مندوبو مصر والسعودية وتركيا وإيران يجتمعون في القاهرة لحل الأزمة السورية

الإبراهيمي يجري مباحثات قبل توجهه لدمشق.. وبدء مشاورات «لجنة الاتصال»

نبيل العربي مع المبعوث الإبراهيمي أمام مقر جامعة الدول العربية في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

أعلنت القاهرة أمس أن لجنة الاتصال بشأن سوريا التي اقترحها الرئيس المصري محمد مرسي، وتضم كلا من السعودية وتركيا وإيران إلى جانب مصر، قد بدأت في التشاور أمس حول ما يمكن عمله لحل الأزمة السورية. واجتمع أمس بمقر وزارة الخارجية المصرية وفود من وزارات خارجية الدول الأربع برئاسة كبار المسؤولين فيها. في الوقت الذي التقى فيه مرسي المبعوث العربي الأممي المشترك الجديد إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، وأكد له مساندة مصر لأي جهود ترمي إلى حل الأزمة السورية.

وصرح المستشار نزيه النجاري، نائب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية بأن الاجتماع الرباعي يهدف لتبادل وجهات النظر حول تطورات الأوضاع المأساوية في سوريا والسبل الكفيلة بوقف حمامات الدم وتحقيق تطلعات الشعب السوري، خاصة أن التداعيات السلبية ستصيب الجميع إذا تعثر التوصل لحل للأزمة.

وتابع أن مصر ستركز على الخروج بتوافق حول عدد من الثوابت، أهمها الوقف الفوري لأعمال القتل والعنف، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، ورفض التدخل العسكري الخارجي، وضرورة إطلاق عملية سياسية بمشاركة مختلف أطياف الشعب السوري ومكوناته وصولا لتحقيق آمال وتطلعات الشعب في الديمقراطية والحرية والكرامة، وفي نظام سياسي ديمقراطي وتعددي. كما ستركز مصر على مساندة الجهود العربية والدولية المختلفة الهادفة لمعالجة الأزمة، بما في ذلك مهمة المبعوث العربي الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي.

وقالت مصر وفقا لبيان من وزارة خارجيتها إن لجنة الاتصال منفتحة على أي مساهمات إيجابية من أطراف أخرى مستقبلا، وإنها تسعى للتنسيق ودعم كافة الجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للأزمة، ودعم المبادرة المصرية والتأكيد على أهمية العمل على عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأربع أطراف المبادرة بعد الترتيب الجيد له.

وقالت مصادر إيرانية أمس إن نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير يقوم بزيارة إلى القاهرة لرئاسة وفد بلاده في اجتماع لجنة الاتصال الرباعية. وصرح السفير مجتبى أماني، رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، أن إيران ستغتنم الفرصة لشرح موقفها من الأزمة السورية بالإضافة لرغبة طهران في الاستماع للموقف المصري.

وأشارت قناة «العالم» الإيرانية نقلا عن المتحدث باسم الحكومة رامين مهمان باراست إلى أن «إيران ستغتنم هذه المناسبة لشرح مواقفها بما فيها رغبتها بتوسيع هذه المجموعة لتضم دولا أخرى». ولم يعط مهمان باراست توضيحات إضافية بحسب «العالم» لكن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بوروجردي صرح للقناة نفسها أن بلاده تأمل توسيع «مجموعة الاتصال» بحيث تضم خصوصا العراق. وأوضح أن اقتراح إيران يهدف إلى «إعادة التوازن إلى هذه المجموعة»، التي تعد إيران الدولة الوحيدة فيها التي تدافع عن موقف النظام السوري.

كما أعلن السفير التركي لدى القاهرة، حسين عوني، بعد لقاء مع الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية أن أنقرة تتفق مع مصر في رؤيتها للأزمة السورية، مشيرا إلى أن الأزمة السورية تؤثر على أمن واستقرار المنطقة بأكملها، ولا يمكن أن يستمر قتل السوريين وقصف مدنهم وبيوتهم، ونحن نعمل مع الجامعة العربية لوضع نهاية لهذه الأزمة.

وأضاف: لا بد من إنهاء الدمار وسفك الدم في سوريا وهذا لن يحدث بإسقاط القنابل على الشعب والحل لن يكون بقتل الشعب السوري وأملنا في إنهاء الأزمة.

وكان وفد من وزارة الخارجية التركية برئاسة السفير عمر أونهون، السفير الأخير لتركيا لدى دمشق، قد وصل إلى القاهرة أمس، في زيارة لمصر تستغرق ثلاثة أيام، للمشاركة في الاجتماعات بحسب ما أشارت إليه وكالة الأنباء الألمانية.

