الأمير الحسن بن طلال: لا أؤمن بحوار الديانات.. بل بحوار أتباع الديانات

قال في محاضرة بفاس: قبل سد فجوة الموازنة العامة للدول يجب سد فجوة الكرامة الإنسانية

TT

شدد الأمير الحسن بن طلال، في محاضرة ألقاها في فاس المغربية، على أن الثقافة تبدأ بالصدق مع الذات والصدق مع الآخر ثم الصدق مع المحيط الاجتماعي والسياسي. وأوضح أن الأمية الثقافية هي تلك التي تبتعد عمدا عن تمكين وتفعيل الإنسان العربي المسلم، وتبتعد عمدا عن الصالح العام وتعظم الفردية (الأنا)، حيث اعتبر أنه من الندامة أن نرى هذه الأيام أربع دول فقط هي ذات الشأن في المنطقة من غرب آسيا إلى شمال أفريقيا، وهي تركيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل، ملاحظا أن العرب ليسوا بحاجة إلى أعداء «لأننا أعداء أنفسنا وأعداء الفكرة الأساسية في أي تطور أو تقدم خلاق، إذ إن ثقافة الأمية هي الآفة التي تواجهنا» على حد قوله.

وقال الأمير الحسن «آن الأوان أن ننتهي من التكيف مع الرياح العاتية، وأن نتحدث عن المرحلة الثانية من رحلتنا لتعزيز دور المفكر العربي، مذكرا بأسماء العديد من المفكرين العرب الذين لهم قيمتهم الكبيرة وتفكيرهم الفاعل في الفكر العربي المعاصر. وأضاف قائلا «إنني لا أؤمن بحوار الديانات وكيف يكون ذلك الحوار، لكني أؤمن بحوار أتباع الديانات»، داعيا إلى الحديث عن تقاليدنا العربية وعن حكمة الإشراق، وموضحا أن الرؤية النقدية للتراث جعلت من النظام موضوعا رئيسيا للدراسة والتحليل والتكوين، وأن تراثنا اليوم مهدد ممن يفرضون علينا صور التقليد، في إشارة منه إلى أن «ذلك التركيب تتلخص فيه تركيبة الأمم المتحدة والمؤسسات المالية ما بعد الحرب الكونية الثانية، وأن ذلك التركيب مفروض علينا بما يسمى بحوار الحضارات».

إلى ذلك، قال الأمير الحسن «أنا لا أؤمن إلا بوجود حضارة كونية واحدة وعشرات الآلاف من الثقافات». ويرى الأمير «اننا بحاجة لمائة مليون فرصة عمل لجيل الشباب (15 سنة إلى 25 سنة)»، لكنه شدد على أن الأهم هو أن يكون العمل حفظا، وحفاظا على كرامة الإنسان. وأضاف قائلا «كفى الحديث عن سد فجوة الموازنة العامة للدولة فقط ودعونا نتحدث عن سد فجوة الكرامة الإنسانية».

وبشأن بناء خطاب عربي مقابل ردود الفعل اليومية للأزمات المتناقلة من بلد عربي لآخر في حالة من التأثر والقلق المستمر، عبر الأمير الحسن بن طلال عن اعتقاده بأن هجرة الكفاءات العربية إلى الخارج هي انعكاس لعدم ملاءمة النظام الاقتصادي والاجتماعي للعالم العربي للاحتياجات الإنسانية للقوى العاملة. وعزا الأمير الغاية من مجيئه إلى الخروج بشيء حسي قائم على الخبرة، بمنهج استكشافي يهدف لاستطلاع مستقبل العلاقات، وبمنهج استهدافي يمثل التدخل الواعي المباشر لتغيير المسارات المستقبلية.

وعقب إلقاء محاضرته، قال الأمير الحسن بن طلال لـ«الشرق الأوسط» حول توقيع اتفاقية بين جامعة فاس ومنتدى الفكر العربي «لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن هنالك أسسا واضحة وتحتاج إلى التشبيك في مجال اتحادات الجامعات العربية»، وأوضح كمثال لذلك؛ التوقيع على اتفاقية بين جامعة محمد بن عبد الله في فاس ومنتدى الفكر العربي، حيث توقع أن تحقق الجامعة قفزة نوعية جديدة، حيث التحول من الدراسات والمؤتمرات إلى دراسات استشراف المستقبل، إضافة إلى التعاون مع جامعة الأزهر والأزهر الشريف. وأوضح أن له عودة للقاهرة للحديث مع شيخ الأزهر حول موضوع الميثاق الاجتماعي العربي وحول موضوع محكمة عربية لحقوق الإنسان. وزاد قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نحاول أن نتصور المؤسسات التي تحتاجها الأضلع الثلاثة، القيادات السياسية والمجتمعية والاقتصادية، قبل أن تفرض علينا أو تتم المساءلة لنا من قبل أحد»، مفيدا بأنها بداية لنهضة ذاتية عربية فكرية تليق بطموحات كل من يرغب في التغيير نحو دولة القانون.

ومن جهته، قال عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية الذي حضر المحاصرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحاضرة دعوة إلى مراجعة الذات في اتجاه التطوير والتنوير الذي يعطينا المناعة في مقابل من يريد المزيد من الهيمنة والتحكم». واعتبر ابن كيران أن محاضرة الأمير هي مشروع ثورة داخلية إيجابية تنتقل بالأمة إلى مرحلة جديدة تتمثل فيها قيمتها بشكل صحيح وتخرج من منطق الطغيان والغلو حتى لا تقع في واقع الغزو.

أما عن دور الجامعة في تكريس مسار الفكر العربي، فقال السرغيني فارسي، رئيس جامعة محمد بن عبد الله بفاس، لـ«الشرق الأوسط»: «إن للجماعة دورا طلائعيا في بناء الفكر العربي، لأننا نسعى إلى خلق وتكوين مختبرات الأفكار كي لا نكون كمستهلكين للأفكار الغربية». وأوضح أن منتدى الفكر العربي الذي يترأسه الأمير الحسن بن طلال بشراكة مع جامعة محمد بن عبد الله يسعى إلى خلق حركية ودينامية في الأفكار على مستوى العالم العربي، مشيرا إلى أن المواجهة الآن ليست بالسلاح وإنما بالأفكار. ودعا فارسي إلى الإسراع من أجل إعطاء دفعة قوية في العالم العربي. على صعيد آخر، وشح عبد الإله ابن كيران الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه وساما ملكيا للكفاءة الفكرية.