الفلبينيون الفارون من جحيم سوريا يروون قصص العنف والرعب

هربوا من البطالة إلى الأزمة.. ثم عادوا إلى المجهول

TT

لا تزال الفلبينية روث بانا تتذكر نافذة صاحب المنزل في دمشق التي أمطرت بوابل من الرصاص. ولا تزال الخادمة، التي فرت في البداية إلى السفارة الفلبينية في دمشق ثم إلى مانيلا على متن رحلة إجلاء، تذكر مقتل أحد أبناء مخدومها السوري على يد القوات الحكومية. وقالت وهي تنتحب: «كان صدره مفتوحا كما لو أن قطعة كبيرة من الصلب شقته. أتعلم أننا دفناه في الباحة الخلفية للمنزل لأن المقابر في المدينة امتلأت ولم يعد بها مكان؟». بانا، بحسب تقرير وكالة الأسوشييتد برس الأميركية، هي واحدة من 300 فلبينية شابة فررن من البطالة في بلدهن سعيا للحصول على عمل في الخارج كخادمات وجليسات أطفال.. قبل أن يهربن من حرب أهلية تزداد سوءا في أضخم عودة جماعية إلى البلاد تم التفاوض عليها بين الحكومة الفلبينية وسوريا. تم نقل العمال الفلبينيين إلى مانيلا يوم الثلاثاء عبر المنظمة الدولية للهجرة حاملين معهم روايات عن الرعب وليالي الأرق، مع خروج العنف الدائر بين القوات الحكومية والثوار الساعين للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد عن السيطرة.

قالت إنا (29 عاما) إن صاحب المنزل الذي كانت تعمل لديه يدعم المعارضة، وإن ابنه قتل خلال مظاهرة مؤخرا. وبعدما دمرت قذائف المدفعية منزل العائلة الذي كانت تسكن وتعمل فيه، توجهوا جميعا إلى قبو منزل جارهم خشية أن يعلقوا وسط تبادل إطلاق النار بين القوات الحكومية ومقاتلي الجيش السوري الحر.

وأشارت إلى أنها كانت تحب عائلة مخدومها وعملت لديهم ثلاث سنوات حتى عام 2010، ثم عادت قبل أشهر من اندلاع القتال في مارس (آذار) 2011.

وقالت إنا إن معسكر الجيش الواقع خلف منزل مخدومها كان مقرا للثوار لكن الجيش شن هجوما مضادا وقصفوه الأسبوع الماضي باستخدام المروحيات. وقالت في مقابلة الأسبوع الماضي: «لو رأيت الجثث لأصبت بالغثيان».

وأشارت إلى أن مخدومها عندما انتقل مع عائلته إلى منزل مستأجر اتصلت بالسفارة الفلبينية، التي أرسلت سيارة إليها لتضعها تحت إشراف الدبلوماسيين الفلبينيين، إلى أن عادت هي والآخرون إلى الفلبين.

وقالت إنا إن مخدومها لم يرغب في البداية في رحيلها قائلا إنها لا تزال ملتزمة بالعقد، لكنه سرعان ما وافق.

وتقول غليمير كابيدوج (34 عاما)، التي كانت تعمل مديرة لفيللا في دمشق يملكها رجل أعمال كويتي ثري آثر العودة إلى بلده مع اندلاع الحرب: «لولا الحرب لما عدت إلى الفلبين. طلبنا الإذن من مخدومنا لكنه بعد ثلاثة أشهر قال إنه لن يسمح لنا بالمغادرة، ولهذا هربنا».

كابيدوج التي كانت تتقاضى 200 دولار شهريا قالت إنها قررت هي وعاملة فلبينية أخرى الرحيل بعد صدام وقع قبل أسبوعين بين القوات السورية ومتظاهرين في الحي. وأضافت: «عندئذ قررنا الرحيل، لأننا لم نكن نريد أن نموت هناك».

وأشارت إلى أنهن أجرين الترتيبات اللازمة مع السفارة الفلبينية كي تقلهن بعد أسبوع. وقالت إن مخدومها يقيم في الكويت منذ تسعة أشهر، وإنها كانت تحصل على الطعام والمستلزمات الأخرى عبر معاونيه الذين كانوا ينقلونها إلى الفيللا.

لجأ 236 فلبينيا، استهلوا عودتهم إلى الديار بدموع الفرح، إلى مجمع السفارة إلى أن وصل ألبرت ديل روزاريو وزير الخارجية الفلبيني إلى سوريا الأسبوع الماضي للإشراف على إجلائهم. وتقول ساسولايا عبد الله: «كنت خائفة وأرغب حقا في العودة إلى الوطن. الآن أنا في منزلي وسعيدة للغاية». كانت بعض النساء يبكين.. بينما حاول آخرون التسرية عنهن خلال الانتظار لإنهاء الأوراق من قبل ضباط إدارة العمال في الخارج، وهي الوكالة الحكومية المسؤولة عما يقرب من 10 ملايين فلبيني يعملون بالخارج. وبعد الترحيب بهم في مطار مانيلا، قال ديل روزاريو إن ما يقرب من 600 شخص آخرين يريدون العودة إلى الفلبين.

وقد قرر البقية (ما يقرب من 3 آلاف عامل فلبيني) البقاء في سوريا خلال الفترة الراهنة.