عباس يرحب بفتح تحقيق دولي في وفاة عرفات

خبراء سويسريون سيفحصون جثمانه في رام الله.. ومحامي ارملته يؤكد أنه مات مسموما

TT

رحب الفلسطينيون ببدء فرنسا إجراء تحقيق في وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، بعد مرور نحو 8 سنوات على وفاته، على أمل تشكيل لجنة تحقيق دولية في ظروف وفاة «الختيار» التي أظهرت فحوصات «مختبرية» على متعلقاته الشخصية وجود كميات كبيرة من البولونيوم، مما عزز شكوكا أنه مات مسموما.

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس(أبو مازن) إنه يرحب بقرار القضاء الفرنسي قبول الدعوى المرفوعة للتحقيق في ملابسات وفاة عرفات، معبرا عن ثقته في تشكيل لجنة تحقيق دولية لمتابعة موضوع استشهاد الرئيس عرفات من جوانبه كافة، وذلك بهدف الوصول إلى الحقائق كافة المتعلقة بهذه القضية.

ومن شأن الخطوة الفرنسية دعم موقف السلطة المطالب بلجنة تحقيق دولية، وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح، جمال نزال في بيان: «نعتبر هذه الخطوة تكملة نوعية للمجهود الوطني الفلسطيني الهادف للوصول للحقيقة».

وكانت محكمة فرنسية فتحت تحقيقا في وفاة عرفات، بعدما طالبت زوجته، سهى الشهر الماضي من المحكمة في ضاحية نانتير (غرب باريس) فتح تحقيق في وفاته بعدما اكتشفت تحاليل مختبرية وجود بولونيوم في مقتنياته.

وقال مصدر قضائي في باريس إن قاضيا للتحقيق سيعين لقيادة التحقيق الفرنسي في احتمال القتل العمد.

وقال المحامي مارك بونان، محامي أرملة عرفات، «الفحوص التي أجريت في سويسرا أظهرت أن السيد عرفات في جميع الاحتمالات مات مسموما. هذا الافتراض ينبغي إثباته وإذا كان هذا هو الحال فهو قتل عمد».

وتواصل لجنة محلية في رام الله التحقيق في ظروف وفاة عرفات، واتفقت السلطة أيضا مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، على طرح هذا الملف على جدول الأعمال القادم لمجلس الجامعة العربية.

وقال مصدر كبير لـ«الشرق الأوسط»: «ستطلب الجامعة لجنة تحقيق دولية في ظروف وفاة أبو عمار، إنهم يدعمون موقفنا في ذلك». ويستعد الفلسطينيون الآن لإخراج جثمان عرفات، بعد وصول خبراء سويسريين للضفة، لإجراء فحوصات عليه.

وكانت السلطة وجهت الدعوة لمعهد الفيزياء الإشعاعي في المركز الطبي الجامعي في لوزان لفحص جثمان عرفات، ووافق السويسريون على أن تستخدم أي نتائج لأغراض سياسية. ومع بداية الشهر المقبل، سيصل الفريق المتخصص، ويبدأ بإجراء فحوصات على الجثمان المسجى في مقر المقاطعة في رام الله، والذي حوصر فيه عرفات خلال سنواته الأخيرة.

وسيأخذ الفريق السويسري عينات من الرفات، لإجراء فحوصات حول أسباب محتملة لوفاة عرفات، من بينها فحص وجود آثار مادة البولونيوم في جسده.

وتحقق السلطة في وفاة عرفات منذ أكثر من 8 سنوات، لكنها لم تعلن ولا مرة عن أي نتائج توصلت إليها.

وفي يوليو (تموز) الماضي، بعد تقرير بثته قناة «الجزيرة» القطرية، أظهر وجود مادة البولونيوم في مقتنيات لعرفات، كانت تحتفظ بها أرملته سهى، تعهدت السلطة بمتابعة الأمر من حيث انتهى التقرير التلفزيوني.

واعترفت السلطة لأول مرة الشهر الماضي بأن وفاة عرفات، كانت ناجمة عن مادة سمية غير معروفة، غير أنها لم تؤكد ما إذا كانت هذه المادة هي مادة «البولونيوم» التي اكتشفتها التحاليل المختبرية السويسرية في ملابس وأغراض عرفات أم لا؟.

وقال الدكتور عبد الله البشير، رئيس اللجنة الطبية للتحقيق في ظروف وفاة عرفات: «الأعراض التي ظهرت على الرئيس الراحل تؤكد وفاته بمادة سمية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون مادة البولونيوم المشعة».وأضاف: «لا نستطيع أن نجزم بأن الأعراض التي مر بها الرئيس ناتجة 100 في المائة فقط عن مادة البولونيوم. إنها أعراض ليست مرضية؛ فقد يكون البولونيوم، وقد يكون مادة أخرى والنتائج ستظهر الأمر».

ومن شأن الفحوصات التي سيجريها المركز السويسري حسم الأمر.

وكان عرفات توفي في مستشفى «بيرسي» الفرنسي في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004، دون إعلان سبب الوفاة، وتتهم أوساط في السلطة وفي عائلة عرفات المستشفى بحجب معلومات طبية.

ومن غير المعروف كيف ستستفيد السلطة من نتائج التقرير السويسري، إذ لا تملك أي معلومات حول مشتبهين بتسميم عرفات أو ما الطريقة. وتقول السلطة إنه إذا ثبت تسميم عرفات، فإنه يعرف كيف توفي، لكن الآلية ومن يقف وراء ذلك يبقى مجهولا وبحاجة إلى مزيد من التحقيق.

ولم تتهم السلطة ولا مرة إسرائيل بشكل رسمي، غير أنه توجد قناعة شعبية واسعة لدى الفلسطينيين، بأن إسرائيل هي التي قتلته، ويلمح مسؤولون في السلطة إلى ذلك، ويحذرون اليوم من تكرار سيناريو التخلص من عرفات مع الرئيس الحالي عباس.

ونفت إسرائيل أي علاقة لها بوفاة عرفات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إيجال بالمور: «هذا لا يخصنا، الشكوى المقدمة من سهى عرفات إلى الشرطة الفرنسية لا تتناول إسرائيل أو أي شخص بعينه. إذا كان القضاء الفرنسي فتح تحقيقا فنأمل أن يلقي الضوء على هذه المسألة».