آخر الدبلوماسيين السوريين المنشقين لـ«الشرق الأوسط»: كثيرون داخل النظام يخدمون المعارضة

داني البعاج مندوب سوريا السابق في مجلس حقوق الانسان: لا بديل عن حل سياسي

داني البعاج
TT

أكد داني البعاج، مندوب سوريا لدى مجلس حقوق الإنسان والمنشق حديثا عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أنه ما زال مقتنعا تماما - على الرغم من حجم الدم المراق والانتهاكات التي ارتكبت بحق المواطنين السوريين - بأنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة، مدللا على قوله بأن كل الحروب التي شهدها التاريخ انتهت بمعاهدات سلام «سياسية».

وأشار البعاج الذي يعد آخر المغادرين لقاطرة النظام في الفترة الماضية، في حواره مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من جنيف حيث يقيم وأسرته حاليا، إلى أنه انشق الأسبوع الماضي بعد أن أيقن أنه لا يستطيع تقديم المزيد من الخدمات للمعارضة السورية، التي كان يتعاون معها منذ شهور طويلة من قلب النظام.

كما أكد أن هناك عددا كبيرا ممن يعملون داخل النظام حتى الآن لخدمة المعارضة في مختلف الجهات الحكومية والعسكرية، مثمنا ما يقدمه هؤلاء من خدمات لا تقل عن خدمات المنشقين ومعارضي النظام بشكل صريح.

وكشف الدبلوماسي الشاب، في حواره، عن بعض ما يدور داخل أروقة دوائر المجالس الدولية، وطرق تعامل المجالس المختلفة مع الملفات دبلوماسيا، مشيرا بواقعية شديدة إلى أن جميع الدبلوماسيين في العالم يقومون بتنفيذ «تعليمات» تأتيهم من وزارات الخارجية التابعين لها.. ولكنه تابع بمرارة: «ولكن القضية تصبح حساسة عندما يصبح حجم الكذب كبيرا».

وأكد البعاج أن النظام السوري أصبح يحتكر الدولة ويختطفها لصالحه، وأنه يرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق شعبه، مؤكدا أن المشكلة السورية كانت داخلية بالأساس، لكن الأسد حولها إلى مشكلة إقليمية ودولية.

وإلى أبرز ما جاء بالحوار:

* مع من ناقشت قرار انشقاقك قبل الإقدام عليه؟

- أول من تشاورت معهم منذ أن كنت أعمل بوزارة الخارجية هم مجموعة المنبر الديمقراطي السوري (بباريس). وكان هناك تواصل، وبشكل عام كنا على تنسيق دائم. أما خطوة الانشقاق أو توقيته فلم يطلب مني أعضاء المنبر ذلك، بل كانوا دائما داعمين لأي قرار أتخذه بمحض إرادتي.

بالمقابل يخضع موضوع الانشقاق لعدة عوامل، جزء منها يعود إلى ترتيبات لوجيستية، وجزء منها يعود لمدى فائدة الانشقاق. ومن خلال التنسيق مع المنبر كنت أستطيع أن أقدم المساعدة من داخل النظام، لكن عندما أصبح أمر بقائي غير مفيد، وعندما استدعيت إلى دمشق وأصبحت عائلتي تحت التهديد؛ لأنه يبدو أن النظام اكتشف أنني على علاقة مع المعارضة، إضافة إلى أن صوتي دائما كان عاليا في الانتقاد، لأني لم أكن أبدا نوعا من الدبلوماسي الذي قد يعتبرونه «مدجنا».. فعندها كانت – إذا جاز التعبير - «ساعة الصفر».

من جهة أخرى، كنت على تنسيق مع مجموعة من الأصدقاء الدبلوماسيين، ونحن من مختلف المشارب والرتب والأماكن، منهم من كان داخل سوريا في وزارة الخارجية ومنهم من كان في البعثات والسفارات السورية بالخارج.. وكان من المهم أيضا أن يتم التنسيق معهم وإعلامهم بالموضوع.

* هل ينتمي هؤلاء الدبلوماسيون إلى التجمع الجديد الذي أعلن عنه الأسبوع الماضي ويحمل اسم «دبلوماسيون سوريون من أجل دولة ديمقراطية مدنية»؟

- نعم.. نحن المجموعة نفسها، والجميع يعمل من الداخل. ومن اضطر أن يعلن انشقاقه هم مجموعة الدبلوماسيين الذين رأوا أنهم لم يعودوا مفيدين بالداخل، بينما هناك عدد آخر ممن يعملون بالداخل أو بجهات تابعة، وسيعلنون الانشقاق حينما يشعرون بأنهم بدورهم لا يقدمون الفائدة اللازمة من بقائهم.

