إخماد «فتنة القميص» في دهشور ومخاوف من تجدد الاشتباكات

تطمينات من الرئاسة.. وعودة المسيحيين مرهونة باستقرار الأمن

TT

وسط مخاوف من تجدد الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، أدت تطمينات من الرئاسة ووساطة شعبية بين أهالي قرية مصرية في الجيزة لإخماد ما عرف باسم «فتنة القميص» التي أدت فيها خلافات على «كي قميص» بين شبان إلى معارك سقط فيها قتيل واحترقت فيها بيوت، إضافة لتهجير الأسر المسيحية من القرية، حيث قالت إن العودة إلى بيوتهم مرهونة باستقرار الأمن.

وكانت أحداث «فتنة القميص» استمرت لعدة أيام، لكن عدة وفود شعبية وحزبية لعبت دورا في التوسط من أجل «إخماد الفتنة»، إضافة إلى توصيات الرئيس المصري محمد مرسي بفرض الأمن وتطبيق القانون والتمسك بروح المحبة بين المسيحيين والمسلمين.

واستمعت نيابة البدرشين أمس إلى أقوال ضباط الشرطة والمجندين المصابين في أحداث «فتنة القميص»، ومن المقرر أن تستمع اليوم (الأحد) إلى أقوال أصحاب المنازل والمحلات من المسيحيين الذين تعرضت منازلهم للاقتحام، بعدما انتقل المعمل الجنائي إلى القرية للمعاينة وتحديد الخسائر.

وما زالت قوات الأمن تفرض طوقا أمنيا مكثفا داخل وخارج القرية كما وضعت قوات خاصة لحراسة كنيسة مار جرجس التي حاول الأهالي المسلمون اقتحامها خلال الأحداث.

وقالت مصادر كنسية لـ«الشرق الأوسط» إن الأسر المسيحية فرت من القرية لتنجو بحياتها من اعتداءات الأهالي المسلمين على بيوتهم. وأضافت: «إذا كان هناك شاب مسلم قُتل خطأ، يجب محاسبة قاتله وفقا للقانون، ولكن لا يجب أن يُعاقب جميع مسيحيي القرية بذلك الخطأ».

وتابعت المصادر أن «المسيحيين تلقوا وعودا من رجال الشرطة بحمايتهم وهم في انتظار استتباب الأوضاع الأمنية ليعودوا إلى منازلهم وأعمالهم في القرية».

وينظر العديد من المسيحيين المصريين بتخوف وحذر إلى وصول الرئيس مرسي إلى سدة الحكم في مصر، لكونه ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن مرسي حرص على طمأنة المسيحيين خلال حملته الانتخابية، ووعد بتعيين نائب مسيحي له وهو ما لم يفعله حتى الآن رغم مرور أكثر من شهر على توليه مهام منصبه رسميا.

وكان محافظ الجيزة ومدير الأمن بالمحافظة قد شاركا الليلة الماضية في الإعداد لجلسات الصلح واحتواء «الأحداث الطائفية التي بدأت الأسبوع الماضي، بسبب قيام مكوجي مسيحي بحرق قميص شاب مسلم خلال كيه فاندلعت مشاجرة بين الاثنين استعان فيها كل منهما بأقاربه لتتسع رقعة المواجهات التي أسفرت عن مقتل شاب مسلم وإصابة العشرات بينهم عدد من رجال الشرطة، بالإضافة إلى تحطيم وإشعال النيران في منازل ومحلات عدد من المسيحيين بالإضافة إلى تهجير العديد من الأسر المسيحية.

وطالبت أسرة الشاب القتيل في الاشتباكات بعدم عودة أفراد أسرة المتهم بقتل نجلهم إلى القرية، مبدين ترحيبهم بعودة كل المسيحيين الذين تركوا القرية خلال الأيام الماضية بسبب الاشتباكات، مشيرين إلى أن والد الشاب القتيل كان أول من وقف للدفاع عن كنيسة مار جرجس ضد من حاولوا اقتحامها.

ونجح وفد من الحزب المصري الديمقراطي في التوصل إلى اتفاق مع أهالي قرية دهشور لإخماد الفتنة الطائفية، حيث التقى الوفد الليلة قبل الماضية بأهالي القرية واتفق معهم على اختيار لجنة تضم 8 أفراد نصفهم من المسلمين ومثلهم من المسيحيين لعمل لقاء مشترك من أجل إنهاء الأزمة في القرية.

وقال الدكتور علي عبد الرحمن محافظ الجيزة في تصريح له أمس إن الرئيس مرسي حدد له خمسة تكليفات لسرعة الانتهاء من الأحداث الطائفية واحتواء الأزمة، منها تشكيل لجنة خلال 24 ساعة لحصر كافة التلفيات الناجمة عن الأحداث وضمها للتلفيات المعروضة حاليا ضمن ملف التحقيقات الجارية في الأحداث، على أن تكون من مهام اللجنة أيضا تقدير التعويضات المناسبة وصرفها في أسرع وقت.

وقال محافظ الجيزة إن التكليفات شملت أن تقدم محافظة الجيزة كل ما من شأنه دعم جهود المصالحة والتهدئة بين طرفي الأحداث في قرية دهشور وبذل كل جهد ممكن لاحتواء الأزمة، وكذلك تهيئة المناخ الأمني لتشجيع الأهالي الذين غادروا القرية على العودة إلى منازلهم في أمن وأمان وسلام، إضافة لتكثيف الوجود والإجراءات الأمنية بدرجة تجعلها قادرة على إعادة استقرار الأوضاع بالكامل داخل القرية، وكذا الاتصال بالشخصيات المجتمعية المؤثرة للقيام بالدور الفعال في إقناع وتشجيع الأهالي الذين غادروا منازلهم على العودة.

وأضاف المحافظ أن الرئيس مرسي شدد على إعمال القانون ليكون الفيصل، ولا شيء غيره، لإعطاء كل ذي حق حقه ومعاقبة المعتدين على الأرواح والممتلكات الخاصة، مضيفا أن الرئيس مرسي طلب منه التنسيق الكامل بين المحافظة ومديرية أمن الجيزة لتنفيذ كافة التكليفات ومتابعة التحقيقات الجارية.

وتابع المحافظ قائلا: «سيتم خلال ساعات الانتهاء من تشكيل لجنة لحصر التلفيات وتقدير التعويضات والتي من المقرر أن تضم ممثلين عن محافظة الجيزة ومديرية الإسكان ومديرية الأمن ومسؤولي المحليات بدهشور»، مشيرا إلى أن الرئيس محمد مرسي طلب منه أيضا سرعة تنفيذ عمليات صرف التعويضات بعيدا عن الروتين.