القاهرة تحاول إغراء طهران بـ«التخلي الآمن» عن الأسد.. مقابل تخفيف العزلة وعودة العلاقات

مساعد وزير الخارجية الإيراني: طرح موضوع «التنحي» سيفشل المبادرة ونرفض أي شروط مسبقة

TT

قالت مصادر حكومية مصرية إن القاهرة تحاول إغراء طهران بالتخلي عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد والموافقة على خروجه الآمن من السلطة، مقابل تخفيف عزلة إيران والعمل على العودة الكاملة لعلاقتها بمصر المقطوعة منذ نحو ثلاثة عقود، إلا إن مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير، شدد على أن طرح موضوع «تنحي الأسد» سيفشل مبادرة الحل في سوريا التي طرحها الرئيس المصري محمد مرسي، وتضم مصر والسعودية وإيران وتركيا. وقال أمير خلال وجوده في القاهرة أمس: «نرفض أي شروط مسبقة».

وكشفت مصادر قريبة من الحكومة المصرية أن القاهرة تسعى للتقارب مع إيران في مقابل تخلي طهران عن مساندة النظام السوري، والموافقة على «الخروج الآمن» للرئيس بشار الأسد، مشيرة إلى أن أطرافا مصرية رسمية تلقت بالفعل عروضا من إيران خلال الأيام الأخيرة لتصدير شحنات نفط للقاهرة التي تواجه مشكلة وقود، على الرغم من الحظر الغربي على الصادرات النفطية الإيرانية.

وتعاني إيران من صعوبات اقتصادية مع استمرار تطبيق الحظر من جانب دول غربية ضمن عقوبات بسبب البرنامج النووي الإيراني. وتحاول طهران إيجاد منافذ تجارية جديدة للاستيراد والتصدير. ويقول مراقبون إن استمرار دعمها للأسد أصبح يزيد من المصاعب التي تواجها داخليا وإقليميا ودوليا.

وأضافت المصادر المصرية أنه على الرغم من الانتقادات شديدة اللهجة التي وجهها مرسي للموقف الإيراني من نظام الأسد، إلا أن لقاءات بين كبار المسؤولين الإيرانيين والمصريين تجري في طهران والقاهرة منذ زيارة الرئيس المصري لطهران الشهر الماضي لحضور اجتماع لدول عدم الانحياز.

وتابعت المصادر أن وجود إيران في المجموعة الرباعية التي بدأ التحضير لأعمالها لحل الأزمة السورية، والتي اقترحتها القاهرة وتضم كلا من مصر والسعودية وإيران وتركيا، أعطى المسؤولين المصريين والإيرانيين فرصة يمكن البناء عليها لترتيب الأوضاع الإقليمية، بما فيها محاولة إقناع الجانب الإيراني بالالتفاف بعيدا عن النظام السوري.

وقالت المصادر التي كان من بينها شخصيات رافقت الرئيس مرسي في زيارته الأخيرة لطهران، أن مصر ترى أن إيران في حال تخليها عن بعض السياسيات المثيرة للجدل في المنطقة والعالم، ومن بينها دعم النظام السوري، يمكنها أن تجد التعويض عن ذلك ويمكن زيادة مستوى التمثيل الدبلوماسي بين القاهرة وطهران، على أن تلعب مصر دورا في تخفيف العزلة والحصار المفروض على إيران، بما في ذلك العمل على تهدئة مخاوف دول الخليج.

وبينما تحدث مسؤولون إيرانيون، من بينهم وزير النفط الإيراني، رستم قاسم، عن أن طهران ستدخل في مفاوضات مع مصر من أجل شراء النفط، وأشارت مصادر إيرانية أخرى إلى أن هذه المساعي تشمل بيع أكثر من مليوني برميل متوقفة قرب السواحل المصرية منذ الحظر الغربي على بيع النفط الإيراني، لكن وزير البترول المصري، أسامة كمال نفى دخول بلاده في مباحثات مع إيران لشراء النفط منها.