* وما مدى شعبية هذا الكيان في الأوساط الدبلوماسية السورية؟ وما حجم المشاركة به؟

- أتحفظ عن الإجابة عن السؤال حماية للدبلوماسيين الذين لا يزالون موجودين بالداخل، وذلك مرتبط بسلامتهم. ولكن للتدليل على تأثيره، أؤكد أن تأسيسه كان قبل الإعلان عن انشقاق أي دبلوماسي عن النظام. وبالتالي الجهود كانت واضحة منذ البداية، ثم أخذ الموضوع صدى أكبر عند إعلان بعض الدبلوماسيين انشقاقهم لاحقا.. ابتداء من الزميل حسام الحافظ (القنصل المنشق عن السفارة السورية لدى أرمينيا) وصولا إلى آخر دبلوماسي انشق.. وهناك بعض الانشقاقات على الطريق.

* تحدثت - كما تحدث كثير من المنشقين عن النظام السوري - عن وجود تهديدات.. فما نوعها؟

- لم تتخذ التهديدات معي «صورة مباشرة»، لكن التهديد موجود دائما، وببساطة كل من يعمل ضد النظام هو عرضة للتهديد. والتهديد الأوضح والأكثر جسامة هو ما يفعله النظام بالشعب ككل، وهو ما يمكن أن يوضح ما يمكن أن يفعله بأي منشق أو عائلته، أو أي شخص يعمل ضده.

* هل أسرتك معك في جنيف؟ وهل حصل على تطمينات من أي جهة بشأن أمنكم الشخصي؟

- تمكنت من إخراج عائلتي معي لأنني ببساطة «متحسب» للأمور.. وكجميع الدبلوماسيين الذين يعملون ضد النظام كنا نتخذ خطوات «احترازية»، من خلال إبعاد عائلاتنا أو إخراجهم خارج سوريا.

وخروج عائلتي، ووالدي تحديدا، كان في آخر لحظة، وقد استطاعوا عبور الحدود وهم مطلوبون للآن من النظام. وتمت تلك الخطوة بمساعدة بعض الضباط الشرفاء العاملين في مراكز الهجرة والمراكز الحدودية.

* إلى أي مدى اقتربت من دوائر النظام الحاكم في سوريا؟

- لم أكن بهذا القرب.. علاقتي كانت مع وزارة الخارجية، وهي بحد ذاتها مكان عمل حساس.

* خلال أكثر من عام ونصف العام منذ بداية الأحداث، كنت بحكم منصبك ممثلا عن النظام في مجلس حقوق الإنسان.. فهل كنت من موقعك «مجبرا» على أن تدافع عن تصرفات النظام ومجازره وانتهاكاته؟ وهل كانت هناك إملاءات بما يقال على سبيل الدفاع في تلك الاجتماعات؟

- لنحاول رسم صورة واضحة للموضوع.. بداية، جميع الدبلوماسيين في العالم يقومون بتنفيذ التعليمات التي تأتيهم من وزارة الخارجية (التابعين لها)، وهذا أمر روتيني.. البعض ينفذ تعليمات هو غير مقتنع بها.

ولكن القضية تصبح حساسة عندما يصبح «حجم الكذب كبيرا». والحال أن وزارة الخارجية (السورية) أصبحت تزود بمعلومات غير واضحة، إضافة إلى أنني كنت أعلم حجم الكذب الموجود.

من جهة أخرى، فإن الأساس كان هو الحفاظ على الدولة والبقاء في المسار الصحيح، وذلك من خلال ما يتوجب على الحكومة أن تفعله من إصلاحات. وقد تبين بعد شهر من الحراك (الثوري السوري) أن هذه الإصلاحات غير جدية أبدا.. وبالتالي فإن موقفي قد اتخذته بعد أشهر قليلة بأنني سأكون إلى جانب الشعب.

* ولماذا جاء القرار الآن؟

- أي دبلوماسي متفق مع قناعاته، ومتسق مع ذاته، سوف يتقدم باستقالته ويرحل.. وكان هناك خطر موجود؛ ليس فقط على النظام، ولكن على الدولة بحد ذاتها، لأن النظام للأسف يحتكر الدولة ويختطفها لصالحه.

