الغرب يسعى لتكبيل نظام الأسد رغم أنف حلفائه.. ويضاعف المساعدات للاجئين

عقوبات أوروبية تشمل تفتيش الطائرات والسفن.. وواشنطن تحاول قطع إمدادات السلاح والنفط الإيرانية

الممثل السامي للاتحاد الاوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن (يمين) في حديث مع وزيرة الخارجية القبرصية في مقر المجلس الأوروبي في بروكسل، بلجيكا أمس (إ.ب.أ)
TT

في إطار محاولات الدول الغربية لفرض قيود عسكرية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد فشلها في إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي نتيجة استخدام روسيا والصين (أبرز حلفاء النظام السوري) حق الفيتو، ضاعف أمس الاتحاد الأوروبي من عقوباته لتشمل للمرة الأولى حق تفتيش الطائرات والسفن التي يشتبه في نقلها أسلحة إلى النظام السوري.. فيما تعمل الإدارة الأميركية بعيدا عن الأضواء لوقف شحنات الأسلحة والنفط من إيران إلى سوريا جوا وبحرا، سعيا منها لتسريع سقوط نظام الأسد، بحسب تقارير إخبارية. وبحسب ما جاء في البيان الختامي لاجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، قال الاتحاد إن قائمة العقوبات الجديدة ضد النظام السوري تشمل شخصيات تعمل في الجيش والاستخبارات والأجهزة الأمنية. وقرر الاتحاد أمس مضاعفة التدابير التقييدية ضد النظام السوري والمتعاونين معه، وإضافة 26 شخصا و3 كيانات إلى قائمة العقوبات الأوروبية، على اللائحة التي تضم أصلا 129 شخصا و49 كيانا ممن طُبِّقت عليهم التدابير التقييدية بالفعل، سواء من حيث حظر دخولها إلى أراضي الاتحاد، أو تجميد أصولها وأرصدتها البنكية.

وقال مصدر في بروكسل إن الاتحاد الأوروبي قرر «تقليص التعامل مع الخطوط الجوية السورية، ومنعها من استخدام مطارات دول الاتحاد الأوروبي؛ سواء لغرض الشحن أو نقل المسافرين، والاقتصار في التعامل على الحالات الطارئة فقط»، وأضاف المصدر أن الأمر يتعلق أيضا بتشديد وتوسيع نطاق حظر توريد الأسلحة إلى سوريا.

ومن خلال البيان، عبر الوزراء عن شعورهم بـ«القلق العميق» إزاء إمكانية استخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية وتحدثوا عن المخاوف المتعلقة بتدفق الأسلحة على سوريا، مذكرين أن الاتحاد كان فرض حظرا على توريد السلاح إلى سوريا منذ وقت طويل، وناشد الوزراء في بيانهم كل الأطراف حماية المدنيين والمجموعات المهمشة والأقليات الدينية وتحييدهم عن الصراع.

كما كرر الوزراء استمرار دعمهم لخطة المبعوث الدولي - العربي إلى سوريا كوفي أنان، مذكرين بمساندتهم لما جاء في مؤتمر جنيف في نهاية يونيو (حزيران) الماضي من حديث عن ضرورة البدء بمرحلة انتقالية في سوريا، وكذلك بما تم التوصل إليه في مؤتمر أصدقاء سوريا في باريس. واعتبروا أنه «أصبح من الواضح أن المرحلة الانتقالية يجب أن تبدأ فعلا، وأنه لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في سوريا المستقبل». كما تحدث البيان عن شعور كل الدول الأوروبية بـ«الإحباط والأسف» نتيجة الفيتو المزدوج الروسي - الصيني في مجلس الأمن، محملين روسيا والصين مسؤولية ما سينتج عن هذا الفشل.

واختتم بيان الوزراء بالتنويه بأنه «عندما تبدأ المرحلة الانتقالية والتحول نحو الديمقراطية في سوريا، فإن أوروبا على استعداد لتطوير شراكة جديدة وطموحة مع السلطات السورية الجديدة».

وعلى هامش الاجتماعات، قال جان اسيلبورن، وزير خارجية لوكسمبورغ، إنه «إلى جانب العقوبات، يمكن أن نمارس ضغوطا دبلوماسية لمقاطعة النظام، وفي الوقت نفسه نستعد للمرحلة الانتقالية». ولمح إلى أن هناك تفاهما بين الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية على ممارسة أكبر قدر من الضغوط على النظام السوري، وأن ربما تكون هناك حالة جديدة في سوريا في غضون أيام أو أسابيع. ويمكن للاتحاد الأوروبي أيضا أن يلعب دورا مهما بالنسبة للمعارضة السورية التي عليها أن توحد صفوفها استعدادا للمرحلة المقبلة.

