للمرة الثالثة.. روسيا والصين تستعملان الفيتو ضد مشروع قرار غربي خاص بسوريا

سوزان رايس: هذه ليست أول مرة تعرقل فيها روسيا والصين إنهاء المذابح * مساعد لبوتين: روسيا لم تبحث احتمال استضافة الأسد

السفير الروسي (اقصى اليسار) والسفير الصيني (اقصى اليمين) أثناء التصويت بالفيتو ضد قرار المشروع الغربي بمجلس الأمن أمس (إ.ف.ب)
TT

للمرة الثالثة منذ بداية مناقشة مجلس الأمن للوضع في سوريا، استعملت روسيا والصين الفيتو ضد مشروع قرار قدمته الدول الغربية. وصوتت الدولتان أمس ضد مشروع القرار، وامتنعت كل من باكستان وجنوب أفريقيا. وصوتت 11 دولة على مشروع القرار.

غير أن سوزان رايس، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أشارت إلى إمكانية «العمل خارج مجلس الأمن، لأن مجلس الأمن فشل». ولم تقدم تفاصيل.

وقال مارك غرانت، سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة، إن الدول التي قدمت مشروع القرار أشارت إلى الفصل السابع لأن «وعود الأسد برهنت على أنها خاوية. مرات كثيرة وعد، ومرات كثيرة نكث وعده». وانتقد غرانت روسيا والصين لاستعمالهما الفيتو. وقال: «جادلت الدولتان لتمديد البعثة الدولية في سوريا، وهما تعرفان أن البعثة لا تقدر على العمل الفعال في سوريا بسبب رفض نظام الأسد التعاون معها». وقال: «للمرة الثالثة تخذل الدولتان المجتمع الدولي، وتخذلان الشعب السوري. للمرة الثالثة وضعتا مصالحهما فوق أرواح الملايين من السوريين. الآن يجب أن نتوقع المزيد من سفك الدماء».

وانتقد الدولتان جيرالد أرود، سفير فرنسا، وقال إنهما مسؤولتان عن قتل «سبعة عشر ألف سوري». وأضاف: «نحن عملنا كل ما في وسعنا لوقف العنف. نحن ننحاز بالطبع إلى جانب تطلعات الشعب السوري للديمقراطية، وحكم القانون». وقال إن «روسيا والصين كانتا اتفقنا في مؤتمر جنيف مع الدول الغربية، لكنهما تريدان الآن كسب مزيد من الوقت لإعطاء نظام الأسد فرصا أخرى، ليس لوقف العنف، وليس لحل المشكلة، ولكن لزيادة استمرار ذبح شعبه، ولتعقيد الوضع أكثر». ودافع السفير الفرنسي عن وضع الفصل السابع في مشروع القرار. وقال: «يجب على مجلس الأمن ضمان تنفيذ قراراته. ويجب عليه وضع عقوبات في حالة عدم تنفيذ قراراته، خاصة مع نظام برهن على أنه لا يريد تنفيذ قرارات مجلس الأمن».

وقال إن التاريخ سيثبت أن ما قامت به روسيا والصين خطأ. وعن المستقبل، قال: «الآن لن تقف جهودنا. نحن ملتزمون بضمان وقف عنف النظام، وبأن يقدم مرتكبو الجرائم لجهات تسألهم». وأضاف: «فرنسا لن تترك سوريا تواجه جرائم نظام الأسد».

وقال جوهان بيرنستوف، سفير ألمانيا، إنه «عندما خرج السوريون سلميا يطالبون بالحرية، قوبلوا بأساليب فتاكة، ومذابح في الشوارع. ونحن حذرنا منذ البداية بأن النظام لن يعطي الحرية للشعب السوري. وها هو النظام يتحدى، مرة بعد مرة، رغباتنا، وأمانينا ورغبات وأماني المجتمع الدولي».

وفي كابل، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إن الرئيس الأسد «يجب أن يتنحى»، وإنه لا بد من تغيير النظام في دمشق تفاديا لنشوب حرب أهلية صريحة.

