بعد تقديم استقالته.. أنان يلقي باللوم على «المجتمع الدولي» في فشل مهمته بسوريا

أكد أنه لم يتلق «كل الدعم الذي تتطلبه» مهمته

TT

أعلن الأمين العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة كوفي أنان، أمس، أنه سيتخلى عن مهمته كوسيط دولي للأمم المتحدة والجامعة العربية في الأزمة السورية الممتدة منذ 17 شهرا بنهاية شهر أغسطس (آب) الحالي، محملا المجتمع الدولي أسباب فشل مهمته. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في بيان له أمس، استقالة أنان، وقال «أبلغني السيد أنان، وأبلغ الأمين العام للجامعة العربية السيد نبيل العربي، بنيته عدم تجديد تفويضه حين ينتهي في 31 أغسطس 2012». وأشار مون إلى أنه يتشاور مع العربي لتعيين خليفة لأنان «يستطيع مواصلة جهود السلام الأساسية»، ليقين الأمم المتحدة بأن «الدبلوماسية هي الحل للأزمة السورية لو تعاونت الأطراف بشكل فعال»، موضحا أن «أنان يستحق إعجابنا الكبير لأسلوبه المنكر للذات الذي وظف فيه مهاراته الهائلة ومكانته لهذه المهام بالغة الصعوبة والتي قد لا تعود عليه بالشكر». وكان أنان الذي عين في 23 فبراير (شباط) الماضي كوسيط لحل الأزمة السورية قد وضع خطة من ست نقاط لإرساء السلام، تشمل وقف المعارك بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، وانتقالا سياسيا، لكنها لم تأخذ طريقها إلى التطبيق.

ومن جهته، ألقى أنان باللوم على «تبادل الاتهامات» وعدم التوافق داخل مجلس الأمن كأحد أسباب قراره بالتخلي عن دوره كوسيط. وقال أنان في مؤتمر صحافي أعلنته الأمم المتحدة في اللحظة الأخيرة «لم أتلق كل الدعم الذي تستحقه المهمة.. هناك انقسامات داخل المجتمع الدولي.. كل ذلك أسهم في تعقيد واجباتي».

وقال دبلوماسيون بالمجلس في تصريحات خاصة لوكالة «رويترز» إن الولايات المتحدة ودولا عربية أصبحت محبطة بدرجة متزايدة في الأسابيع الأخيرة، بسبب ما يرون أنه التزام لأنان بالدبلوماسية، في وقت يعتقدون فيه أن كل سبل الحوار مع الرئيس السوري بشار الأسد قد استنفدت. ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أنه سيجري اختيار شخص آخر لخلافته، قال أنان «العالم مليء بأناس مجانين مثلي. ولذلك لا تندهشوا إذا استطاع الأمين العام بان كي مون العثور على شخص ما يمكنه أداء عمل أفضل مني». وأضاف «قد تكون هناك خطط أخرى وطرق أخرى قد تفلح بكفاءة تامة»، مشيرا إلى أن التركيز في هذه المرحلة يجب أن يبقى على حدوث انتقال سياسي، بمعنى أن «الرئيس الأسد سيكون عليه الرحيل عاجلا أم آجلا».

وعقب الإعلان عن استقالة أنان، قال البيت الأبيض إن قرار أنان يسلط الضوء على رفض الأسد الالتزام بخطة سلام مدعومة من الأمم المتحدة، وفشل روسيا والصين في محاسبة الأسد في مجلس الأمن. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحافيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية «الرئيس الأسد رغم وعده الالتزام بخطة أنان يواصل قتل شعبه بوحشية»، موضحا أن البيت الأبيض ما زال يعتقد أن «الأسد يجب أن يرحل»، وأنه لا يعتقد أن إضافة المزيد من الأسلحة للصراع السوري ستؤدي إلى انتقال سلمي. كما حث رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مجلس الأمن الدولي على «زيادة الضغط على سوريا». وقال كاميرون لقناة «سكاي نيوز» البريطانية «بصراحة، تظهر استقالته أن العملية الحالية غير ناجحة. إن خطة أنان التي اجتهد جدا فيها لم تؤت ثمارها، ورأينا هذه الأعمال الدامية المروعة ورأينا المجازر»، وأضاف «أعتقد أنه يتعين علينا أن نصدر قرارات في الأمم المتحدة لوضع مزيد من الضغط على سوريا».

بينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان إن استقالة أنان «الموفد الخبير والحائز لجائزة نوبل للسلام، تظهر المأزق المأساوي للنزاع السوري»، مضيفا أن «الموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية ينسحب».

من جانبه، قال المبعوث الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، إن روسيا تأسف لقرار أنان. وأضاف للصحافيين «نفهم أنه قراره»، و«نأسف أنه اختار أن يفعل ذلك.. ساندنا جهوده بقوة كبيرة، وما زال لديه شهر، وأتمنى استخدام هذا الشهر بكفاءة قدر الإمكان في ظل تلك الظروف الصعبة».

أما الحكومة السورية، فأعربت عن أسفها للنبأ، وقال بيان صحافي لوزارة الخارجية «تعرب حكومة الجمهورية العربية السورية عن أسفها لنبأ تخلي المبعوث الأممي العربي كوفي أنان عن مهمته وطلبه عدم التمديد له»، مشيرة إلى أن دمشق طالما «أعلنت وبرهنت على التزامها التام والكامل بتنفيذ الخطة ذات النقاط الست».

ومن جهته تلقى الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، اتصالا هاتفيا من كوفي أنان أبلغه فيه عن استقالته من منصبه كمبعوث أممي عربي مشترك إلى سوريا.

وقال أنان إن مهمته تنتهي بنهاية شهر أغسطس (آب) الحالي، بينما أكد العربي في تصريح له، أمس، أن أنان أوضح له أنه تقدم باستقالته لأنه لا يمكن إحراز أي تقدم في سوريا في ظل الظروف الحالية، وتعنت الحكومة السورية واستمرارها في استخدام خيار القوة وسفك الدماء.

وأضاف العربي أن من أسباب استقالة أنان رؤيته أن مجلس الأمن فشل في تحمل مسؤولياته وإصدار قرار بوقف نزيف الدم في سوريا، وعدم تمكنه من التوصل لحل سياسي للأزمة يلبي طموحات الشعب السوري.

بينما أعرب العربي عن تقديره الشديد لجهود عنان الكبيرة خلال مهمته الصعبة كمبعوث عربي أممي مشترك، في محاولة الوصول لحل سياسي سلمي للأزمة السورية.

كما وجه العربي الشكر لعنان ومساعديه على المهام الشاقة التي قاموا بها، واصفا أنان بأنه دبلوماسي دولي مخضرم.

وقال العربي إنه أجرى اتصالات مستمرة على مدار أمس مع السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن مستقبل المهمة التي كان يقوم بها أنان والتشاور حول الأسماء المقترحة لخلافة أنان في هذه المهمة.