إذا كانت القضية هي إلى أي مدى يمكن أن نحمي سوريا كدولة وننأى بأنفسنا عن النظام وممارساته.. وهذا الأمر أؤكد أنه لم يكن في ذهني فقط، ولكن في ذهن جميع الدبلوماسيين السوريين ممن انشقوا وممن لم ينشقوا بعد. فكان الاتفاق بيننا جميعا أننا نمثل سوريا كدولة والشعب السوري، وعلينا أن نعمل لحماية الدولة السورية، والحفاظ على استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها. وهو أمر يتفق عليه جميع الدبلوماسيين السوريين. وهذا ما جعل الأمر سهلا؛ حيث إن كل ما قمت به من عمل داخل مجلس حقوق الإنسان كان يهدف لحماية سوريا كدولة، وليس من أجل النظام أو الحكومة.

* كيف ذلك؟

- أعطي مثالا بسيطا، فأنا لم أعارض شخصيا ولم أقم لا علنا ولا سرا بالعمل ضد أي فقرة قد تكون موجودة في قرار حول سوريا في مجلس حقوق الإنسان تتحدث عن محاسبة مرتكبي انتهاكات لحقوق الإنسان، لكني وبكل ما استطعت من قوة وقفت في وجه أي فقرة تتحدث أو تعتبر تهديدا لسيادة وأمن واستقلال سوريا.

والشق الثاني هو حجم ما نستطيع أن نقدمه من خدمة من داخل النظام لأطراف المعارضة. وحقيقة فإن العامل الذي حدد «ساعة» الانشقاق، وهو مدى الفائدة التي تقدمها من الداخل، هو نفسه الذي حدد ساعة الخروج لأنه لم يعد هناك من فائدة من البقاء أكثر من ذلك. والبيان الذي صدر عن تجمع الدبلوماسيين السوريين أوضح تماما ما نتفق عليه كدبلوماسيين سوريين، فنحن جميعا مع الحفاظ على سيادة واستقلال وسلامة أراضي سوريا، ومع الانتقال السلمي الكامل للسلطة داخل سوريا، وضد التدخل الخارجي؛ لأن ما قد يجلبه من تبعات قد يكون أسوأ بكثير من أي فائدة قد نحصل عليها.

* وما هذه الأولويات حاليا من وجهة نظرك؟

- الأهم اليوم – وقبل كل شيء - أننا مع الحفاظ الكامل على الدولة، فعلى الدولة أن تستمر بمؤسساتها في اليوم التالي الذي يسقط فيه النظام. لا شيء سيتغير سوى أن السوريين سيكونون أحرارا، لكن الدولة ستتابع عملها.

* في ظل أكثر من 23 ألف قتيل «موثق» حتى الآن منذ بدء الأزمة.. أي الأحداث «هزت» المنظمة الدولية أكثر من غيرها؟

- جميع الأحداث، فإن مقتل شخص واحد ظلما يعتبر كمقتل آلاف.. الرقم حقيقة، على الرغم من هوله، لا يعطي تأثيرا مختلفا.. والسبب ببساطة أن مقتل أي شخص مدني دونما ذنب، ومقتل أي متظاهر سلمي مثله كمثل مقتل عدد أكبر.

للأسف كنا نحاول أن يكون العدد أقل، وكنا نحاول أن نحمي الدولة، ولكن هذا لم يحدث.

* صدر تقرير عن مجلس حقوق الإنسان يوم الأربعاء بإدانة النظام والشبيحة الذين يعملون في إطار «سياسة دولة» بمجزرة الحولة (في حمص)، وكذلك بالقتل الممنهج وجرائم حرب، إلى جانب إدانة المعارضة بقدر ما في انتهاكات.. ما قيمة كل هذه الإدانات في ظل إصرار روسيا والصين على معارضة إدانة النظام في مجلس الأمن؟

- الجميع يرون في مجلس الأمن الجهاز الدولي الوحيد والقوة القادرة على «فرض شيء ما على الدول»، وهو أمر صحيح.. بينما باقي الالتزامات الدولية هي «التزامات طوعية».. من هنا فإن مجلس حقوق الإنسان لا يمتلك فرض أي شيء على أي دولة من الدول. لكن أهمية عمل مجلس حقوق الإنسان، وتحديدا في القضية السورية، تكمن في التوثيق الدقيق لهذه الانتهاكات. وبالتالي فإن أي محاكمة مستقبلية أو محاسبة لمرتكبي هذه الانتهاكات ستتم بناء على هذه التقارير والإدانات.

