مرسي في بروكسل: رحيل الأسد أمر تم الاتفاق عليه

تعهد أوروبي بدعم الانتقال الديمقراطي والاستعداد لمساعدة مصر بأكثر من مليار دولار

الرئيس المصري محمد مرسي في حديث باسم مع رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو بعد مؤتمر صحافي مشترك في بروكسل أمس (أ.ب)
TT

أبدى زعماء الاتحاد الأوروبي استعدادهم لمنح مصر مساعدات بأكثر من مليار دولار وتحسين شروط التجارة بين الطرفين، وذلك أثناء الزيارة الأولى التي يقوم بها الرئيس المصري محمد مرسي إلى أوروبا والذي تعهد بدعم القيم الديمقراطية والحريات.

من جهته أكد محمد مرسي حرصه على تحقيق التحول الديمقراطي مشيرا إلى وجود الكثير من الموارد والإمكانات الهائلة من أجل التنمية مشددا على قدرة بلاده على إدارة شؤونها بشكل مستقل.

ويرى دبلوماسيون أوروبيون أن قرار مرسي بزيارة أوروبا بعد فترة وجيزة من انتخابه رئيسا لمصر في يونيو (حزيران) الماضي إشارة «مهمة للغاية» لتعزيز مدى إيمانه بالديمقراطية.

وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي «أعتقد أن هذا انعكاس حقيقي لأهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر».

كما أكد الرئيس المصري رفضه لكل من يحاول خلق الاضطرابات ونشر الكراهية بين الشعوب، مشددا في الوقت نفسه على رفضه للعدوان على السفارات أو الأشخاص.

وقال مرسي «نعادي ونرفض كل من يحاول نشر الاضطرابات أو الحساسيات أو الكراهية بين الشعوب.. الشعب الأميركي يرفض الممارسات السيئة» في إشارة إلى الفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أثار مشاعر المسلمين وتسبب في خروج احتجاجات في كل من مصر وليبيا.

وأشار مرسي إلى أن الحكومة المصرية تعمل على حماية الأجانب والممتلكات باعتبار ذلك في صلب مسؤولية الدولة. وشدد على أن للمسلمين والمسيحيين حقوقا وواجبات متساوية وقال إن المرأة المصرية تتمتع بحرية أكبر كما أن هناك حماية لحقوقهن.

وقال إن هذه المبادئ وهذه القيم الإنسانية مهمة بالنسبة للقيادة المصرية مؤكدا حرصها على الوفاء بها.

وتركزت محادثات مرسي مع باروسو ورومبوي وكاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي على الوضع في سوريا حيث اتفقوا جميعا على ضرورة وضع حد لإراقة الدماء هناك.

وقال باروسو «الرئيس الذي يقتل شعبه لا يستحق ببساطة أن يكون رئيسا للبلاد. نحن بحاجة للتحول نحو ديمقراطية شاملة».

وأوضح مرسي «نحن مصرون على أن يتغير النظام في سوريا.. رحيل الأسد أمر تم الاتفاق عليه حيث لا مجال للحديث عن إصلاحات في سوريا. النظام يجب أن يتغير».

كما شدد الرئيس المصري على عدم وجود نية لدى بلاده في التدخل بالشأن الداخلي السوري، مشيرا إلى تصميم مصر على التعاون مع باقي الأطراف الدولية والإقليمية لحل الأزمة في سوريا بما يتناسب مع تطلعات الشعب، وشدد مرسي على أن مصر تعمل في إطار مجموعة الاتصال الرباعية، التي تضم أيضا السعودية وتركيا وإيران، وكذلك في إطار الجامعة العربية وبالتعاون مع باقي أطراف المجتمع الدولي لوقف نزيف الدم في سوريا.

وجاءت زيارة مرسي الخاطفة إلى بروكسل والتي تليها زيارة إلى روما، فيما يشهد عدد من الدول العربية من بينها مصر احتجاجات على فيلم مسيء للإسلام أدى إلى مقتل أربعة مسؤولين أميركيين من بينهم السفير كريس ستفينز في مدينة بنغازي الليبية. وقال رئيس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومبوي إن «مثل هذه الهجمات لا يمكن تبريرها بغض النظر عن دوافعها».

