظاهرة كبيرة لم تشهدها لندن خلال العشرين عاما الماضية، وقد جابت المظاهرة عددا من شوارع رئيسية في العاصمة البريطانية، ووصلت إلى مكتب رئيس الوزراء البريطاني، ومن ثم توجهت إلى مقر السفارة السودانية، هتف خلالها المتظاهرون بإسقاط النظام في الخرطوم، وتسليم البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال له في مارس (آذار) عام 2009. وقال عدد من قادة القوى السياسية الذين شاركوا في المظاهرة، وتحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، إن المسيرة التي شاركت فيها فئات مختلفة من الشعب السوداني في بريطانيا أكدت على وحدة المعارضة لتحقيق أهدافها بإسقاط النظام وتكوين البديل الديمقراطي، وطالبوا المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب تحقيق طموحات الشعب، وألا يقف مع النظام.

إلى ذلك، ذكرت مواقع للمعارضة السودانية، أن طلاب جامعة الخرطوم خرجوا، أمس، في مظاهرة تحدوا خلالها الطوق الأمني المفروض عليهم. وأشارت المصادر إلى أن المظاهرة الطلابية التي خرجت من المجمع الطبي، اشتبكت مع قوات الأمن والرباطة، (مجموعة شعبية مساندة للنظام) في محيط المجمع.

وذكرت أنباء أخرى أن مدينة أم درمان بدأت ما سموه «أسبوع الصمود»، حيث خرجت مظاهرات ليلية في أحياء ابروف، قرب سوق الشجرة، وفي شوارع حي العباسية، حيث وقعت مواجهة عنيفة بين المتظاهرين وميليشيات النظام، ولم يتسنّ التأكد من هذه الأنباء.