المعارضة السورية تتفق في القاهرة على العمل المشترك لإسقاط الأسد

مصادر الجامعة لـ «الشرق الأوسط»: العربي استعان بعواصم عربية لرأب الصدع

TT

بعد خلافات ومباحثات معقدة استمرت حتى الساعات الأولى من فجر أمس، توصلت جماعات المعارضة السورية في المؤتمر، الذي عقد في القاهرة تحت رعاية الجامعة العربية، إلى إجماع على أن الحل السياسي في سوريا يبدأ بإسقاط النظام ممثلا في بشار الأسد ورموز السلطة وضمان محاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين، والعمل على دعم «الجيش السوري الحر». وقالت مصادر الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» إن أمينها العام، نبيل العربي، أجرى اتصالات بعواصم عربية لرأب الصدع بين الأطراف السورية المعارضة.

وصدر عن المؤتمر عدة وثائق؛ هي وثيقة توافقية تحدد الرؤية السياسية المشتركة للمعارضة السورية إزاء تحديات المرحلة الانتقالية، ووثيقة العهد الوطني التي تضع الأسس الدستورية لسوريا المستقبل، وهي: العدالة والديمقراطية والتعددية. وشهد الاجتماع في يومه الثاني، أول من أمس، وحتى وقت متأخر استمر إلى ما بعد منتصف الليلة قبل الماضية، مشاجرات بالأيدي وانسحاب جماعة كردية واختلافات حول أفضل السبل لإيجاد جبهة موحدة ضد نظام الأسد. وأجمع المؤتمرون في نهاية المطاف على أن الحل السياسي في سوريا يبدأ بإسقاط النظام ورموز السلطة وضمان محاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين.

كما طالب المؤتمر بالوقف الفوري لأعمال القتل التي يرتكبها النظام السوري، وكذلك الانتهاكات وسحب الجيش وفك الحصار عن المدن والأحياء السكنية السورية وإطلاق سراح المعتقلين فورا، مؤكدا ضرورة دعم «الجيش السوري الحر»، وكل أشكال الحراك الثوري، والعمل على توحيد قواه وقياداته خدمة لأهداف ثورة الشعب السوري.

وأكد المؤتمر دعوة جميع مكونات الشعب السوري للعمل على حماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية. كما أكد المؤتمرون من خلال الوثائق الصادرة عن المؤتمر على أن التغيير المنشود في سوريا لن يتم إلا بالإرادة الحرة للشعب السوري الثائر ضد النظام القمعي والمستبد.

وطالب المؤتمر بوضع آلية إلزامية توفر الحماية للمدنين وبجدول زمني للتنفيذ الفوري والكامل لقرارات جامعة الدول العربية ومجلس الأمن ومطالبته باتخاذ التدابير اللازمة لفرض التنفيذ الفوري لتلك القرارات. وجرى تعديل وثيقة العهد وفق المناقشات والملاحظات التي أبدتها أطراف المعارضة.

وقالت مصادر الجامعة العربية إن الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة نجح في نزع الألغام والخلافات التي كادت تعصف بمؤتمر المعارضة، وأجرى اتصالات مهمة مع وزراء خارجية السعودية وقطر وتركيا.. واستمر في ذلك حتى ساعات متأخرة من منتصف الليلة قبل الماضية، حيث تعامل مع الخلافات الظاهرة والمكتومة بين القوى السياسية، وأكد لهم أن مصالح سوريا ومحنتها التي تمر بها أكبر من تغيير مصطلحات أو تأجيل التوافق الوطني.

وأضافت المصادر أن العربي ظل بين أروقة المؤتمر والمنصة، وبين نائبه ومساعديه، حتى سيطروا على الموقف بإطفاء حرائق الغضب، خصوصا أن التيار الكردي بتمثيله الثلاثي (اتحاد القوى الديمقراطية الكردي، والحركة التركمانية، والمجلس الوطني الكردي) تمسك بوضع 3 شروط حتى يعود إلى القاعة، وهي: الإقرار في الدستور بوجود الشعب الكردي في سوريا وهويته وحقوقه القومية المشروعة والعهود الدولية ضمن إطار وحدة الوطن السوري، واعتبار اللغة الكردية لغة رسمية في المناطق الكردية، واستبدال كلمة «الشعب الكردي» بـ«المواطن الكردي».. كما طلب بعض منهم بأن يكون الضامن الدكتور العربي والسفير الأميركي، ولكن لم يتضح هل هو السفير الأميركي لدى مصر أم سفير أميركا لدى روسيا الذي وجد بين أروقة مؤتمر المعارضة السورية في القاهرة.

