قراءات متباينة للمجلس الوطني حول نتائج مؤتمر جنيف.. وغليون يصفها بالـ«مهزلة»

الشيخ لـ «الشرق الأوسط» : الحد الأدنى لطموحات السوريين اقتلاع الأسد ومنظومته الأمنية

TT

تباينت قراءات قيادات المجلس الوطني السوري، لنتائج مؤتمر «مجموعة العمل الدولية حول سوريا» الذي انعقد في جنيف، أول من أمس؛ ففي حين اعتبر البعض أنه «يحمل ملامح إيجابية». وصف البعض الآخر، وخصوصا رئيس المجلس السابق برهان غليون، نتائجه بـ«المهزلة لأنه يطلب من الشعب السوري أن يحاور جلاده». بينما شدد رئيس المجلس العسكري في الجيش السوري الحر، العميد مصطفى الشيخ، على أن «الحد الأدنى لطموحات السوريين هو اقتلاع المنظومة الأمنية، ومنها بشار الأسد، من جذورها».

ورأى عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري سمير نشار أنه «ربما تكون هناك بعض الملامح الإيجابية من مؤتمر جنيف، التي لا يمكن التأكد منها الآن، وهي المرحلة الانتقالية لما بعد (الرئيس السوري) بشار الأسد، وإحالة مبادرة (مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية) كوفي أنان، وجعلها تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وطرح مصير الأسد للنقاش».

وأكد نشار لـ«الشرق الأوسط» أن «المجلس الوطني والشعب والثورة السورية، لن يقبلوا بالمشاركة في أي حكومة وحدة وطنية قبل تنحي الأسد عن السلطة بشكل نهائي»، وقال إن «الشعب الذي قدم هذا العدد من الشهداء والمعتقلين والجرحى والمعوقين والمهجرين، لن يقبل أقل من الحد الأدنى، الذي هو رحيل الأسد عن السلطة، وسنرى في الأيام المقبلة إذا كانت هذه الملامح إيجابية أم ستبددها السياسيات الدولية، ولذلك من المبكر الحكم على نتائج مؤتمر جنيف».

ونفى نشار «وجود تناقض بين أعضاء المجلس الوطني حول النظرة إلى هذا المؤتمر، إنما هناك تعبيرات بشكل مختلف؛ لكنها كلّها تصب بنفس الهدف»، وأضاف: «لا شك كنا نتوقع من هذا المؤتمر موقفا حاسما، وهو تنحي الأسد عن السلطة لحقن دماء السوريين، لكن لم نتسلم مثل هذه الرسالة».

وردا على سؤال مع من تكون حكومة الوحدة الوطنية إذا كان الشرط المسبق رحيل الأسد ونظامه، أجاب نشار: «لا يزال في هذا النظام بعض الأشخاص الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب السوري وبالفساد، وهؤلاء يمكن أن نتفاهم معهم».

أما رئيس المجلس العسكري في الجيش السوري الحر العميد مصطفي الشيخ، فأكد أن «نتائج المؤتمر لم توفر الحد الأدنى من طموحات الشعب السوري»، مشيرا إلى أن ذلك يتمثل في «اقتلاع هذه المنظومة الأمنية، ومنها بشار الأسد، من جذورها، وإزالتها من القاعدة إلى القمة ومحاكمة القتلة والمجرمين، وبعدها نفكر بحكومة وحدة وطنية».

وقال الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: «إذا لم ينطلق الحل من إزالة الأسد وزمرته، لا يمكن وقف النار». وأضاف: «نحن في الأساس لم نعول على مواقف الغرب الذي يساوم على طموحات شعبنا، ولم نلتفت إلى الدعم الخارجي، إنما نعول على شعبنا. فالمنظومة الدولية ترى مصالحها في تثبيت هذا النظام، الذي هو عبارة عن ماركة مسجلة لحماية ما يسمى بالاستقرار في الشرق الأوسط، وحماية مصالح مراكز الاستقطاب الدولي في المنطقة. وبنظر الغرب، فإن الثورة تدمر هذه البنية، ولذلك هي تعطيه الفرص للإجهاز عليها، لكن عندما يجد الغرب أن وتيرة الميدان ذاهبة بعكس توجهاته يسارع إلى إنقاذ مصالحه». ولفت الشيخ إلى أن «المجتمع الدولي يريد أن ينتج حكومة جديدة بقالب قديم، لكن الشعب السوري تجاوز كل المعوقات الدولية؛ ففي حياة الثورات ليس هناك أنصاف حلول، فإما حل شامل يقضي برحيل النظام ورموزه، وإما استمرار الثورة إلى أن تحقق أهدافها بيدها وبإرادتها».

