مشروع قرار يمهل النظام السوري 10 أيام لوقف استخدام الأسلحة الثقيلة

موسكو تستقبل أنان الأسبوع المقبل بعد فشلها في تحقيق «الاختراق» مع المعارضة

معارضون سوريون يمشون في أحد طرقات حمص التي دمرتها آليات النظام أمس (أ.ف.ب)
TT

بينما توقعت مسؤولة سابقة في الخارجية الأميركية إعلان منطقة حظر طيران فوق سوريا مع نهاية الصيف، إذا لم تحل مشكلة سوريا حلا سلميا، بدأ مجلس الأمن مناقشة مشروع قرار غربي، على الرغم من تصريحات روسية مسبقة بأن روسيا تعارض المشروع.

وكانت الدول الغربية الكبرى في مجلس الأمن قدمت، يوم الأربعاء، مشروع قرار يمهل النظام السوري 10 أيام لوقف استخدام الأسلحة الثقيلة في المدن الخارجة عن سيطرتها. مع تهديدات بفرض عقوبات على نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأيضا، تجديد مهلة قوات المراقبة الدولية التي سوف تنتهي بعد أسبوع.

وكانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا قدمت مشروع القرار، الذي حصلت وكالة الأنباء الفرنسية على نسخة منه، بأنه إذا لم توقف السلطات السورية إطلاق النار «في غضون 10 أيام» بعد صدور القرار، «سيفرض مجلس الأمن فورا الإجراءات المنصوص عليها في المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، وهي المادة التي تنص على عقوبات دبلوماسية واقتصادية».

وقالت مصادر إخبارية أميركية إن هذه المادة مدرجة في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكنها لا تجيز استخدام القوة، كما تفعل المادة 42.

وتقول المادة 41: «على مجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من تدابير لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته. وعليه أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير. ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية، والمواصلات الحديدية، والبحرية، والجوية، والبريدية، والبرقية، واللاسلكية، وغيرها من وسائل المواصلات، مع إمكانية قطع كامل أو جزئي للعلاقات الدبلوماسية».

وتطلب الفقرة الخامسة من مشروع القرار الغربي من دمشق وقف إرسال قوات عسكرية إلى المدن أو استخدام أسلحة ثقيلة في هذه المدن، وذلك تنفيذا لبند وارد في خطة المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، كوفي أنان. وأنه يتحتم على السلطات السورية أيضا إعادة هذه القوات إلى ثكناتها. وأنه، ستطبق العقوبات السابقة الذكر على سوريا في حال «عدم احترامها بالكامل»، في غضون عشرة أيام، للقرار.

ويطالب مشروع القرار من طرفي النزاع في سوريا؛ الحكومة والمعارضة، أن يطبقا «في الحال» خطة أنان «برمتها»، بما في ذلك «الوقف الفوري لكل أشكال العنف المسلح». هذا بالإضافة إلى تنفيذ العملية الانتقالية السياسية التي اتفقت عليها مجموعة العمل حول سوريا في جنيف في نهاية الشهر الماضي.

وينص مشروع القرار أيضا على «تجديد تفويض فرقة المراقبة لمدة 45 يوما، على أساس توصيات الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون».

من ناحية أخرى، قالت المديرة السابقة للتخطيط في الخارجية الأميركية، آن ماري سلوتر، إنها تتوقع تدخلا عسكريا دوليا في سوريا مع نهاية الصيف «إذا لم تحل المشكلة سلميا».

وقالت، في مقابلة مع تلفزيون «إي بي سي»: «لا أعتقد أن قرارا صدر في واشنطن بالتدخل العسكري. لكن، لا بد أن التدخل جزء من سيناريوهات تناقش، كما هي العادة». وأضافت: «تتغير سياستنا نحو سوريا بمرور الزمن، وبحدوث تطورات جديدة، كما هو الحال في كل المواضيع الدولية الأخرى. في البداية، قلنا إننا لن نتدخل. ثم قلنا إننا نساعد المعارضة في مواضيع إنسانية ولوجيستية واستخباراتية. ويمكننا أن نقول إن الوضع يحتم خطوات أكثر».