كما تشمل العقوبات أيضا الحظر على الأسلحة، عبر اعتماد الرقابة الإلزامية للسفن والطائرات التي يتشبه في نقلها أسلحة وعتادا يمكن أن يستخدم في عمليات القمع في سوريا. وسيطبق هذا الإجراء في مرافئ الاتحاد الأوروبي ومطاراته، وفي المياه الإقليمية الأوروبية.

وقبيل الاجتماع قالت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون: «هذه العقوبات مهمة لأنها ستمسح بتفتيش السفن، لمعرفة طبيعة الشحنات التي تحملها.. وهذا سيمنع - كما آمل - وصول أي أسلحة إلى سوريا».

كما وصفت آشتون الوضع في سوريا بـ«الرهيب»، داعية كل الأطراف للعمل على وقف العنف بشكل فوري وحماية حياة المدنيين. وشددت على ضرورة الاستمرار في فرض العقوبات على النظام في دمشق، مشيرة إلى أن العقوبات ليست إلا وسيلة من بين وسائل أخرى «الهدف منها هو تشديد الضغط على النظام، ونأمل أن تكون فعالة أكثر فأكثر».

من جانبه، عاد وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي للتشديد على «استبعاد احتمال تدخل عسكري في سوريا، حيث لا وجود لوضع مشابه لما حدث في ليبيا»، واختتم موضحا: «إننا نستبعد هذا الأمر كما يستبعده حلف شمال الأطلسي». واتفق معه وزير الخارجية في لوكسمبورغ، وقال إن «بعض فصائل المعارضة تطالب بتزويدها بالسلاح، وأنا أرى أن مزيدا من السلاح يعني مزيدا من العنف». كما أشار وزير الخارجية الهولندي أوري روزنتال إلى أن «المظاهرات بدأت سلمية في الشوارع، ولكن استعمال القوات النظامية العنف والقتل أدى إلى وقوع ضحايا.. والوضع في سوريا أصبح مقلقا للغاية، ويجب ممارسة الضغوط على الأسد للتنحي وتبدأ مرحلة الانتقال السلمي».

وعلى صعيد مواز، تعمل الإدارة الأميركية بعيدا عن الأضواء لوقف شحنات الأسلحة والنفط من إيران إلى سوريا، سعيا منها لتسريع سقوط نظام الأسد، على ما أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلا عن مسؤولين أميركيين.

وقال المسؤولون للصحيفة، طالبين عدم ذكر أسمائهم، إن الجهود الأميركية تهدف إلى حمل العراق على إغلاق مجاله الجوي أمام الرحلات المتوجهة من إيران إلى سوريا، التي تشتبه أجهزة الاستخبارات الأميركية بأنها تحمل أسلحة إلى القوات النظامية السورية. وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن تحاول منع السفن التي يشتبه بأنها تنقل شحنات من الأسلحة والنفط لسوريا، من عبور قناة السويس. وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى هذه السفن، التي تدعى «الأمين» وتنتظر حاليا إذنا لعبور القناة، مملوكة لأحد فروع شركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشحن.. ويجري مسؤولون أميركيون - بحسب الصحيفة - محادثات مع الحكومة المصرية سعيا منها لمنع عبور السفينة، متذرعين بأنها لا تحظى بتأمين دولي معترف به.

إلى ذلك، أعلنت المفوضية الأوروبية أمس أنها ضاعفت مساعدتها العاجلة للاجئين السوريين، لتبلغ 63 مليون يورو. وقالت المفوضية إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي دفعت من جهتها حتى اليوم 27.5 مليون يورو من المساعدات الإنسانية. وذكرت المفوضة الأوروبية للمساعدة الإنسانية كريستالينا جورجيفا إن «مئات آلاف السوريين يعيشون وضعا مملوءا باليأس. الحاجات كبيرة في البلاد، لكنها تزداد في البلدان المجاورة التي تواجه تدفقا كبيرا للاجئين». وأضافت أن «زيادة مساعدة الاتحاد هي التعبير الملموس عن تضامننا مع الشعب السوري المتضرر من النزاع».

ودعا عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين أمس إلى زيادة المساعدة الإنسانية للشعب السوري. وقال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ: «يتعين علينا الآن أن نزيد مساعدتنا الإنسانية للذين يفرون عبر الحدود خصوصا إلى الأردن». ودعا نظيره الفرنسي لوران فابيوس أيضا إلى «مساعدة دول الجوار (مثل لبنان والأردن) المضطرة لاستقبال كثير من اللاجئين».