انفجار في المزة.. ومأساة إنسانية في «معضمية الشام»

حملة عسكرية عنيفة تستهدف مدينة الحراك.. وآلاف اللاجئين يفرون إلى الأردن وتركيا

سوريون يبحثون عن ناجين أسفل حطام المنازل في مدينة مارع القريبة من حلب بعد قصفها أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي هزّ انفجار ضخم بالأمس حي المزة في العاصمة السورية دمشق، مما أدى (بحسب ناشطين) لمقتل 4 من الجنود النظاميين، أشار أغلب الناشطين والتقارير الإخبارية إلى مأساة تعيشها مدينة «معضمية الشام» في ريف دمشق، أسفرت عن مقتل أكثر من 70 شخصا (في حصيلة مبدئية) جراء القصف العنيف والمستمر الذي تقوم به القوات النظامية على المدينة، التي أكد ناشطون تعرض عدد من شبابها لحالات إعدام ميدانية. وقالت لجان التنسيق المحلية إن ما يزيد على 152 قتيلا قضوا أمس بنيران قوات الأسد، 90 منهم في دمشق وريفها، نتيجة أعمال العنف تضرب كل المحافظات السورية دون استثناء. وبينما أشارت الأنباء الواردة من حلب إلى أن الجيش السوري الحر يؤكد سيطرته على نحو ثلثي المدينة، على الرغم من المعارك المستمرة.. أفيد بأن قوات الأمن السورية اقتحمت مدينة الحراك في درعا بعد انسحاب الجيش الحر منها، وتحدث ناشطون عن أنه تمت مداهمة المدينة فقتل 90 من أبنائها بين يومي الاثنين والثلاثاء، 20 منهم قضوا حرقا. هذا، وشهدت مدينة الرمثا الأردنية الحدودية مع سوريا وصول أكبر موجة نزوح خلال ساعات مساء الاثنين وفجر يوم الثلاثاء، تركزت على اللاجئين القادمين من ريف دمشق. وأوضحت مصادر في المدينة أن 2100 لاجئ عبروا الحدود الأردنية غير الرسمية حتى منتصف ليل الاثنين، وأن هناك تدفقا مستمرا للاجئين الذين توقعت المصادر أن يبلغ عددهم أكثر من 3000 لاجئ. وأشارت المصادر إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء اللاجئين نزحت من مناطق ريف دمشق التي شهدت أول من أمس أعنف موجة قصف من القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد. كما أكدت مصادر إخبارية أن عدد اللاجئين المتوجهين إلى تركيا خلال الساعات الـ24 الماضية تجاوزوا الألف شخص.

ومن دمشق، أفاد شهود عيان بمقتل 4 من الجنود النظاميين وإصابة 6 آخرين في انفجار سيارة مفخخة صباح يوم أمس في حي المزة بدمشق، حيث استهدف الانفجار حاجزا أمنيا قرب مدارس بنات الشهداء. واندلع (بحسب الناشطين) حريق في المكان إثر الانفجار، مما أدى إلى أضرار مادية في السيارات والمباني، وأكدت شبكة «شام» الإخبارية سماع إطلاق نار عقب الانفجار، بينما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه بعد. وفي العاصمة أيضا، قصف الطيران المروحي حيي التضامن والقزاز، كما تجدد القصف المدفعي على أحياء الحجر الأسود والقدم والعسالي ودف الشوك، وشن جيش النظام حملة اعتقالات عشوائية بحي الميدان، وفقا لوكالة «شام». وبث ناشطون صور 6 أشخاص قالوا إن قوات النظام عذبتهم قبل قتلهم في حي القدم بالعاصمة، وذلك بعد سلسلة من حوادث الإعدام الميداني الجماعي في الأيام الأخيرة لأشخاص مكبلي الأيدي.

وفي ريف دمشق، أفادت لجان التنسيق المحلية في سوريا بأن أكثر من 90 شخصا قتلوا أمس في دمشق وريفها، معظمهم في معضمية الشام. فيما أكدت مصادر أخرى أن قتلى المعضمية تجاوزوا 70 شخصا أمس، بينهم أكثر من نحو 40 في مجزرة جماعية وإعدامات ميدانية.

