«إف بي آي» يبحث دور «القاعدة» في هجوم بنغازي

أوباما يطلب من «يوتيوب» وقف الفيلم المسيء

تونسية تحمل كتبا ووثائق سلمت من الحرق الذي طال مدرسة أميركية في العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

طلب البيت الأبيض من شركة «غوغل»، التي تملك موقع «يوتيوب» الذي عرض الفيلم المسيء للإسلام «النظر فيما إذا كان ينتهك الفيلم شروطهم». ورغم أن البيت الأبيض لم يطلب وقف الفيلم، يتوقع أن تضع شركة «غوغل» اعتبارا خاصا لطلب من البيت الأبيض. خاصة لأن البيت الأبيض كرر مرات كثيرة أن الفيلم «مسيء، وعدائي، ويدعو للاشمئزاز». وكانت الشركة أوقفت عرض الفيلم في دول إسلامية، منها مصر، واليمن، وأفغانستان، وباكستان، وذلك بعد بداية المظاهرات ضده.

وأمس، في خطابه الأسبوعي، تحدث الرئيس أوباما عن «الخسائر المأساوية في فقد أربعة من زملائنا الأميركيين الذين كانوا يعملون في وظائف دبلوماسية في بنغازي في ليبيا». وقال إنه من دونهم ومن دون أمثالهم، لا تقدر الولايات المتحدة على «الحفاظ على حريتنا، وعلى أمننا، وعلى توفير قيادة العالم التي يعتمد كل العالم عليها».

وقال أوباما إن «الولايات المتحدة لديها احترام عميق للناس من جميع الأديان». لكنه، كقائد أعلى للقوات الأميركية المسلحة، قال: «لن أقبل مطلقا الأعمال الرامية إلى إلحاق الأذى بزملائنا الأميركيين. ولن أتهاون في أن لا يهرب أولئك الذين يهاجمون شعبنا من العدالة».

ورد جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، على اتهامات من قادة في الحزب الجمهوري بأن الرئيس أوباما قصر في مواجهة المظاهرات، وأنه لم يكن يتابعها أولا بأول، وأنه تجاهل معلومات استخباراتية تنبأت بها. وقال كارني: «نحن نراقب عن كثب التطورات في المنطقة. والرئيس يطلع على التطورات أولا بأول. وكان قد أمر باتخاذ عدد من الخطوات لمواجهة الاضطرابات المستمرة. وخاصة يوم الجمعة لأنه، عادة، من الأيام التي تحدث فيها أكبر الاحتجاجات في العالم الإسلامي».

وردا على انتقادات ميت رومني المرشح الجمهوري المنافس لأوباما، بأن أوباما لم يتابع التطورات التي أدت إلى الهجوم على السفارات الأميركية، وأنه مسؤول عن التقصيرات، قال كارني: «الانتقادات، لا سيما من رومني وفريقه، محاولة لتسجيل نقطة سياسية. لكنها كانت خطأ، وفي توقيت خطأ». وقال كارني إن أوباما حرص على حضور عودة رفات الدبلوماسيين الأميركيين الأربعة الذين قتلوا في ليبيا نتيجة لهذه الاضطرابات. وأن أوباما يركز على ضمان حماية الأميركيين في الخارج، خاصة الدبلوماسيين ومرافقيهم. وأن أوباما أمر المسؤولين في إدارته بضمان تعزيز الأمن في البعثات الدبلوماسية. وكان أوباما تحدث تليفونيا مع رؤساء دول إسلامية، منهم رؤساء مصر وليبيا وتركيا.، وطلب مساعدتهم لوقف أعمال العنف. وكان البيت الأبيض قال إن أوباما «يقدر تقديرا كبيرا التصريحات والإجراءات التي اتخذها هؤلاء القادة شخصيا».

وفي مؤتمره الصحافي اليومي، وفي إجابة على سؤال عما إذا كانت المظاهرات بسبب الفيلم، أم بسبب السياسة الأميركية في العالم الإسلامي، قال كارني: «ليست رد فعل لسياسة الولايات المتحدة، وليست ضد الإدارة، وليست ضد الشعب الأميركي. إنها رد على فيديو، على فيلم، نحن قلنا إنه يدعو للاستنكار ومثير للاشمئزاز». وأضاف: «هذه ليست احتجاجات ضد الولايات المتحدة، أو ضد سياسة الولايات المتحدة. إنها رد على فيديو يثير غضب المسلمين. ونحن تحدثنا بوضوح جدا عن ذلك، وقلنا إننا ضد ذلك، وأدناه».