من جهة ثانية، فإن طبيعة عمل مجلس حقوق الإنسان هي طريقة توافقية، فنحن لا نتحدث عن آليات مجلس الأمن، حيث إن هناك حق اعتراض (فيتو) يمكن أن يعرقل أي قرار، لكن ما يصدر عن مجلس حقوق الإنسان تكمن قوته في عدد الأصوات المؤيدة للقرار.. كما يأتي من «صيغته الأخلاقية» القوية التي تقول إن هذه الانتهاكات ترتكب.. وترتكب بشكل منظم. وهو ما يؤسس لتغيير في نظرة المجتمع الدولي لما يحدث في سوريا.

* وما رأيك فيما يدور من صراع بين الأطراف المختلفة داخل أروقة المجالس الدولية؟

- لأني دبلوماسي وأعرف خبايا الأمم المتحدة وكيف يتم تحضير القرارات والوصول إليها، أفهم تماما ماذا يعني الفيتو الروسي أو الصيني لوقف أي عمل ضد سوريا. ونحن كدبلوماسيين مقتنعون بأنه من حق كل دولة في العالم أن تعمل من أجل تحقيق مصالحها، وأن تكون لها أجندتها الخاصة، وهي تخدم هذه الأجندة بما تمتلكه من عناصر قوة وعلاقات. وكذلك أفهم أن هنالك تحفظا روسيا وصينيا كبيرا، وقناعة روسيا بمسألة عدم التدخل والتفسير «الضيق» لمفهوم «حماية سيادة الدول».. كما أفهم أن هناك علامات استفهام لدى عدد من الأطراف حول دعم الثورة السورية من قبل عدد آخر من الدول.. لكن كل هذا لا يبرر ولا ينفي حقيقة أن النظام يرتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في حق شعبه.

ونحن مهتمون ببساطة بما يحدث في سوريا، فالسؤال هو لماذا سوريا دولة غير ديمقراطية؟ ولماذا لم ينفذ النظام تعهداته الإصلاحية؟ ولماذا لا يتم احترام حقوق الإنسان في سوريا؟ فالخطأ لا يبرره خطأ، والمشكلة واضحة.. وهي مشكلة داخلية والنظام حولها إلى مشكلة إقليمية ودولية.

كان من المفترض أن تحل بين أطراف الشعب السوري، النظام يرفض ذلك، ويريد أن يأخذ الأزمة إلى مواجهة إقليمية، مروجا لفكرة يحاول أن يخدع العالم بها عن حماية مفهوم سياسة المقاومة والممانعة. وأقول له افعل ما عليك.. إن أردت أن تكون محورا للمقاومة فكان عليك أن تكون ديمقراطيا قبل غيرك.

فالمقاومة تتم حمايتها من خلال احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان، وليس من خلال قتل الأبرياء وانتهاج التعذيب كسياسة ممنهجة.

* هناك جدل حاليا على تمديد مهمة بعثة المراقبين الدوليين وتعيين مبعوث جديد خلفا للسيد أنان.. فهل ترى أنه ما زال هناك أمل في حل سياسي بعد كل ما أريق من دماء؟

- كدبلوماسي أقول لا بد من وجود حل سياسي.. أي أزمة في العالم لا تنتهي إلا من حل سياسي ودبلوماسي.. فالحروب جميعا تنتهي بتوقيع اتفاقيات سلام.

وكمواطن سوري أقول: أتمنى أن يكون المجتمع الدولي – وبعد تدويل الأزمة - جديا بحق في إيجاد حل للأزمة السورية. وأعتقد أنه لا تزال هناك فرصة، وهي متاحة أمام جميع الدول والأطراف، إذا تم تصدير مصلحة الشعب السوري.. وكلما كان الحل السلمي أسرع، أنقذت أرواح السوريين.

