مسؤولون إسرائيليون: أولمرت أضاع فرصة تاريخية لإلقاء خطاب أمام قمة عربية

موشيه شاحل: كان الاقتراح أن يعلن قبول مبادرة السلام

TT

كشف وزير إسرائيلي سابق، عن أن رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، أضاع فرصة تاريخية فتحها أمامه الرئيس المصري السابق، حسني مبارك، وعدد من القادة العرب بإلقاء خطاب باللغة العربية أمام قمة عربية خاصة في القاهرة بحضور عدد من الرؤساء والملوك العرب وزعماء غربيين، يعلن فيه تأييده لمبادرة السلام العربية.

وقالت صحيفة «هآرتس»، أمس، إن هذه المبادرة طرحت أول مرة خلال الاجتماع الذي نظمته وزارة الخارجية الإسبانية في 15 يناير (كانون الثاني) 2007 بالذكرى 15 لمؤتمر مدريد للسلام، بمشاركة واسعة من ممثلين رفيعي المستوى من سوريا والأردن ولبنان، حضره من الجانب الإسرائيلي نائب رئيس الوزراء الحالي وزير الشؤون الاستراتيجية، دان مريدور، ووزير الشرطة الأسبق موشيه شاحل، ووزير الخارجية الأسبق، شلومي بن عامي، والنائب الأسبق لرئيس المخابرات العامة عضو الكنيست يسرائيل حسون وأعضاء الكنسيت السابقون داليا رابين، ابنة رئيس الوزراء، إسحاق رابين، الذي اغتاله يميني متطرف، وأوفير بنيس، وكولت أفيتوبل، بينما مثل جبريل الرجوب ونبيل شعث السلطة الفلسطينية. وحضر الاجتماع أيضا وزراء خارجية من دول أوروبية وممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا.

ودعا عضو الوفد الإسرائيلي شاحل في خطابه الذي فضل أن يكون باللغة العربية الجامعة العربية لدعوة طاقم دائرة السلام في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي كان شاحل يترأسه، ليتسنى له عرض موقفه من المبادرة واستشراف إمكانيات التوصل لسلام شامل على أساس المبادرة التي عرضت على إسرائيل سلاما وعلاقات طبيعية مع كل العالم العربي مقابل انسحابها من المناطق المحتلة عام 1967 والتوصل لحل متفق عليه لقضية اللاجئين على أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. والتقى شاحل خلال الاجتماع مستشار الرئيس المصري في حينه أسامة الباز الذي أراد معرفة إمكانية تجنيد تأييد حكومة أولمرت للمبادرة، فأبدى شاحل استعداده لأن يقترح على أولمرت أن تعلن إسرائيل استعدادها المبدئي لإجراء مفاوضات شاملة مع جميع الدول العربية لتحقيق تسوية سلمية إقليمية استنادا للمسار الذي حددته المبادرة بشرط أن يتم هذا الإعلان من خلال اجتماع خاص تعقده الجامعة العربية يدعى إليه أولمرت لعرض موقفه تماما كما فعل الرئيس أنور السادات أمام الكنيست. ووفقا للصحيفة كان هناك حماس كبير للفكرة وبعد عدة ساعات قال الباز لشاحل إنه تحدث مع الرئيس مبارك الذي أكد له استعداده التام لتبني المشروع والعمل على إصدار قرار من الجامعة العربية يقضي بتنظيم القمة المطلوبة، وفي المقابل طلب الباز من شاحل أن يؤكد له أن أولمرت تبنى الفكرة ووافق عليها.

وبناء على طلب الباز اطلع الرجوب وشعت على الأمر ووضعهما في صورته فأعلن الرجوب أنه سيذهب مباشرة للقاهرة حتى يشجع ويدعم مبارك ويساعده على تنفيذ الفكرة. وفور عودته التقى الرجوب في تل أبيب أعضاء المجموعة الإسرائيلية وأبلغهم بقرار مبارك تبني الفكرة والعمل على تنفيذها وبعد عدة أيام اتصل الباز هاتفيا بشاحل وقال إن مبارك حصل على تأييد عدد من الزعماء العرب.