وفي إجابة على انتقاد آخر من قادة في الحزب الجمهوري بأن إدارة الرئيس أوباما كان يجب أن تتوقع أعمال عنف في العالم الإسلامي مع مرور ذكرى هجوم 11 سبتمبر (أيلول) سنة 2001، قال كارني: «كنا يقظين جدا حول ذكرى أحداث هجمات سبتمبر. وكان الرئيس اطلع على الإجراءات الأمنية التي اتخذت». وكرر أن المظاهرات لم تكن عن المناسبة، ولكن «كانت عن الفيلم». وفي نيويورك، أدان مجلس الأمن الهجوم على السفارات، وذكر الدول الأعضاء بميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية. غير أن بيان المجلس لم يشر إلى الفيلم. لكن الذي أشار إلى الفيلم هو بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة. ووجه نداء بضرورة الهدوء. وكرر إدانته للهجوم الذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي وثلاثة أميركيين آخرين.

وقال بيان باسم بان كي مون: «يشعر الأمين العام بالقلق العميق إزاء أعمال العنف الأخيرة في ليبيا، وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط». وأضاف البيان أنه (بان كي مون) «يدين الفيلم البغيض الذي يبدو أنه أخرج عمدا لبذر بذور التعصب ولسفك الدماء».

في الوقت نفسه، أعلن مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) إرسال وفد كبير إلى ليبيا للتحقيق في الهجوم في بنغازي، وسط أخبار بوجود صلة لتنظيم القاعدة بالهجوم. ونتيجة لهذا، سيكون على الشرطة الأميركية بذل جهود كبيرة لتأمين مسرح جريمة متفحم، والذي كان ترك مفتوحا للجمهور، ولنهب مسلحين. وسيكون عليها غربلة الرماد للعثور على بقايا المتفجرات والطلقات النارية، وغيرها من الأدلة المادية. وأيضا، الوصول إلى الأشخاص الذين شهدوا الهجوم، أو كانوا جزءا من هذا الهجوم. وأن هذا يمكن أن يعني اقتحام أماكن غير مألوفة وخطيرة، وفي بلد فيه القليل من الأمن وحكم القانون. وقال دون بوريلي، خبير سابق في «إف بي آي» إن الحكومة المركزية في طرابلس لا تمارس السلطة على العديد من الميليشيات المسلحة. وإن بعض هذه الميليشيات معروف عنها تأييدها لتنظيم القاعدة «مما يزيد من تعقيد المهمة». وأضاف: «إنها ليست مثل دخول مكان والتحقيق في ترتيب وانتظام، كما نشاهد في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية. ليست مثل أن يدخل الشخص، ويقول: أنا من (إف بي آي)، ويعرض بطاقة الإثبات.. (إف بي آي) لا يعني أي شيء في ذلك البلد. والبطاقة لا تحمل أي وزن».

لكن، قالت مصادر في رئاسة «إف بي آي» في واشنطن إن الوضع ليس بهذا السوء. وإن المكتب، فعلا، استطاع جمع معلومات استخباراتية من مجموعة واسعة من المصادر، بما في ذلك لقطات تلفزيونية للهجوم، واعتراض المكالمات الهاتفية، والاطلاع على رسائل البريد الإلكتروني، والحصول على معلومات من مصادر بشرية تعمل لصالح وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه).

وفعلا، أكد مسؤولون في «إف بي آي» أنهم توصلوا إلى استنتاج مبدئي بأن الهجوم نفذته مجموعة «تتحالف مع تنظيم القاعدة، ولكن ليس حسب توجيهات من رئاسة (القاعدة)». لكن، قال المسؤولون إن هذه هي المرحلة الطبيعة الأولية للتقييمات. وإن عمليات تحليلية واسعة النطاق تشمل كل وكالة الاستخبارات لا تزال في مراحلها الأولى. بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، لم يصدر أي بيان عن هجوم بنغازي. لكن، قالت مصادر استخباراتية إن الوكالة كانت نشطة في ليبيا منذ ما قبل الهجوم. وإنها تستفيد من العلاقات الودية بين الولايات المتحدة وحكومة الثورة الليبية. وتستفيد من حاجة الليبيين، المعترف بها، للولايات المتحدة، خاصة في المجالات التكنولوجية، والتعليمية، والصحية.