من جانبه، أعلن الإبراهيمي الموجود حاليا في القاهرة أنه سيتوجه إلى دمشق في غضون الأيام القليلة القادمة للقاء المسؤولين السوريين وممثلين عن المجتمع المدني في سوريا من أجل إيجاد مخرج لحل الأزمة بما يحقق مطالب وطموحات الشعب السوري، قائلا في مؤتمر صحافي مشترك أمس مع العربي، عقب مباحثاتهما بمقر الجامعة: سأبذل قصارى جهدي لمعالجة الأزمة السورية، وأضاف: «أثناء قيامي بهذه المهمة فأنا في خدمة الشعب السوري وحده، ولا سيد لي إلا الشعب السوري، والأمم المتحدة والجامعة العربية لا مصلحة لهما إلا مصلحة الشعب السوري». وأعرب الإبراهيمي عن أمله في أن يلتقي الرئيس بشار الأسد، ولكنه استدرك: «آمل ولكن لا أعرف».

وقال الإبراهيمي عن مهمته كمبعوث جديد إلى سوريا: أدرك أنها مهمة صعبة. وتابع قائلا إنه سيذهب إلى دمشق ليلتقي بالمسؤولين ونشطاء من المجتمع المدني ومثقفين وغيرهم في العاصمة وخارجها، مشيرا إلى أن مكتب الأمم المتحدة السابق في سوريا «سيكون مكتبنا وسيكون مسؤولا عنه الأخ الدبلوماسي المغربي مختار لماني».

وردا على سؤال عن رسالته للشعب السوري أجاب الإبراهيمي قائلا: هم ينتظرونني وينتظرون من العالم الخارجي المساعدة، وسنبذل كل ما في وسعنا لإنقاذ الشعب السوري.

ومن جانبه، قال العربي إن الإبراهيمي طلب أن يحتفظ بحقه في اتخاذ الخطوات التي يراها مناسبة من أجل حل الأزمة، مشيرا إلى أن المبعوث له الحق في إخفاء الخطوات التي يجب أن يتخذها، لأن الهدف هو «حل الأزمة».

وردا على سؤال حول ما إذا كانت مهمة الإبراهيمي تستند إلى قرارات الجامعة العربية التي تطالب الرئيس الأسد بالتنحي، أجاب العربي قائلا إن الجامعة العربية طلبت بدء المرحلة الانتقالية.. «وقدمنا نداء إلى الرئيس الأسد لحقن الدماء»، مشيرا إلى أن الإبراهيمي «لا يرغب في الإعلان عن تفاصيل مهمته ومدته الزمنية، حتى لا تكون عنصرا ضاغطا». وقال العربي إن الإبراهيمي أجرى اتصالات عربية وغير عربية ومع المعارضة والنظام السوري قبل زيارته للقاهرة، سعيا منه لإيجاد مخرج لهذه الأزمة. ولم يشر الإبراهيمي إلى تقارير إيرانية تحدثت عن عزمه زيارة طهران بعد سوريا. ونقلت وكالة مهر الإيرانية للأنباء أول من أمس عن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قوله إن الإبراهيمي سيزور طهران بعد محادثة هاتفية بينه وبين علي أكبر صالحي وزير خارجية إيران يوم السبت.

وجاء تعيين الإبراهيمي خلفا للمبعوث السابق كوفي أنان الذي تقدم باستقالته، في أعقاب شعوره بالفشل مع عدم توافق في مجلس الأمن الدولي حول الحل في سوريا. وكان الإبراهيمي ندد الأسبوع الماضي بالحصيلة «الهائلة» للضحايا في سوريا، حيث قتل 27 ألف شخص بحسب أرقام المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ بداية الحركة الاحتجاجية منتصف مارس (آذار) 2011 والتي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح.

وقام الإبراهيمي في ختام زيارته للجامعة بمرافقة العربي بلقاء عدد من السيدات والناشطات السوريات المعتصمات أمام مقر الجامعة العربية، ودار بينهم حوار طالبت السيدات السوريات خلاله بالأفعال واتخاذ مواقف قوية، والعمل على فرض حظر جوي على سوريا.

من جهة أخرى, أعلنت وزارة الخارجية الهولندية أمس أن مجموعة «أصدقاء سوريا» ستلتقي في هولندا يوم 20 سبتمبر (أيلول) الحالي لتوسيع نطاق العقوبات وتشديد بعض الإجراءات ضد النظام السوري، وذلك بعد موافقة الاتحاد الأوروبي السبت على ضرورة تشديد العقوبات ضد الدائرة المحيطة بالرئيس السوري بشار الأسد.