وفي يوم 25 فبراير (شباط) من سنة 2007، عقدت في تل أبيب جلسة تحضيرية استعدادا لقمة القاهرة، إذ أعلنت الخارجية المصرية على أثره، نيتها تنظيم «طاولة مستديرة» وذلك في 15 أبريل (نيسان). وهنا اتصل الباز مع شاحل وأبلغه هاتفيا بأن مبارك أمر وزير خارجيته أحمد أبو الغيط بتنظيم اجتماع تمهيدي بحضور شاحل، إضافة لممثل إسرائيلي آخر ينتدبه أولمرت. وكان من المقرر مشاركة الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى وممثلين عن الأردن والمغرب وقطر والسلطة الفلسطينية، وربما ممثل عن السعودية في الاجتماع التمهيدي الذي عقد يومي 18 و19 مارس (آذار). وعقد المستشار السابق لوزير الدفاع، إيهود باراك، بيني ميدن - شني، اجتماعا تحضيريا في القاهرة استعدادا لمؤتمر الطاولة المستديرة وحين عودته قدم لأفراد المجموعة الإسرائيلية تقريرا يؤكد حصول تقدم في العملية.

وبعد يومين، التقى شاحل وداليا رابين أولمرت وأطلعاه على فحوى الاتصالات التي جرت مع المصريين وطلبا مباركته لها. وهنا اقترح شاحل على أولمرت أن يعين وفدا تكون مهمته تزويد أعضاء الوفد الإسرائيلي في الاجتماعات التحضيرية بالتعليمات والتوجيهات المفصلة المتعلقة بالمواقف الواجب عليهم طرحها. ورد أولمرت على هذا الاقتراح بقوله «فكرة معقولة»، لكنه أضاف: «مع شديد الأسف أنا لا أتمتع بدعم سياسي والاستطلاعات تظهر وضعا غير مشجع. لذلك أرى أن تشارك أنت (شاحل) في الاجتماع ويعلن أمام المجتمعين أن الأمور تتم بمعرفة وعلم رئيس الوزراء». وطلب أولمرت مهلة للتفكير في الأمر واعدا شاحل باتخاذ القرار خلال وقت قصير. وفي هذه الأثناء قررت القمة العربية التي عقدت في مارس 2007 في العاصمة السعودية الرياض إيفاد وزيري خارجية مصر والأردن إلى إسرائيل في محاولة لتجنيد الدعم السياسي والشعبي للمبادرة وبسبب هذه الزيارة في أبريل 2007 أجل الاجتماع التحضيري المقرر عقده بالقاهرة حتى مايو (أيار)، بينما كان الأميركيون يسعون وبالتوازي مع هذه الجهود إلى تحريك المسار التفاوضي مع الفلسطينيين وقرروا تدشين المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية خلال مؤتمر «أنابوليس» بمشاركة وزراء خارجية ومسؤولين عرب. وهنا، تقول «هآرتس»، فضل أولمرت التقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين ورفض المسار الإقليمي رغم تطرقه إيجابيا للمبادرة العربية خلال خطابه في «أنابوليس» لكنه امتنع عن القول إنه مستعد لإدارة المفاوضات في إطارها أو قبولها مبدئيا، مفضلا القول «إنني أعرف المبادرة وأحترم أهميتها وأقدر عاليا مساهمتها ولا يوجد لدي شك في أننا سنعود ونتطرق إليها خلال المفاوضات التي ستجرى بيننا وبين القيادة الفلسطينية».

وأكد شاحل لصحيفة «هآرتس» صحة المعلومات والتفاصيل التي وردت أعلاه قائلا «كان تفويتا مؤسفا لمبادرة كانت ستحدث تغيرا تاريخيا في علاقاتنا مع العالم العربي». كما أقر مستشار أولمرت الحالي، يعقوب غلانت، بصحة المعلومات الواردة في التقرير وعلى وجه الخصوص الاجتماع الذي عقد بين شاحل وداليا رابين في مارس 2007 وقال «لعدة اعتبارات أمتنع عن الخوض في تفاصيلها، تقرر استمرار المفاوضات على أساس المبادئ التي جرى تحديدها خلال مؤتمر أنابوليس من دون عقد مؤتمر دولي أخر».