لبنان: طرابلس تتنفس الصعداء بعد 5 أيام من الاقتتال

لا مجلس عسكريا في «باب التبانة».. والمقاتلون عادوا إلى البيوت

TT

تنفست طرابلس الصعداء، أمس، بعد معارك ضارية بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة جعلت العاصمة اللبنانية الثانية على مدار أسبوع مدينة أشباح. والأسوأ أن هذه المعارك بدأت مساء اليوم الثاني لعيد الفطر، مما مدد العطلة وشل حياة المواطنين.

وهدأت المعارك صباح أمس السبت، بعد ليلة عصيبة انتظر خلالها المواطنون الأسوأ لكثرة الشائعات حول انفجار أمني كبير منتظر، إلا أن الأوضاع مع انبلاج فجر السبت مالت إلى الهدوء. وأوقف المقاتلون إطلاق النار عملا باتفاق كان قد تبلور منذ يوم الأربعاء الماضي، خلال اجتماع في طرابلس ضم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزراء المدينة ونوابها وفعاليات باب التبانة ومفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار. إلا أن هذا الاتفاق الذي تمحور حول وقف الاقتتال ودخول الجيش إلى المناطق الساخنة، ورده بحزم على مطلقي النار لأي جهة انتموا، تعثر بسبب مقتل الشيخ خالد البرادعي واتهام مقاتلي جبل محسن باغتياله قنصا.

وأكد أحد فعاليات باب التبانة الشيخ مازن محمد الذي حضر الاجتماع وشهد على الاتفاق لـ«الشرق الأوسط» يوم أمس أن «مقاتلي باب التبانة عادوا إلى بيوتهم»، نافيا «أن تكون التبانة باتت وكرا لمقاتلين يأتونها من عكار ومناطق أخرى». وقال الشيخ مازن محمد: «أنا وأخي وجيراني، نحن من نقاتل في باب التبانة، نعلم أنه قتال عبثي ولا مصلحة لنا فيه، لكننا أمام تاريخ دموي مع الحزب العربي الديمقراطي، الذي لا يتوقف مسؤول مكتبه السياسي رفعت عيد عن التصريح بأنه رجل النظام السوري في لبنان». ونفى الشيخ أن يكون هو أحد أعضاء المجلس العسكري الذي قيل إنه تأسس في باب التبانة. وأضاف: «نحن أفراد نحمل السلاح لندافع عن أنفسنا، ليست لنا رابطة أو لجنة أو قيادة، أو مجلس عسكري أو أي شكل من أشكال التنظيم. كل ما يقال عن تسليحنا وتمويلنا من قبل جهات خارجية هو محض افتراء». وحين سألنا الشيخ مازن عن تكاليف التسليح حيث تستخدم آلاف الرصاصات وعشرات القذائف والقنابل، وباب التبانة منطقة فقيرة، فمن أين لأبنائها كل هذه الأسلحة؟ يجيب: «منطقتنا ليست كلها فقيرة، بيننا الميسورون والمستعدون لدفع جزء من أموالهم للدفاع عن باب التبانة وأهلها». ويضيف: «لو كانت الأسلحة تصلنا كما يدعون لكنا قد قضينا على جبل محسن منذ زمن طويل».

الهدوء الحذر ساد منطقتي باب التبانة وجبل محسن يوم أمس، وخرج السكان لشراء حاجياتهم من الأطعمة بعد خمسة أيام من الاختباء، وسط عمليات قنص قليلة متبادلة. وسير الجيش آلياته في المنطقتين، كما عمل على إزالة بعض الدشم والمتاريس التي كان يستخدمها المقاتلون، فيما دعا رئيس بلدية طرابلس إلى اعتصام مفتوح عند الساعة العاشرة من مساء اليوم، استنكارا للأحداث الجارية في المدينة.

وكان الجيش قد رد بحزم طوال ليل السبت على مطلقي النيران، ليخمد أي خرق للاتفاق، ومع ذلك بقيت عدة محاور مشتعلة حتى ساعات الصباح الأولى. كما هدد وزير الداخلية مروان شربل بإمكانية إصدار استنابات قضائية بحق كل من يحمل السلاح.

وبدا أن اليومين الأخيرين في طرابلس قد شهدا تصعيدا غير مسبوق وتجاوز المقاتلون حدود مناطق الاشتباكات المعتادة، وظهر مسلحون وسط المدينة، كما شوهدوا يجوبون الشوارع على دراجاتهم. ومما زاد الجو رعبا أن مسلحين عمدوا إلى إطلاق رصاص الرشاشات في بعض شوارع طرابلس وأحيائها السكنية الهادئة. وبدأت بعض المواقع الاجتماعية بتحذير الأهالي من الاقتراب من الشرفات والنوافذ، بسبب كثافة الرصاص الطائش من مجهولين يطلقون النار في الهواء.

ونفى الشيخ مازن محمد أن يكون مقاتلو التبانة قد خرجوا من منطقتهم خلال هذه الاشتباكات، وقال: «هذا سؤال برسم أصحاب البدلات والكرفتات والنجوم. حواجز الجيش حول التبانة تمنع خروج المقاتلين بأسلحتهم، ونحن لا نعرف من أين حضر هؤلاء المسلحون إلى طرابلس وما هي هويتهم. وما الذي يبغونه من فعلتهم».