«تصفية حسابات» بين المعارضين والموالين للنظام السوري في لبنان

ناشط لـ«الشرق الأوسط»: السفارة السورية تجند عمالا للعمل كشبيحة

TT

يبدو أن ارتدادات الثورة السورية على لبنان لم تتوقف على اللبنانيين المنقسمين بين معارضين لنظام الأسد ومتحمسين لإسقاطه وآخرين مؤيدين له، إذ بدأت بعض الحوادث الأمنية ترخي بظلالها على العمال السوريين الذين يعملون في معظم المناطق اللبنانية ويختلفون في توجهاتهم حيال ما يحدث في بلادهم.

آخر هذه الحوادث شهدها فجر أمس شارع الحمرا في منطقة رأس بيروت، حيث أقدم أحد العمال السوريين القاطنين في حي شارع التنوخي على طعن عامل آخر على خلفية مواقفه المؤيدة للنظام السوري. وأشار شهود عيان إلى أن «الحادث وقع عند الساعة الثالثة صباحا حيث كان المدعو ثائر فاضل عائدا من عمله على دراجة نارية، وبعد أن ركنها على جانب الطريق وبدأ يخطو بضع خطوات فوجئ بزميله في البناء الذي يسكن فيه وهو من مناصري المعارضة السورية يهجم عليه بآلة حادة ويرديه قتيلا». وجزم شهود العيان بأن «الحادث وقع على خلفية المواقف السياسية المتناقضة للرجلين، إذ يؤيد الضحية نظام الرئيس بشار الأسد، فيما القاتل يعارضه. ويتحدث الشهود عن الكثير من الملاسنات الحادة التي كان تحصل بين الاثنين خلال وجودهما في الشارع المحازي لمقهى يونس».

وفي الوقت الذي أشارت فيه بعض المصادر إلى أن الأجهزة الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على الجاني بعد حضورها إلى مكان الحادث، أكد شهود العيان بعد رفضهم الكشف عن اسم العامل الذي نفذ الجريمة أنه تمكن من الفرار إلى سوريا.

ويقلل علاء، أحد الناشطين السوريين المقيمين في لبنان، من أهمية الحادث واضعا إياه في السياق الشخصي رغم الخلفية السياسية له، مؤكدا أن العدد الأكبر من العمال السوريين الذين يقطنون في لبنان يعارضون نظام الأسد. ويضيف «معظم هؤلاء يتحدرون من مناطق منتفضة مثل درعا، وحمص، وحماه، وحلب، مما يعني أن معارضتهم لنظام الأسد ناجمة عن القمع والقهر الذي يتعرض له أهلهم». ويستنكر الناشط جريمة الحمرا ويعتبرها جريمة قتل، لكنه في الوقت نفسه لا يوافق على اعتبارها مقياسا لتوصيف موقف العمال السوريين من النظام بين معارض وموال، مشيرا إلى أن «العمال السوريين يعتبرون أن نظام الأسد قد هج رهم من بلدهم بسبب احتكاره للثروات والأموال، ودفعهم للعمل في ظروف مهينة في لبنان، فكيف يقفون معه ويوالونه؟ كما يتهم الناشط المعارض «السفارة السورية لدى لبنان بتجنيد مجموعات من العمال عبر تهديدهم ليعملوا شبيحة لديها».

وكانت أوضاع العمال السوريين قد شهدت تحولا كبيرا بعد عملية الاختطاف التي نفذتها جهة مجهولة في ريف مدينة حلب بحق مجموعة من الحجاج الشيعة، إذ تعرضوا لمضايقات كبيرة وتهديدات من قبل عناصر مجهولة في منطقة الضاحية الجنوبية وبعض قرى الجنوب، دفعت الكثير منهم إلى العودة إلى سوريا.

وقدر مصدر في الأمن العام اللبناني عدد المغادرين من العمال السوريين في غضون ثلاثة أيام بنحو 37 ألفا، فيما أوضحت مصادر أن بعض هؤلاء السوريين كشف عن ضغوط تعرضوا لها في مناطق نفوذ حزب الله، لا سيما بعد الشائعات التي سرت والصور التي وزعت على الهواتف ومواقع الإنترنت لمقتل سوري ذبحا، في إحدى تلك المناطق.

وفي ظل انعدام أرقام رسمية تحدد أعداد العمال السوريين في لبنان قبل اندلاع الثورة في بلادهم، فإن مصادر في المعارضة السورية تشير إلى تدفق نحو 20 ألف عامل مع بداية الأحداث الدامية. ويعيش هؤلاء العمال في ظروف قاسية، حيث يتوزعون على المناطق الأكثر فقرا في بيروت، وينامون بالعشرات داخل غرف ضيقة تغطيها الفرش الإسفنجية. وبالنسبة لكثير من هؤلاء العمال فإن لبنان لا يوفر حتى ملاذا من الخوف الذي خلفوه وراءهم، فالبعض يخشى أن يكون رجال المخابرات السورية يتجسسون عليهم.