جدل خلال ندوة حول «الحراك الاجتماعي والسياسي» في المغرب

ناشطون: الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية جمود الوضع الراهن في البلاد بعد سنتين من الحراك

TT

سادت أجواء ساخنة ندوة حول الأوضاع السياسية في المغرب بعد مرور سنتين من الحراك الاجتماعي الذي تزامن مع «الربيع العربي»، وتبادل مساندون للحكومة ومعارضون لها الاتهامات والانتقادات، وتباينت الآراء كثيرا في الندوة التي نظمتها الليلة قبل الماضية في الدار البيضاء أسبوعية «المشعل» بعنوان «بعد سنتين من الحراك الاجتماعي والسياسي.. إلى أين يسير المغرب؟». وعرفت الندوة حضورا متنوعا ضم سياسيين وحقوقيين وإعلاميين.

أجمع المتدخلون إلى أن الأحزاب السياسية تتحمل مسؤولية جمود الوضع الراهن في المغرب بعد سنتين من الحراك، وقالوا إنها مسؤولية مشتركة بين الأحزاب المشاركة في الحكومة أو تلك التي تقف في المعارضة، داعين الجميع إلى العمل «لبناء الديمقراطية ووضع المغرب نحو المسار الصحيح وفق تصور مشترك ورؤية واضحة».

وفي سياق ذلك، خلصت خديجة الرويسي، نائبة برلمانية من حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة برلمانية)، إلى أن الأحزاب لها دور مركزي في بناء الديمقراطية، مطالبة عبد الإله بن كيران تحمل مسؤوليته كرئيس حكومة. ودحضت الرويسي القول بأن حزب الأصالة والمعاصرة يتحكم في بعض الأمور وقالت، «نحن لا نتحكم في أي شيء» مؤكدة أن الحزب لا يملك أدوات التحكم.

وقال عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية والنائب البرلماني، إن المغرب يسير في اتجاه الديمقراطية وإسقاط الفساد على الرغم من أن البدايات ليست مشجعة بالقدر الكافي على حد اعتقاده، وقال أفتاتي، ما نؤسس عليه هذا المسار هي أشياء نسبية ليس فيها حسم واضح، مشيرا إلى أن الدستور جاء بقدر من الاستجابة للإرادة الشعبية، بيد أنه انتقد الظروف التي جرت فيها الانتخابات بناء على الدستور الجديد، وقال إن الانتخابات التي جرت على ضوء ذلك الدستور «لم تكن نزيهة وشفافة وحرة بما فيه الكفاية، ومارس خلالها حزب الأصالة والمعاصرة ضغوطا» على حد اعتقاده. وانتقد أفتاتي حزب الأصالة والمعاصرة وقال، إنه جزء من المشكلة التي يعيشها المغرب، ومضى يقول، «ما زالت هناك دواليب وفلول فساد في مفاصل الدولة» كما انتقد فؤاد عالي الهمة مؤسس الحزب، والذي يشغل حاليا منصب مستشار ملكي، وقال إنه ما زالت لديه أجندة تخدم التحكم والتسلط وهذه وضعية غير مقبولة.

وأوضح أفتاتي أن «الصيغة التي نؤسس عليها المسيرة نحو الانتقال الديمقراطي والعدالة الاجتماعية غير مكتملة؛ لأن جزءا من المكونات السياسية قاطعت الانتخابات مثل حزب اليسار الموحد وجماعة العدل والإحسان».

وبشأن سمات الوضع السياسي الراهن في المغرب، قال محمد الساسي من حزب الاشتراكي الموحد، إنها تتمثل في نمو ثقافة الاحتجاج في الشارع العام، ومبادرة النظام السياسي بتقديم تنازلات أكثر من طموحات الأحزاب لكن أقل من طموحات حركة 20 فبراير، وظهور «صيغة إسلامية» للتنفيس الدولي، مشيرا إلى أن حكومة بن كيران انتقلت من الشراكة إلى المساهمة، وعبر عن اعتقاده بأن المغرب يعرف حالة لا توازن حزبي، وانطلاق نوع من تصفية الحساب ضد «حركة 20 فبراير».

ووضع الساسي سيناريو لأربعة اتجاهات من الممكن أن يسير فيها المغرب، وهي العودة إلى ما قبل «حركة 20 فبراير»، ثم هناك سيناريو التحلل التدريجي الذي سيؤدي إلى سيادة اللامسؤولية، كما تحدث عن «سيناريو الانفجار» مشيرا إلى أن ممثلة البنك الدولي في أفريقيا حذرت من أن تسود حالة اليأس وسط الشباب، والسيناريو الرابع كما يرى الساسي، هو أن تبقى الوضعية كما هي عليه حاليا أي الاحتقان.

وقال النقابي حميد شباط والمرشح لمنصب الأمين العام لحزب الاستقلال، إن الحديث عن الدستور والملكية وغير ذلك يحتاج إلى تطبيق حقيقي للدستور، مؤكدا أن الأزمة في المغرب ليست أزمة قوانين، ولكن تكمن في تطبيق هذه القوانين. مشيرا إلى أن عددا من النصوص لم تطبق منذ أن أقر دستور عام 1962. وحمل شباط مسؤولية عدم تطبيق الدستور إلى الأحزاب السياسية، وأوضح قائلا، «لا يمكن لهذه الأحزاب التي تطلب من الدولة منذ الاستقلال وحتى اليوم بالديمقراطية والشفافية وهي لا تطبقها داخل أحزابها ونقاباتها» وأكد أنه انطلاقا من فصل السلطات الذي جاء به الدستور ليس لأحد الحق في أن يلقي المسؤولية على الآخرين، معتبرا أن مسؤولية المعارضة اليوم أكثر من أي وقت مضى في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل المغاربة.