الجيش الحر ينقل إلى الإبراهيمي أولوية تنحي الأسد.. ويلمس لديه تحضيرا لما بعد رحيله

تطابق في وجهات النظر بين باريس والدوحة بشأن سوريا

مقاتلون سوريون بعد أسر أحد تابعي النظام السوري في بلدة بحلب أمس (أ.ف.ب)
TT

شهدت العاصمة الفرنسية تحركات دبلوماسية عدة أمس تخص الملف السوري. والتقى المبعوث الدولي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، مسؤول الإعلام المركزي في القيادة المشتركة للجيش الحر فهد المصري في فرنسا؛ بينما استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لبحث الملف السوري. وعرض المصري مطالب الجيش الحر والشعب السوري، على الإبراهيمي أمس مؤكدا على أولوية تنحي الرئيس السوري بشار الأسد وعدم القبول بأي حل دولي لا يرتكز على شرط رحيل الأسد.

وقال المصري لـ«الشرق الأوسط»، «كان لقاء مفيدا أطلعنا خلاله على وجهة نظر الإبراهيمي بعد تكليفه من قبل الأمم المتحدة، ولمسنا منه أن هناك تركيزا في البحث والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد.. كذلك، عبَّر عن أسفه لما آلت إليه الأمور في سوريا، ولمسنا لديه رغبة كبيرة للعمل على إيجاد مخرج للأزمة السورية، على الرغم من صعوبة المهمة». ولفت إلى «أنّه لدى الإبراهيمي وجهة نظر بضرورة توحيد كل الجهود الوطنية من أجل إنقاذ سوريا وعدم انزلاقها إلى أكثر ما هي عليه، كما يحاول لقاء مختلف الأطراف السورية والعربية والدولية للوصول إلى رؤية مشتركة لإنهاء الأزمة، وهو على ما يبدو يحاول الإطلاع على كل التفاصيل قبل الكلام أو الإعلان عن خطّته، كما أنّه سيلتقي خلفه كوفي أنان قريبا في نيويورك لمعرفة المزيد حول ما قام به».

وأضاف المصري: «أطلعناه على الأوضاع الميدانية والإنسانية، وأكدنا له أنّه وعلى الرغم من معرفتنا بتعقيدات المهمّة وصعوبتها، لن نتنازل عن المطالب التي حددتها الثورة السورية. وأهمّها، عدم القبول بأي حل سياسي لا يعتمد على رحيل الأسد وعصابته والوقف الفوري لآلة القتل والتدمير.. إضافة إلى خطة عملية وفاعلة وواضحة وضمانات دولية، بعدما اعتاد النظام إفشال كل الجهود السابقة». مضيفا: «عبرنا له عن قناعتنا أنّ النظام لا يفهم إلا لغة القوة.. ومع ذلك نرحب بتكليفه إذا ترافقت خطّته بضمانات ملزمة لوضع حد لآلة القتل والدم والمجازر، وتساهم في إنقاذ الشعب السوري للوصول بسوريا إلى برّ الأمان، مع تشديدنا على رفض أي فرصة أو مهلة للأسد الذي يصرّ منذ اليوم الأول للثورة على الحل الأمني والعسكري». وفي حين اعتبر المصري أنّه من المبكّر الحديث عن خطّة محدّدة في مهمة الإبراهيمي، أوضح أنّ طلب الجيش الحر هو أن تكون هذه المهمة مرتكزة على رؤية واضحة المعالم والأهداف والآليات والضمانات الدولية، معتبرا أنّ «خطّة المبعوث السابق كوفي أنان، الذي كلّفت الشعب السوري أكثر من 8000 شهيد، قد انتهت»، موضحا أنّ «روسيا وإيران ليستا جزءا من الحل؛ بل هما الأزمة بحد ذاتها.. ولولا دعمهما العسكري والمادي مباشرة أو عبر أدواتهما لكان سقط النظام منذ شهور طويلة».

ومن جهته، قال العقيد عبد الجبار العكيدي، رئيس المجلس العسكري في حلب، والذي كان حاضرا في الاجتماع الذي جمع عددا من رؤساء المجالس العسكرية و«مجموعة الدعم السورية»، لـ«الشرق الأوسط» بعد استخدام النظام للطيران الحربي والحوامات المقاتلة، لم يعد بإمكان الجيش الحر حماية المدنيين.. وبالتالي نطالب المجتمع الدولي والولايات المتحدة أن يتحملا مسؤوليتهما لحماية الشعب السوري، إما بدعمنا وتسليحنا بالصواريخ المضادة للطيران أو بفرض الحظر الجوي». ومن جهته، امتنع أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عن الإدلاء بأي تصريح عقب لقائه الذي دام 45 دقيقة مع الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه، لكن الرئاسة الفرنسية أصدرت بيانا أفادت فيه أن المحادثات «تركزت بشكل أساسي على الوضع في سوريا». واغتنم هولاند، وفق ما جاء في البيان، المناسبة لإعادة تأكيد موقف فرنسا المصر على أنه «لا حل سياسي من غير رحيل بشار الأسد».

وأفادت الرئاسة الفرنسية أنه تبين للرئيس الفرنسي ولأمير قطر أن نظراتهما للوضع في سوريا «متطابقة» وأنهما «قررا تنسيق جهودهما من أجل أن تحصل عملية الانتقال السياسي في سوريا بشكل منضبط وبأسرع وقت ممكن». وبحسب مصادر واكبت الاجتماع، فإن البحث تناول آخر مستجدات الوضع السوري بما فيها تصريحات نائب رئيس الوزراء قدري جميل، الذي تحدث فيها عن الاستعداد لمناقشة تنحي الأسد عن السلطة، وهو ما يصدر للمرة الأولى عن مسؤول حكومي في دمشق. فضلا عن المهمة الموكولة للمبعوث الأممي الخاص الأخضر الإبراهيمي والإجراءات الممكنة لمساعدة المعارضة السورية ماديا وسياسيا، وما هو متوقع من اجتماع مجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري في 30 الحالي برئاسة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس.

وتتطابق المواقف الفرنسية والقطرية من صيغة الحل في سوريا؛ حيث إن الطرفين يلتزمان خطا متشددا من النظام السوري، كل في دائرة تحركه. إلا أن فرنسا دأبت منذ أيام على التأكيد على التزامها بقيام «سوريا حرة ديمقراطية، تحترم حقوق الإنسان وحقوق كل من طوائفها». وجاء في بيان الإليزيه أن رئيسي الدولتين أعربا عن «ارتياحهما للعلاقات الثنائية المتميزة»، كما أعربا عن عزمهما على «تقوية الشراكة الصلبة، الطموحة والصادقة» بين البلدين. وفي سياق مواز، أعلن رئيس الحكومة الفرنسية جان مارك أيرولت أن الهدف الذي تسعى إليه باريس هو «إيجاد الظروف التي توفر تحقيق الانتقال السياسي»، الأمر الذي يمر عبر «تشكيل حكومة انتقالية تضم مختلف مكونات المجتمع السوري لتفادي عمليات تصفية الحسابات وتحديدا إزاء الأقليات». وأفاد أيرولت أن الدبلوماسية الفرنسية «تقوم بعمل كثيف وبعيدا عن الأضواء، مضيفا أن حكومته استجابت لطلبات المعارضة السورية على الصعيد العسكري (عبر تقديم عدد من الوسائل غير القاتلة) للاتصالات والحماية».