وبعد مشاورات أفاد الدكتور ناصر القدوة لـ «الشرق الأوسط»بأن المشكلة حلت باستبدال كلمة «القوميات» بكلمة «الشعوب» التي تثير نعرة التقسيم، ولكنه كان مستاء من لغة الحوار وكثرة الخلافات.

ومع استمرار الدفع بصيغ التفاهم الجديدة، فإن وثيقة إسقاط الحكم قد ذيلت بملاحظة تنص على أنه تم اعتماد الوثيقة (الرؤية السياسية المشتركة وإسقاط السلطة الحاكمة والمرحلة الانتقالية) من قبل المؤتمر، والتوافق بالإجماع على بنودها باستثناء ما يتعلق بالمطالبة باستخدام مصطلح «الشعب الكردي» وكذلك «الشعب التركماني». وأقر المؤتمر بالتوافق على جميع بنود الوثيقة باستثناء ما يتعلق بهذين المصطلحين، مع إقراره مبدأ الحقوق الكاملة المتساوية في المواطنة للأكراد والتركمان والآشوريين وجميع أطياف الشعب السوري، وقد ترك الموضوع للمزيد من التشاور بين مختلف أطراف المعارضة السورية.

وبعد حل هذه المشكلة طفت مشكلات أخرى تتعلق بمعارضة الهيئة الوطنية للتنسيق لتأجيل إقرار وثيقة العهد، وكذلك معارضة تيار «الإخوان» لعدم وضوح علاقة الدين بالدولة. وفي هذه النقطة توقع هيثم مناع، رئيس الهيئة التنسيقية للمعارضة السورية، قبل ساعة من إقرار وثيقة العهد، بتأجيلها.. خصوصا أنه يصر على أهمية تشكيل لجنة متابعة في حين يرى المجلس الوطني عدم الحاجة إليها في الوقت الراهن، مما دفع مناع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بالقول إن المجلس الوطني السوري يسيطر على «الانفراد بالقرار». واقترح مناع أن يتم التصويت على (وثيقة العهد) نظرا لأهميتها، حيث اعتبرها الوثيقة المؤسسة للجمهورية الثانية في سوريا. وانتقد مناع انفراد المجلس الوطني السوري بالقرار، وقال: «كيف يرفض اعتماد بند يتعلق بتشكيل لجنة متابعة لتقييم ما تم الاتفاق عليه».

وتساءل مناع: «هل يعقل أن يسمي المجلس الوطني نفسه وكيل أعمال المعارضة وتمويلها وإدارتها وعلاقاتها الدولية؟»، وأضاف قائلا: «وبذلك لسنا في حاجة إلى هذا المؤتمر أو غيره ولا للجامعة في ظل انفراد المجلس الوطني السوري بكل شيء»، مضيفا أن المجلس الوطني غير قادر على التحلل من هذه الفكرة. وحول التحرك المستقبلي للمبعوث المشترك، كوفي أنان، قال الدكتور ناصر القدوة: «لدينا اجتماع في مجلس الأمن بعد 10 أيام، وسيكون مخصصا لدراسة تقرير الأمين العام حول بعثة المراقبين ومسألة تمديد التفويض من عدمه، أما موضوع (أصدقاء سوريا) فسيعقد يوم الجمعة المقبل، وسوف نرى أيضا ما سيتمخض عنه».

وردا على سؤال حول زيارة أنان المرتقبة لسوريا، قال إنه سوف تتم بكل تأكيد ولكن لا يوجد موعد محدد لهذا الأمر، والاتصال دائم مع كل الأطراف السورية والدولية.