أكثر من 300 قتيل ضحايا الزلزالين في إيران.. والمستشفيات تكابد لاستيعاب آلاف المصابين

مسؤولون إيرانيون يكتفون ببيانات «المواساة».. ووسائل الإعلام الإيرانية تتناول الفاجعة وكأنها في بلد آخر

إيرانيات من قرية باجة باج ينتحبن قرب جثث الضحايا الذين سقطوا جراء الزلزالين المدمرين (إ.ب.أ)
TT

وجدت المستشفيات المكتظة بالمصابين في شمال غربي إيران صعوبة بالغة في استيعاب الآلاف من ضحايا الزلزالين اللذين ضربا محافظة أذربيجان ظهر أول من أمس، وتوجه عمال الإنقاذ إلى القرى النائية بعد أن أسفر الزلزالان القويان عن سقوط أكثر من 300 قتيل ونحو ألفي جريح في حصيلة مرشحة للارتفاع وتدمير نحو 300 قرية وتشريد الآلاف. وأعلنت طهران عن وقف عمليات البحث والإنقاذ وانطلاق تأمين احتياجات الناجين، بينما عرضت العديد من الدول تقديم مساعدات إنسانية بالتزامن مع دعوة بابا الفاتيكان للتضامن مع ضحايا الزلزالين.

ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية عن حسن قدمي، مدير مؤسسة إدارة الأزمات في وزارة الداخلية، أن عدد ضحايا الزلزالين تجاوز 300 شخص، وأن عدد الجرحى ارتفع إلى 1800.

بدوره، قال وزير الداخلية الإيراني محمد نجار الذي وصل إلى المناطق المنكوبة برفقة وزير الصحة، إن «عمليات البحث والإنقاذ انتهت وسنعمل الآن على تأمين احتياجات السكن والأغذية للناجين». وأضاف أن «نصف القرى الـ600 الواقعة في المنطقة دمرت بنسبة 40 في المائة».

بينما أكد مسؤول آخر أن 12 قرية بنيت منازلها بالآجر أو الطين دمرت بالكامل بالزلزالين اللذين ضربا هذه المنطقة الجبلية التي تبعد نحو 60 كيلومترا شمال غربي تبريز، بفارق 10 دقائق فقط. ومنذ ذلك الحين، سجلت أكثر من 80 هزة ارتدادية أقل شدة في المنطقة نفسها التي بلغ عدد المنكوبين فيها 16 ألف شخص.

ويبلغ عدد سكان مجمل المنطقة المتضررة 128 ألفا و500 شخص تعيش غالبية كبيرة منهم في أكثر من 530 قرية، كما ذكر مسؤول محلي.

وجدير بالملاحظة أن معظم وكالات الأنباء الإيرانية تعاملت مع خبر الزلزالين وكأنهما ضربا بلدا آخر غير إيران، إذ لم يتصدر النبأ الأخبار التي أوردتها تلك الوكالات إلا لبعض الوقت، مكرسة جل اهتمامها بتطورات الشأن السوري. وفي وقت سويت فيه 12 قرية بالأرض وتحول بعضها إلى مقابر جماعية لم يزر أي مسؤول إيراني بارز القرى المنكوبة سوى وزيري الداخلية والصحة، مع تصريحات عن زيارة مرتقبة للنائب الأول لرئيس الجمهورية محمد رضا رحيمي وزير الاقتصاد.

وكانت وكالة أنباء «مهر» ذكرت أن وزير الداخلية توجه إلى المنطقة صباح أمس مع وزير الصحة ورئيس الهلال الأحمر بـ«أمر من الرئيس» محمود أحمدي نجاد لـ«تقييم الوضع وتنظيم العمليات».

ونقلت وكالة أنباء «إيرنا» عن نجار أن أحمدي نجاد «مهتم جدا بالقضية ويتابع موضوع إغاثة ‌المنكوبين منذ اللحظة الأول لوقوع الزلزالين»، وأضاف أن نجاد «اتصل قبل دقائق للتأكيد عل متابعة أوضاع المنكوبين وللبدء في إعادة إعمار القرى والمدن الت ضربها الزلزالان».