أما الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري برهان غليون، فاعتبر أن المؤتمر «كان مهزلة بالمعنى الحرفي للكلمة». ورأى غليون في كلمة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن «أعضاء مجلس الأمن (الدولي) قبلوا الإملاء الروسي، وتخلوا عن واجبهم تجاه الشعب السوري، وتركوه وحيدا أمام جلاديه». وقال: «لقد رد النظام على هذه التحية بأحسن منها؛ فضرب أمس (أول من أمس) الرقم القياسي في عدد قتلى المجازر التي ارتكبها، والتي أصبحت المضمون الوحيد لسياسته (الوطنية)».

وأضاف غليون: «من السخرية أن تطلب مجموعة الاتصال من الشعب السوري أن يحاور جلاده الذي لم يتوقف منذ 16 شهرا عن قتل أبنائه والتنكيل بأطفاله واغتصاب نسائه، ودعوته إلى التفاهم معه على مرحلة انتقالية من دون تدخلات أجنبية، لكن لم يعد أمام الشعب السوري سوى خيار واحد هو خوض حرب التحرير الشعبية والانتصار فيها، مستعينا بالله وبأبنائه الأبطال، وبمساعدة الدول الشقيقة التي عبرت بالفعل عن دعمها الصريح لحقه في اقتلاع نظام الطغيان من الجذور وإقامة دولة ديمقراطية مدنية مستقلة وسيدة».

إلى ذلك، رأت المتحدثة باسم «المجلس الوطني السوري»، بسمة قضماني، أن البيان الختامي لاجتماع جنيف يتضمن «بعض العناصر الإيجابية»، على الرغم من أن الخطة بمجملها «غامضة جدا». وقالت: «يبدو أن هناك بعض العناصر الإيجابية، لكن تبقى عناصر مهمة مبهمة جدا، والخطة غامضة جدا لرؤية تحرك حقيقي وفوري». ولفتت إلى «عنصرين إيجابيين؛ الأول هو أن البيان الختامي يشير إلى أن المشاركين اتفقوا على القول إن عائلة الأسد لم يعد بإمكانها أن تحكم البلاد، وإنها بالتالي لا يمكنها قيادة الفترة الانتقالية. والنقطة الثانية الإيجابية هي أن هناك اتفاقا على القول إن الانتقال يجب أن يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري»، ورأت قضماني أن «هذا التعبير بالنسبة إلينا يعني رحيل الأسد، لأن السوريين سبق أن عبروا عن رأيهم في هذا المجال».

وعلى الجانب الآخر، لم يسلم المؤتمر من انتقادات من جهة الإعلام الرسمي السوري.. وتحت عنوان: «اجتماع مجموعة العمل ينتهي إلى الفشل»، قالت صحيفة «البعث»، الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم: «لم يخرج اجتماع جنيف عن كونه إطارا موسعا لجلسات مجلس الأمن؛ حيث مواقف المشاركين بقيت على حالها». ورأت الصحيفة أن «حل الأزمة السورية لن يكون إلا سوريا بإرادة أبنائها القادرين على إطلاق حوار وطني، لا مكان فيه للآخرين».

أما صحيفة «الوطن»، المقربة من النظام، فأشارت إلى أن البيان الختامي لاجتماع جنيف «خلا من أي إشارة إلى سيناريوهات ليبية أو يمنية جرى الترويج لها عبر وسائل إعلام عربية وغربية في الأيام الأخيرة»، معتبرة أن ذلك «شكل حالة إحباط لدى معارضة الخارج».