وأضاف بينما كان محمد مرسي يجلس إلى جانبه أن «على جميع القادة تحمل مسؤولياتهم في بناء الأمن والتسامح».

وفي أول زيارة على الإطلاق يقوم بها رئيس مصري إلى بروكسل، وأول جولة أوروبية يقوم بها مرسي إلى أوروبا، تعهد فان رومبوي بأن يقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب مصر «كصديقة وجارة وشريكة».

وفي وقت سابق أشاد جوزيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية بالتزام مرسي «الثابت» بالقيم الديمقراطية، وتعهد بالمساعدة على «بناء مصر ديمقراطية وحرة ومفتوحة ومزدهرة».

وقال إن الاتحاد الأوروبي سيوفر لمصر مبلغ 449 مليون يورو لعامي 2011 - 2013 كما أنه «مستعد لتقديم المزيد». وعرض باروسو مبلغا إضافيا بـ500 مليون يورو (640 مليون دولار) كمساعدة مالية شرط حصول مصر على قرض البنك الدولي وقيمته 4,8 مليار دولار، ودعم للميزانية بقيمة 150 - 200 مليون يورو من أجل الانتعاش الاقتصادي للبلاد.

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي، أكبر كتلة تجارية في العالم والبالغ عدد سكانها مجتمعة نصف مليار شخص، مستعد لبدء التفاوض مع القاهرة حول التوصل إلى اتفاق تجارة حرة وعميقة.

وبلدان الاتحاد الأوروبي الـ27 هي بصورة جماعية الشريك التجاري الأول لمصر وتمثل حوالي ثلث حجم تجارتها الخارجية، إلا أن باروسو تحدث عن وجود «مجالات أخرى يتعين استكشافها».

وسيقوم فريق عمل بإنجاز المزيد من التفاصيل حول التعاون الاقتصادي في 14 و15 نوفمبر (تشرين الثاني) في القاهرة، وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إنه يهدف إلى استعادة ثقة المستثمرين خاصة من خلال استضافة مؤتمر قمة للسياحة والأعمال.

وتنظر بروكسل إلى مستقبل مصر بعين الاهتمام حيث تحرص على توثيق العلاقات الاقتصادية مع دول الربيع العربي ومساعدة الديمقراطيات بشكل يخدم مصلحة أوروبا الأمنية.

وبعد اتهامه سابقا بدعم الأنظمة الديكتاتورية في دول الشرق الأوسط، وعد الاتحاد الأوروبي العام الماضي بتوزيع المساعدات بشكل يتناسب مع التقدم الديمقراطي الذي تحرزه الدول، وهي السياسة التي تعرف باسم «المزيد مقابل المزيد». وقال فان رومبوي إن نجاح مصر «سيكون له انعكاسات إيجابية على المنطقة بشكل عام».

من ناحيته انتقد مرسي «الاعتداء» على الإسلام، إلا أنه أدان كذلك العنف بما في ذلك مقتل الأميركيين في بنغازي. وأكد «إننا ضد كل من يعتدي على المقدسات، وإننا نعادي من يعتدي على مقدساتنا وعلى رسولنا صلى الله عليه وسلم ونقف ضده بكل حزم وعزم».

إلا أنه أكد أن ذلك «لا يعني أن نعتدي على أحد أو نمارس بنفس الكيفية أي نوع من أنواع العدوان على الآخرين».

كما تعهد مرسي بمواصلة الحفاظ على القيم الديمقراطية والحريات، مؤكدا مرارا التزامه باحترام المساواة بين جميع المصريين دون التفريق بين المسلمين والأقباط، كما أكد على منح النساء حقوقا متساوية. وأكد أن مصر ستنتقل من الفساد والديكتاتورية إلى مرحلة جديدة من الحرية للجميع وضمان حقوق جميع المصريين.

وأشار إلى أن النساء يحصلن على مزيد من الحريات مؤكدا على أهمية هذه الحقوق الإنسانية وهذه القيم بالنسبة للمصريين.

وقال مسؤول بارز في الاتحاد الأوروبي إن أوروبا ستفعل كل ما بوسعها لمساعدة القاهرة في استعادة الأموال التي نهبت خلال عهد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والتي تقدر بعشرة مليارات دولار.