الالتزام الإماراتي بالعقوبات الدولية على إيران يزيد من تراجع قيمة الريال

تاجر إيراني لـ «الشرق الأوسط»: أعمل من دبي منذ 30 عاما.. لكني اليوم أحتاج أشهرا لفتح حساب مصرفي

زوارق وناقلات نفط تمر عبر مضيق هرمز (أ.ب)
TT

في إشارة واضحة إلى أن احتياطات الحكومة الإيرانية من العملة الصعبة تتعرض لضغوط كبيرة جراء العقوبات الأوروبية الأخيرة التي استهدفت قطاع النفط الإيراني، تعتزم طهران تطبيق نظاما للصرف الأجنبي ذا ثلاثة مستويات لشراء مختلف فئات الواردات بحيث ستوفر الحكومة الدولار بالسعر الرسمي لاستيراد «السلع الأساسية» وبسعر 15 ألف ريال للدولار «للسلع الرأسمالية والوسيطة»، بحسب الإعلام الإيراني. وفي حين تتضافر عوامل كثيرة لتدفع بالعملة الإيرانية نحو تراجع حاد يقربها من «سقوط حر» وفق مراقبين، يبدو التزام دولة الإمارات العربية المتحدة التي لطالما اعتبرت إيران أهم شركائها التجاريين، بتطبيق العقوبات الدولية عامل ضغط إضافيا ومهما في مضاعفة التأثير على العملة الإيرانية التي انخفضت قيمتها 8 في المائة مطلع العام، تضاف إلى 50 في المائة من الانخفاض شهدها الريال الإيراني العام الماضي.

ويضيق الخناق شيئا فشيئا على التجار والمقيمين الإيرانيين في الإمارات العربية المتحدة مع توقف جميع شركات الصرافة تقريبا عن التعامل مع الريال الإيراني، سواء أكان هذا التعامل بيعا أم شراء أم تحويلا. وليس هذا فحسب فقد علمت «الشرق الأوسط» من مصادر في شركات الصرافة أن الإيرانيين لا يستطيعون تحويل الأموال ليس إلى إيران فحسب ولكن إلى كل أنحاء العالم.

وبحسب مجلس الأعمال الإيراني في دبي تعمل 8 آلاف شركة إيرانية في الإمارات بشكل رئيسي في قطاع المواد الغذائية والمواد الخام والحديد والفولاذ والإلكترونيات والإطارات والمعدات المنزلية، وغيرها من المواد، ويرى مجلس الأعمال الإيراني في دبي أن استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيدفع شركات كثيرة للإقفال، كما أنه تسبب في إفلاس أكثر من 200 تاجر إيراني، وهو ما يتضح بشكل جلي من خلال استعراض الأرقام التي تشير إلى أن حجم التجارة بين الإمارات وإيران بلغ قبل ثلاث سنوات 12 مليار دولار، وخلال عام 2010 وصل إلى ما يقرب من 7 إلى 8 مليارات دولار، أي بانخفاض قدره 40 في المائة، ولا يزال الانخفاض مستمرا مع غياب أفق التوقعات بشأن ما ستؤول إليه الأمور.

أضف إلى كل ذلك أن الإيرانيين المقيمين في الإمارات والذين يقدر عددهم بنحو 400 ألف إيراني بينهم نسبة كبيرة من التجار ورجال الأعمال، لا يستطيعون تحويل الأموال إلى بلادهم إلا ضمن حدود ضيقة أو بطرق خارج النظام المصرفي الإماراتي.

وإن كانت العقوبات الغربية على إيران تزيد من وطأة على العملة الإيراني الريال إلا أن ما تشهده العملة الإيرانية من انخفاض وتذبذب أمام الدولار يظهر أن العقوبات النفطية الأخيرة كانت الأشد والأكثر تأثيرا، ففي العام الماضي فقد الريال الإيراني نحو نصف قيمته بعد أن شدد الغرب العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدال.

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن الحكومة ستوفر الدولار بالسعر الرسمي لاستيراد «السلع الأساسية» وبسعر 15 ألف ريال للدولار «للسلع الرأسمالية والوسيطة»، أما السلع الكمالية مثل السيارات فسيتم استيرادها باستخدام دولارات تشترى بسعر السوق الحرة وهو ما يعني أن سعرها قد يزيد زيادة كبيرة داخل إيران.

وقال أرسلان فاتحبور رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان بأنه لا توجد خطة جديدة لتغيير سعر الصرف، بحسب وكالة الطلبة الإيرانية.

ويسبب ضعف الريال الإيراني الذي شهد سعره في السوق السوداء انخفاضا يزيد على النصف تقريبا في مقابل الدولار الأميركي في عام يشهد الريال نفورا عاما منه في أوساط التجار على اعتبار أن التعامل معه أصبح «مخاطرة كبيرة جدا» بحسب تجار.

وكانت الإمارات العربية المتحدة قد قطعت علاقاتها مع 17 بنكا إيرانيا تماشيا مع العقوبات الدولية، على اعتبار أن هذه البنوك تصنف على أنها ضمن القائمة السوداء في الولايات المتحدة، منها «بنك صادرات إيران» و«بنك ملي إيران» اللذان يملكان فروعا لهما في دولة الإمارات.

ويشتكي تاجر إيراني لـ«الشرق الأوسط» بالقول «أسير تجارتي من دبي منذ ثلاثين عاما، لكنني اليوم أحتاج إلى أشهر لمجرد فتح حساب مصرفي في أحد البنوك الإماراتية»، ليس هذا فحسب «فالتأمين أيضا أصبح عقبة كبيرة، حيث إن الكثير من شركات التأمين تعزف عن توفير تغطية تأمينية للبضائع المتجهة من الإمارات إلى إيران» وكل ذلك خوفا من مفاجآت الريال.