وقال كاميرون للصحافيين خلال زيارة لأفغانستان: «لدي رسالة واضحة جدا للرئيس الأسد، وهي أن الوقت قد حان ليرحل، وأن الوقت قد حان لإنهاء هذا النظام». وإنه «إذا لم يحدث هذا الانتقال، واضح تماما أن حربا أهلية ستندلع».

وأضاف كاميرون، قبل استعمال روسيا والصين للفيتو في مجلس الأمن: «رسالتي للرئيس بوتين، ولمجلس الأمن: حان الوقت ليقر مجلس الأمن رسائل واضحة وصارمة بشأن العقوبات. وبموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، من دون أي لبس في هذا». وأضاف: «أقدم النظام على بعض الأشياء الفظيعة بحق شعبه. ولا أعتقد أن أي نظام يرتكب مثل هذه الأفعال التي ارتكبها نظام الأسد ضد شعبه يمكن أن يستمر يحكم».

وعلى الرغم من أنه لم يدافع عن المعارضة السورية المسلحة، قال إن تطور المعارضة المسلحة «كان يمكن تجنبه»، لكن «مع زيادة عنف النظام، صعب على المعارضة السلمية أن تلزم الذين فقدوا الصبر أمام عنف الأسد بأن يقفوا عزل أمام الدبابات والطائرات». وعن المستقبل، قال: «مجلس الأمن لا يمكنه أن يستمر في عمله بالصورة المطلوبة منه بسبب روسيا والصين. ونحن كنا سنجبر الطرفين، أكرر الطرفين. لم يكن هدفنا عملا عسكري، أو تدخلا عسكريا خارجيا. كان هدفنا هو تقوية مهمة أنان السلمية». وقال: «التاريخ سيظهر أننا سندفع ثمنا، والشعب السوري سيدفع ثمنا، لكن أيام الأسد معدودة. وألمانيا ستواصل دعم الشعب السوري».

غير أن سفيري باكستان وجنوب أفريقيا اللذين امتنعا عن التصويت انتقدا مشروع القرار.

وقال سفير باكستان: «نحن عبرنا عن تحفظاتنا منذ البداية. وحاولنا إنهاء الانقسام داخل مجلس الأمن بالوصول إلى حلول وسطى. نحن نرى أنه لا بد من أن ينجح مجلس الأمن بصدور قرارات جماعية. نحن نحث الطرفين على وقف العنف. وندين عمليات النظام العنيفة، والعمليات الإرهابية أيضا. لهذا، نحن عارضنا فقرات استعمال الفصل السابع».

وبدا سفير الهند باستنكار ما سماها «عمليات إرهابية» أول من أمس في دمشق. وقال في البداية: «حكومتي تعزي حكومة وشعب سوريا بسبب الهجوم الإرهابي أول من أمس». ومن دون أن يسمي الدول الغربية، قال: «منذ البداية، دفعت دول الوضع إلى حافة الهاوية. ومنذ البداية، نحن حذرنا من ذلك. لم يكن هناك داع للفصل السابع الذي يهدد باستعمال مزيد من العنف».

وشن فيتالي شيركن، السفير الروسي، هجوما عنيفا على الدول التي قدمت مشروع القرار. وقال: «ما كان يجب أن يحدث ما حدث هنا قبل فترة قصيرة. منذ البداية، نحن رفضنا الفصل السابع. ورفضنا التدخل في شؤون سوريا الداخلية». وقال مستغربا: «لسبب ما لا نعرفه، رفضت الدول التي قدمت المشروع طلبنا المتكرر. رفضت في المفاوضات العلنية، ورفضت في المفاوضات المغلقة». وقال: «نأمل ألا يخطئ أحد في تفسير موقفنا. نحن نكرر أننا نريد، حقيقة، حلا سلميا. ونكرر: إننا حقيقة، مع كوفي أنان. كانوا (الدول التي قدمت مشروع القرار) يقدرون على اتخاذ خطوات فعالة، بدلا من إشعال مزيد من النار التي يشعلها إرهابيون».