* ولكن تعدد أطياف المعارضة السورية جعل عددا من القوى الدولية تفقد ثقتها بها، بل تصفها بلفظ بعيد عن الدبلوماسية وهو «التشرذم».. فكيف يمكن الوصول إلى حل سياسي في ظل ذلك؟

- بداية ولرسم الصورة بطريقة أوضح، لا أرى أن هذا اللفظ دقيق لوصف حال المعارضة، لأن الاختلافات بين أطيافها هي اختلافات على بعض التفاصيل المتعلقة بالآليات وليس الأسس.. فجميع أطياف المعارضة على اختلافها لديها هدف واحد وهو إسقاط النظام، إذن فهناك ما تتفق عليه المعارضة، وهو الشيء الأكثر أهمية. أما الاختلافات فمحصورة في الأساليب والأدوات التي سيتم بها إسقاط هذا النظام.

وأرى أن في هذا الأمر «إثراء» وليس «تشرذما»، لأنه يجعل هناك خيارات متعددة.. البعض يؤمن بخيارات سلمية بحتة، البعض يؤمن ببعض «العسكرة»، البعض يؤمن بعسكرة كاملة، لكن لا خلاف على المبدأ.

وهذا الغنى في البدائل – إن كانت المعارضة جدية - يجعلها تستطيع أن تصل إلى حد أدنى مقبول من قبل الجميع.. وأعتقد أن ما صدر عن المعارضة من وثائق في اجتماعها الأخير بالقاهرة (مطلع أغسطس/ آب الجاري) يمثل هذا الحد الأدنى. ومن الممكن، إن كانت أطراف المعارضة صادقة في تحقيق هذا الحد الأدنى، أن يتم تشكيل لجنة تشمل تمثيلا لجميع الأطراف لمتابعة تنفيذ ما صدر عن هذا المؤتمر، وخصوصا ما يتعلق بشأن «العهد الوطني» والمرحلة الانتقالية.. وهو أساس جيد يمكن البناء عليه.

وأتمنى بالمقابل أن يكون الموقف الدولي من دعم المعارضة السورية غير منحاز لطرف دون آخر، لأن هذا ما يعقد المشكلة.. فعندما تقوم الدول صادقة بتقديم الدعم للشعب والمعارضة السورية، فمن الأفضل أن يشمل جميع الأطراف، دون انتقاء طرف على حساب آخر.

* كمواطن سوري على صلة وثيقة بالأحداث.. ما توقعاتك للسيناريو المقبل بعد سقوط الأسد؟ هل ترى أن الأقرب للتصور هو حكم عسكري، أم مجلس انتقالي، أم أنها حقبة الإسلاميين على غرار دول الربيع العربي؟

- الحقيقة أن الشعب السوري قام بهذه الانتفاضة من أجل الوصول إلى الديمقراطية المنشودة والدولة المدنية، وهو ما يعني أن جميع الأطراف - من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار - يملكون الحق في التعبير عن رأيهم واختياراتهم والمشاركة السلمية في السلطة؛ على غرار جميع الديمقراطيات في العالم.

أما عن قيادة المرحلة الانتقالية، وهو سؤال مشروع عمن يمكن أن يقوم بهذا الأمر، فعن نفسي كنت آمل سابقا أن يكون السيناريو مرتبطا أكثر باتفاق حقيقي بين النظام – أيا كان من يمثله ممن لم تتورط أيديهم بالدماء - والمعارضة السورية لتأمين هذه المرحلة الانتقالية. وأعود وأذكر بما صدر عن المرحلة الانتقالية في مؤتمر القاهرة، الذي لمح إلى هذا السيناريو، وقد يكون الأمثل.. ولكن أيضا فإن أي سيناريو مطروح يساهم في حفظ دماء السوريين، هو أمر مقبول بالنسبة لي؛ فالهدف الأساسي للمرحلة الانتقالية هو وقف القتال والعنف وإطلاق العملية السياسية.

* ختاما.. ما خطوتك المقبلة في الفترة الحالية لمساعدة المعارضة السورية؟

- أنا كما قلت جزء من أحد أطراف المعارضة، وهو التجمع الدبلوماسي.. وأتمنى أن أستطيع أن أخدم عبر العمل بفاعلية مع هذا الطرف في تحقيق أهداف وتطلعات الشعب السوري. وأضع خبرتي كاملة كدبلوماسي في خدمة جميع أطياف المعارضة دون استثناء، وفي خدمة الشعب السوري، لأن هذا هو الأساس.. وحتى عندما كنت أعمل داخل النظام كنت مقتنعا تماما بأنني أعمل لخدمة الدولة والشعب السوري، وقد انحزت إلى طرفه بناء على هذا الأساس. وبالتالي فإنني لن أتأخر في أي مكان أرى أنني من الممكن أن ألعب فيه هذا الدور.