ومن جانبه قال مساعد وزير الخارجية الإيراني، خلال لقاء في القاهرة، إن بلاده تريد نجاح مصر بعد الثورة والمبادرة المصرية (بشأن سوريا) برعاية مرسي؛ لأننا نعتبره ممثل الشعب المصري وقد اقترحنا انضمام دول أخرى مثل فنزويلا والعراق للمجموعة الرباعية، وكذا المبعوث العربي الأممي المشترك الأخضر الإبراهيمي، والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، «وقلنا إننا نرفض أي شروط مسبقة»، مشيرا إلى أن طرح مسألة تنحي الأسد سيفشل المبادرة بشكل مسبق، مشددا على أن مستقبل سوريا يحدده الشعب السوري.

وكان أمير، الذي يشغل أيضا موقع رئيس وفد بلاده في الاجتماع الرباعي الذي استضافته مصر لحل الأزمة السورية، يتحدث مع عدد من الصحافيين المصريين أمس بمقر إقامة السفير مجتبي أماني، رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة.

ومن المعروف أن العلاقات المصرية الإيرانية مقطوعة منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979، بسبب اختلاف وجهات نظر الدولتين تجاه عدد من الملفات الخاصة بالمنطقة. وحاولت طهران عودة العلاقات مع القاهرة عدة مرات في عهد الرئيس السابق حسني مبارك (1981 - 2011)، إلا أن مصر كان لها عدة شروط أهمها توقف التدخل الإيراني في شؤون المنطقة العربية. ويقول المراقبون إن الصعوبات التي تواجهها إيران بسبب برنامجها النووي، والتي بدأت منذ عدة سنوات، أصبحت تزيد من مشاكلها الداخلية وعزلتها الإقليمية والدولية.

وتابع حسين أمير قائلا عن الاجتماع الأخير للمجموعة الرباعية: اتفقنا بشكل مبدئي على أن يكون البيان الذي صدر عن مصر هو محور نقاشنا، وعلى أهمية سيادة ووحدة أراضي الشعب السوري، مشيرا إلى أنه سيتم إبلاغ نتائج الاجتماع إلى المسؤولين السوريين، والمهم هو الحوار وأن يستمر، لكن لا نتوقع الحل في جلسة واحدة.

وأضاف أن زيارة مرسي الشهر الماضي لإيران شكلت نقطة تحول تاريخية في مسار العلاقات بين البلدين، وأن اللقاء الأخير لمرسي مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد جرى في أجواء ودية بناءة وحميمة للغاية.

وقال حسين أمير في معرض حديثه عن مشاركة بلاده في الاجتماعات التشاورية الحالية بشأن المبادرة المصرية للحل في سوريا، إن الجلسة التي عقدت يوم أول من أمس (بشأن المبادرة المصرية) أظهرت وجود وجهات نظر متقاربة بين المشاركين وأن «المشتركات أكثر من الخلافات، وسنستمر في التعاون على أساس المشتركات في الرؤى».

وأضاف حسين أمير أن الرئيس مرسي طرح خلال زيارته لطهران رؤية واضحة بشأن التطورات الإقليمية والدولية.. «كما تحدث نجاد (مع مرسي) بشكل ودي وأخوي وطرح رؤيته.. وتستطيع القول إن رؤية البلدين كانت في بعض الأحيان متقاربة جدا وربما متطابقة تماما». وقال أمير، «من وجهة نظرنا فإن العلاقات بعد الثورة المصرية تتجه لمسار التقدم وفي مستوى عال جدا»، مشيرا إلى أن النقطة الوحيدة المتبقية هي الإعلان الرسمي لبداية العلاقات، «وهو ما سيتم في الوقت المناسب، ونحن في إيران نتفهم الظروف الموجودة في مصر في الفترة الحالية».

وقال المسؤول الإيراني، إننا رحبنا بمبادرة الرئيس مرسي حول سوريا، ونتوقع أن تشارك مصر بسبب دورها ومكانتها التاريخية في التطورات الإقليمية ومنها ملف سوريا، «وقد تحدثنا أول من أمس على مستوى كبار المسؤولين للمجموعة الرباعية»، في هذا الشأن. موضحا أن بلاده تشاورت مع الصين وروسيا (وهما مساندان آخران للأسد) قبل الحضور للاجتماع الرباعي بالقاهرة، نافيا في نفس السياق أن تكون إيران تعاني عزلة دولية.