وقالت إنها تتوقع أن تكون الخطوة الأولى، إذا تقرر التدخل العسكري، إعلان حظر الطيران فوق سوريا. وقالت سلوتر، التي تعمل الآن أستاذة علاقات دولية في جامعة برنستون (ولاية نيوجيرسي): «شهور الصيف لم تنتهِ طبعا، ويمكن أن يحدث أي شيء. يمكن أن تزيد المظاهرات، وتزيد نشاطات المعارضة العسكرية، ويمكن أن يسقط النظام. لكن، إذا لم يحدث ذلك، أتوقع تحركا عسكريا غربيا».

وفي الأمم المتحدة، حيث يستمر النقاش، أكد الممثل الدائم لسوريا، بشار الجعفري، أن نجاح خطة مبعوث الأمم المتحدة «يتوقف على الالتزام الدولي، وعلى إرادة سياسية صادقة، ونزيهة، وعلى تنفيذ الخطة الكاملة، وعلى وقف تسليح الجماعات الإرهابية المسلحة من جانب بعض الدول والأطراف».

وظهر الاختلاف في الرأي حول دور إيران في حل مشكلة سوريا بين كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، وبين الدول الغربية الكبرى في تصريحات أدلى بها المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، قال فيها: «ببساطة، أود أن أشير إلى أن الدور الإيراني حتى الآن سوف يكون من الصعب القول قولا معقولا بأنه دور بناء».

لكن، لم يقفل المتحدث نهائيا الباب أمام مشاركة إيرانية غير مباشرة. وأمس، قال المتحدث باسم البيت الأبيض: «نركز على العمل مع المجتمع الدولي، ومع الشركاء الدوليين الذين يرغبون في الاضطلاع بدور بناء في إيجاد حل للوضع في سوريا».

لكن، لم يغلق المتحدث باسم البيت الأبيض الباب نهائيا أمام دور إيراني، وقال: «أنا لا أستبعد أي شيء. أنا ببساطة أقول بأننا واعون لما يجري حولنا وفي المنطقة. نحن مع المشاركات المفيدة في بناء مستقبل ديمقراطي في سوريا. أقول مرة أخرى، نحن لا نريد استثناء أي شيء، لكننا، ببساطة، نفضل التركيز على ما نعتقد أنه يمكن أن يساعد في إحراز تقدم».

وفي إجابة عن سؤال، في المؤتمر الصحافي اليومي في البيت الأبيض، عن إذا ترفض واشنطن «جملة وتفصيلا أي دور إيراني»، قال كارني: «نحن نرفض ترجيح أن إيران يمكن أن تلعب دورا بناء. لكن، مصلحتنا هي في الاستفادة من كل الظروف للمضي قدما إلى الأمام نحو توافق الآراء الذي سيسمح للانتقال إلى المرحلة التي ستعطي الشعب السوري فرصة أفضل لمستقبل أكثر إشراقا».

وكانت وكالة أنباء «ريا نوفوستي» أشارت إلى أن «لافروف لم يتمكن من إقناع المعارضين السوريين بالتخلي عن مطلب تنحية الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة قبل بدء الحوار السياسي، في نفس الوقت الذي فشلت فيه قيادات المجلس الوطني السوري في إقناع الطرف الروسي بضرورة تأييد قرار دولي قوي بشأن سوريا، من الممكن أن يراعي إمكانية التدخل العسكري». ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن ألكسندر بانكين، النائب الأول للمندوب الروسي الدائم لدى مجلس الأمن الدولي، قوله إن روسيا لن تؤيد مشروع قرار للمجلس يهدد بفرض عقوبات على سوريا، لأنها لا ترى أن استخدامها سيأتي بنتائج».

وأضافت الوكالة ما أوضحه بانكين حول أن روسيا تعارض العقوبات التي تدعو إليها دول الغرب، لأنها تستهدف فقط حكومة بشار الأسد، مضيفا أن الصين أيضا تعارض فرض العقوبات على سوريا، وإشارته إلى أن «دول الغرب لا تستبعد احتمال أن تستهدف العقوبات أيضا المعارضة السورية»، وقوله إنه «من الصعب أن نفترض كيف يمكن فرضها على جماعات معارضة منفردة لا تخضع لأحد».

وكانت موسكو أعلنت، أمس، عن زيارة مرتقبة سوف يقوم بها كوفي أنان، مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية، لإجراء مباحثات مع القيادة الروسية حول الوضع الراهن والحلول المطروحة للخروج من المأزق الراهن، بما في ذلك ما يتعلق بمشروع القرار الذي تقدمت به موسكو مؤخرا إلى مجلس الأمن الدولي».