وبينما التزم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الصمت، أصدر رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) علي لاريجاني بيانا «أعرب فيه عن مواساته لذوي الضحايا»، مؤكدا على «ضرورة أن يشكل المسؤولون المعنيون ومنظمات الإنقاذ والإمداد لجانا لإدارة الأزمة وتعبئة جميع الإمكانات والمتابعة العاجلة والسريعة لمشكلات المتضررين، فضلا عن دراسة شاملة لمختلف جوانب هذه الكارثة وحجم الأضرار».

في غضون ذلك، تجمع الآلاف في مخيمات مؤقتة أو ناموا في الشوارع بعد وقوع الزلزالين خشية المزيد من الهزات الارتدادية التي وقع منها 40 بالفعل. وقال أحد الشهود لوكالة «رويترز» إن نقص الخيام وغيرها من الإمدادات جعلتهم ينامون وسط برودة الليل.

وقال مسؤولون إنه من المتوقع أن ترتفع أعداد القتلى نظرا لأن بعض المصابين في حالة حرجة، في حين أن المئات محاصرون تحت الأنقاض في أماكن لم يتمكن عمال الإنقاذ من الوصول إليها بسبب الظلام في الساعات الأولى من وقوع الزلزالين.

وقال طاهر ساداتي، وهو مصور محلي، في مكالمة هاتفية «رأيت بعض الناس الذين دمر منزلهم بالكامل ونفقت كل الماشية. الناس يحتاجون للمساعدة.. يحتاجون لملابس ثقيلة والمزيد من الخيام والبطاطين والخبز».

ويصعب الوصول إلى الكثير من الطرق برا مما أعاق جهود الإنقاذ. وقال سكان ووسائل إعلام إيرانية إن المستشفيات في تبريز وأردبيل ومدن أخرى مجاورة استقبلت الكثير من المصابين، وإن هناك صفوفا طويلة من الناجين ينتظرون العلاج. وقال أيدين، وهو من سكان تبريز، إنه توجه إلى مستشفى محلي للتبرع بالدم أمس ورأى العاملين يجدون صعوبة بالغة في استيعاب العدد الكبير من المرضى. وقال إن أغلب المرضى نقلهم أقاربهم مما يشير إلى وجود نقص في سيارات الإسعاف.

وقال أراش، وهو طالب جامعي من سكان بلدة أهر، إن مستشفى البلدة الذي يضم 120 سريرا ممتلئ. وأضاف في مكالمة هاتفية أن اختناقات مرورية وقعت على الطريق الضيق بين أهر وتبريز لدى محاولة الضحايا الوصول إلى المستشفيات.

ونقلت وكالة «مهر» عن مسؤول الهلال الأحمر الإيراني محمود مظفر قوله إنه تم تخصيص ملاجئ طوارئ لنحو 16 ألف شخص في المنطقة التي ضربها الزلزالان.

وحذر محمد حسن نجاد عضو البرلمان من أنه في حالة عدم الإسراع في جهود الإغاثة فإن عدد القتلى سيرتفع سريعا.

وقال لوكالة «الطلبة للأنباء»: «لم تصل جماعات الإغاثة بعد للكثير من القرى، حيث إنه في الحالات العادية فإن هذه القرى على بعد عدة ساعات.. حاليا الطرق مغلقة والطريق الوحيد للوصول إلى هذه القرى عن طريق الجو».

ونقلت وكالة «فارس» عن عضو مجلس الشورى الإيراني عباس فلاحي قوله إنه يعتقد أن رجال الإنقاذ لم يتمكنوا بعد من الوصول إلى ما بين 10 و20 قرية.

وأظهرت صور نشرت على مواقع إخبارية إيرانية على الإنترنت العديد من الجثث، بما في ذلك جثث أطفال مسجاة على الأرض في مشرحة ببلدة أهر وعمال إنقاذ يخرجون الناس من تحت الأنقاض وبعضهم على قيد الحياة والكثير منهم لقوا حتفهم.

وذكرت قناة «برس تي في» الناطقة بالإنجليزية، أن إمدادات الماء والكهرباء والهواتف في ورزقان تعطلت، مما أعاق أكثر جهود الإنقاذ.