وقال: «الآن الوضع صعب جدا في سوريا. ونحن أيدينا وثيقة جنيف، لكن مشروع القرار منحاز. فرض العقوبات على حكومة سوريا، ولم يفرضه على كل الأطراف الأخرى». وقال إنه كان يريد تقديم مشروع قرار يؤيد مهمة أنان، ويمدد وجود القوات الدولية، لكن الدول الغربية رفضت ذلك»، كما قال.

وأدان لي باودونغ، سفير الصين، ما سماها «العمليات الإرهابية في دمشق». ودعا إلى إصدار قرار لدعم مهمة أنان، من دون الإشارة إلى الفصل السابع، ومن دون «الانحياز إلى جانب المعارضة ضد الحكومة في سوريا». وحذر من عدم فهم الموقف الصيني، وقال إن الصين تدعم مهمة أنان، وتدعم حلا سلميا للمشكلة في سوريا، وإن مشروع القرار «فيه مشاكل وعراقيل» لأنه «يريد الضغط على جانب واحد في صراع فيه جانبان».

وقالت سفيرة الولايات المتحدة، سوزان رايس: «هذه هي المرة الثالثة التي عرقلت فيها روسيا والصين إنهاء المذابح في سوريا. في المرتين السابقتين عرقلتا جهود مجلس الأمن. وهذه المرة، رفضتا طلبنا للجانبين بوقف العنف. وكان هذا هو طلبهما منذ البداية». وأضافت من دون تسمية أسماء: «عكس قلق وجنون دول معينة، مشروع القرار لم يكن للتدخل العسكري في سوريا. هدفنا كان ولا يزال هو إعطاء مشروع القرار أدوات فعالة لضمان تنفيذه». وقالت رايس إن العنف الأخير الذي وصل إلى دمشق سببه هو رفض النظام، منذ البداية، الالتزام بتعهدات سابقة.

وقال سفير المغرب إنه صوت مع مشروع القرار لأن القرارات السابقة التي أصدرها مجلس الأمن لم تنفذ من جانب نظام الأسد، بما في ذلك وقف إطلاق النار. وقال إنه لو كان نظام الأسد التزم بقرار وقف إطلاق النار، ما كان الوضع سيتدهور إلى ما وصل إليه. وفي نهاية النقاش، تحدث بشار الجعفري، سفير سوريا، وقال: «بعد 67 سنة. أعتقد الشعب السوري أن مجلس الأمن وصل سن التعقل. لكن، ها هو مجلس الأمن لا يريد الاستفادة من تجارب الماضي، وتجارب عشرات السنين. ها هو يرفض الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، ويريد تنفيذ أجندة دول معينة لا يهمها الأمن والسلام». وشن هجوما عنيفا على الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة. واتهم الولايات المتحدة بدعم «عصابات إرهابية دموية».

إلى ذلك قال مساعد كبير للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس إن روسيا لم تبحث احتمال استضافة الرئيس السوري بشار الأسد. وتوحي تصريحات يوري أوشاكوف مستشار بوتين للسياسة الخارجية فيما يبدو بعدم الاهتمام بمصير الأسد الذي حمته موسكو من الضغوط الغربية لكنه لم يعط أي مؤشر على أن روسيا ستغير موقفها وتؤيد التهديد بفرض عقوبات على سوريا.

وقال أوشاكوف للصحافيين إن بوتين لم يبحث الوجهة التي سيقصدها الأسد إذا ترك سوريا لا في محادثاته مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ولا في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي باراك أوباما أول من أمس.

ولدى سؤاله عما إذا كان الأسد يمكن أن يأتي إلى روسيا أجاب قائلا «لا أعرف.. على الأقل لم أسمع شيئا عن هذا الأمر».

ويقول بوتين ومسؤولون روس آخرون إن موسكو لا تدعم الأسد لكن خروجه من السلطة يجب ألا يحدث إلا في إطار حوار سياسي داخلي ويجب ألا يكون شرطا مسبقا لمثل هذا الحوار. وأوضح أوشاكوف أن روسيا والولايات المتحدة ما زالتا مختلفتين بشأن طريقة حسم الصراع.