ووسط حالة من الغموض الشديد وشح المصادر في المدينة، أفادت الأنباء الواردة من سوريا بأن البلدة تتعرض لوضع «مزرٍ» وحالة إنسانية «مؤسفة» عقب اقتحام قوات الأسد للمدينة. قال المرصد السوري إن «القوات النظامية اقتحمت بلدة معضمية الشام وبدأت حملة لإحراق منازل ومحال تجارية». وفي ريف دمشق أيضا، قال ناشطون إن القصف المروحي تواصل على بلدات البلالية والنشابية وببيلا ويلدا ودير العصافير، فيما تجدد القصف المدفعي على مدن جديدة عرطوز والضمير والزبداني وداريا، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وفي جنوب البلاد، أفيد باقتحام مدينة الحراك في درعا، بعدما كان المجلس الوطني السوري قد أعلنها منطقة منكوبة. وقال الناشط أبو محمد من درعا لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش السوري الحر انسحب من المدينة بسبب نقص الذخيرة، فما كان من قوات النظام إلا أن اقتحمتها، موقعة ما يزيد عن 90 قتيلا ما بين يومي الاثنين والثلاثاء، قضى 20 منهم حرقا.. ووصف أبو محمد الوضع في المدينة بـ«المأسوي»، متحدثا عن نقص في المواد الغذائية والطبية والكادر الطبي. وبالتزامن أفيد باقتحام دبابات الجيش النظامي لمدينة نوى وسط إطلاق نار كثيف، وعن تجدد القصف المدفعي العنيف أيضا على مدن وبلدات ناحتة وإنخل واللميحة الشرقية والمليحة الغربية والغارية الشرقية والغربية وبصر الحرير وحيط والحراك واللجاة والصورة.

وفي الوقت الذي أكد فيه رئيس المجلس العسكري في محافظة حلب التابع للجيش السوري الحر العقيد عبد الجبار العكيدي أن المقاتلين المعارضين يسيطرون على نحو ثلثي مدينة حلب حيث تدور معارك منذ شهر مع القوات النظامية السورية، قال ناشطون إن شخصا على الأقل قتل وأصيب عشرات في غارة جوية على بلدة مارع بريف حلب، حيث تسببت في دمار شديد لمنازل المواطنين. وتحدثت شبكة «شام» عن تجدد القصف المدفعي على بلدة السحارة، بينما قامت الطائرات المقاتلة بقصف مدينتي الباب وتل رفعت وأحياء الميسر وطريق الباب والشعار والفردوس بمدينة حلب.

وتحدثت لجان التنسيق المحلية عن تعرض محافظة دير الزور لحملة عسكرية مكثفة منذ 70 يوما، لافتة إلى تجدد القصف المدفعي على أحياء المدينة، وخصوصا على حيي الحميدية والشيخ ياسين. كما استمر وبحسب ناشطين قصف مدينة البوكمال في المحافظة التي نزح نصف سكانها إلى العراق، وتجدد القصف بالطيران الحربي على مدينتي هجين وغرانيج وبلدة الشعيطيات من قبل جيش النظام.

أما ريف اللاذقية فشهد قصفا مدفعيا على بلدة كسب القريبة من الحدود مع تركيا، كما قصفت راجمات الصواريخ قرى المزرعة وبيت ملق بناحية الربيعة، وكذلك الحال في مدن وبلدات معرة النعمان وتفتناز وسراقب ومعرة مصرين وأريحا وزردنا وترملا وكفر سجنة والركايا في ريف إدلب. وقال عمار الحسن الناشط من اللاذقية لـ«الشرق الأوسط»: «يشهد جبل التركمان منذ أكثر من شهر ونصف الشهر حصارا خانقا في الوقت الذي تلتهم فيه الحرائق التي تصل إلى تركيا المساحات الخضراء» لافتا إلى أن جيش النظام يطلق النار على طائرات الإطفاء لمنعها من إطفاء الحرائق ظنا منه بأنه بذلك يكشف مخابئ الجيش السوري الحر. بدورها، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» أن «وحدات من الجيش السوري تصدت لمحاولة اعتداء وتسلل مجموعة إرهابية من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي السورية في نقطة حالات بريف تلكلخ، وأوقعت إصابات مباشرة في صفوفها». وأشارت إلى أن «الجهات المختصة اشتبكت مع مجموعات إرهابية مسلحة في القصير، وأوقعت عددا من أفرادها بين قتيل وجريح».

وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود أنها «أنشأت مستشفى ميدانيا ثابتا في شمال سوريا في منطقة خاضعة للمعارضة المسلحة»، مطالبة أطراف النزاع بـ«تسهيل وصولها إلى الجرحى». وقال المدير العام للمنظمة فيليب ريبيرو في مؤتمر صحافي في باري: «أطلعنا رسميا السلطات السورية بوجودنا على الأرض، ولم تكن مسرورة بذلك، وأكدت أننا هنا بشكل غير شرعي»، متوقعا من مختلف أطراف النزاع أن «تسهل وصولهم إلى الجرحى ومعالجتهم».