البابا في لبنان الأسبوع المقبل لطمأنة مسيحيي الشرق

قوى 14 آذار تتواصل مع الفاتيكان لبلورة موقف تجاه ما يدور في سوريا

TT

أثارت مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأخيرة، والتي دعا خلالها اللبنانيين عامة والمسيحيين خاصة لـ«موقف مبدئي» تجاه ما يحدث في سوريا، موجة من ردود الفعل في الداخل اللبناني باعتبار أنّها مواقف تأتي قبيل زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر المرتقبة إلى لبنان يوم الجمعة 14 سبتمبر (أيلول) الحالي، والتي تحمل عنوان «طمأنة المسيحيين في لبنان خصوصا وفي منطقة الشرق الأوسط عموما».

وكان جعجع، خلال الاحتفال السنوي الذي تقيمه القوات «لشهداء المقاومة اللبنانية»، شدّد على أن «تاريخ المسيحيين ليس من تاريخ الديكتاتوريات في الشرق، أو أنه بدأ معها وسينتهي معها»، قائلا: «كأننا أتينا إلى هذا الشرق مع معمر القذافي أو حافظ الأسد وسنرحل مع بشّار الأسد! إنّ تاريخ المسيحيين طويل ضارب في هذا الشرق وآثارنا ظاهرة جليّة لمّاعة برّاقة، على مر العهود والأزمنة: علوم وآداب وعمران وحضارة، ونور وثقافة ورجال فكر ودولة، وبطولة وشهادة ومقاومة». وذكّر جعجع المسيحيين بأنه «لم يكن مسيحنا يوما مترددا خائفا جبانا، أو متخاذلا متفرّجا لا مباليا، بل كان دائما في نصرة الضعيف، والمقهور والمضطهد، لم يكن يوما مع الظالم بل دائما أبدا مع المظلوم»، داعيا «لعدم نكرانه من جديد، وصلبه مرة أخرى».

ولدى استيضاح مصدر مسؤول في القوات اللبنانية عمّا إذا كان جعجع والقوى المسيحية في 14 آذار ستحمل للبابا مطالب بوجوب اتخاذ مواقف جديدة للتعاطي مع الأزمة السورية، قال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تواصل بيننا وبين الفاتيكان حول هذا الملف قبيل زيارة البابا، وسيستكمل خلال الزيارة». رافضا الخوض بتفاصيل ما يتم التداول فيه بهذا الإطار، قائلا: «الفاتيكان يعرف مصلحة المسيحيين ولا حاجة لموقف علني، فالإرشاد الرسولي واضح في تحديد الاتجاهات المسيحية الاجتماعية والسياسية والفلسفية في الشرق الأوسط، كما في كيفية التعاطي مع الشريك المسلم في المنطقة باعتبار أن المبادئ المسيحية قائمة بالأساس على مناصرة المظلوم ضد الظالم أيا كان هذا المظلوم وهذا الظالم».

وإذ أكّد المصدر القواتي أن جعجع في خطابه الأخير لم يقل كلاما مناقضا لموقع وموقف المسيحيين في سوريا، لفت إلى أنّه ولا شك حثّهم ويحثّهم للانخراط أكثر في الثورة. بالمقابل، وضع القيادي في التيار الوطني الحر ماريو عون مواقف جعجع الأخيرة بإطار «المواقف الحاقدة التي لا تسهّل بقاء وديمومة المسيحيين في سوريا»، معتبرا أنّها مواقف تعلن انطلاقة عمله الانتخابي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الوقت ليس وقتا للمزايدات حول موضوع المسيحيين وكيفية حمايتهم، خاصة أن مواقف جعجع هذه تعرّض المسيحيين في سوريا لأخطار كثيرة كونه يدعوهم لمحاربة النظام هناك.. وهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا لأنّه يهدد مصيرهم ووجودهم».

واعتبر عون أنه «من مصلحة المسيحيين اليوم أن يكونوا بمنأى عمّا يحصل في سوريا وأن تصب مواقفهم في إطار الحياد الإيجابي لتمرير المرحلة الصعبة، لأننا لا نريد أن يكون مصير مسيحيي سوريا شبيها بمصير مسيحيي العراق». وقال: «لا شك أن زيارة البابا ستكون مناسبة لإعطاء جرعة من الدعم لمسيحيي الشرق عامة ولبنان خاصة، ونحن نعوّل عليها خاصة بموضوع التقارب المسيحي الإسلامي في لبنان كما في سوريا». ويؤكد القيمون على زيارة البابا في لبنان أنّها حاصلة بموعدها؛ على الرغم من كل الشائعات التي تحدثت في الأيام الماضية عن إمكانية إلغائها نظرا للأوضاع الأمنية المتردية القائمة. وقد جاء إعراب البابا يوم أمس، في المقر الصيفي في كاتسل غاندلفو عن فرحه لزيارة لبنان من 14 إلى 16 سبتمبر الجاري، ليدحض كل ما أثير حول تعقيدات قد تحول دون إتمام هذه الزيارة.