البابا من بعبدا: نأمل أن تعيش شعوب المنطقة بسلام.. ولبنان مدعو لأن يكون مثالا لثقافة التعايش

احتفاء شعبي ورسمي بزيارته.. والمفتي قباني يسلمه رسالة تتضمن تطمينات للمسيحيين

فرق فنية لبنانية ترقص احتفاء بقدوم البابا أثناء مرور موكبه في شوارع بيروت متجها للقصر الرئاسي ببعبدا (رويترز)
TT

تابع بابا روما بنديكتوس السادس عشر زيارته للبنان في يومها الثاني أمس، وسط ترحيب رسمي وشعبي وروحي جامع، انطلق منه البابا ليؤكد على أن «لبنان مدعو لأن يكون مثالا عن ثقافة الأديان التي تتعايش مع بعضها، إذ إن المسيحية والإسلام يعيشان في نفس الفسحة منذ قرون»، مشيرا إلى أنه «ليس نادرا أن نجد أشخاصا من الديانتين يحملون اسم العائلة نفسها، وإذا كان ذلك ممكنا في عائلة واحدة، فلماذا لا يكون على صعيد المجتمع بأكمله؟!».

وشدد البابا، خلال كلمة ألقاها في لقاء جامع أقامه الرئيس اللبناني ميشال سليمان على شرفه في القصر الجمهوري وتخلله توقيع الإرشاد الرسولي، لـ«الشرق الأوسط»، على أن «خصوصية الشرق الأوسط تكمن في التمازج العريق لمكونات مختلفة»، وأوضح أن «المجتمع المتعدد لا يوجد إلا عبر الاحترام المتبادل، والرغبة في معرفة الآخر والحوار المتواصل»، لافتا إلى أن «الشعب اللبناني عرف الكثير من المعاناة والمآسي، وطلبت من الله أن يقدس هذا البلد الذي يضم طوائف كثيرة ويتميز بها».

وتطرق البابا إلى «الأحداث الحربية في المنطقة»، وأمل أن «تعيش هذه الشعوب بسلام». ودعا إلى «التضامن بين أفراد المجتمع والمسؤولين من أجل الوصول إلى درجة احترام كبيرة، لنصل إلى تحسين الحياة»، معتبرا أن «هناك الكثير من الاختلافات الدينية في المجتمعات وهي ضرورية». وأضاف: «نشهد في لبنان عائلة تتآلف من ديانتين ويجب أن نطبق ذلك في المجتمع ككل»، مشددا على أن «الحق بالحياة هو حق لكل فرد وشخص في مختلف الديانات، وعلينا أن نسمح للفرد أن يعيش ويطبق حريته وديانته، فخسارة هذه الحرية تؤثر سلبا على روحية الأشخاص».

من ناحيته، جدد سليمان تأكيد التوافق اللبناني «على تحييد لبنان عن تداعيات ما يحصل من حولنا، ولبنان يتمنى للشعوب العربية وللشعب السوري بالذات ما نتمناه لأنفسنا، وأن يكون ذلك بالحوار بعيدا عن أي شكل من أشكال العنف والإكراه». وقال: «نضع تجربتنا اللبنانية الفريدة تحت نظركم الكريم، وهي تجربة لم تنل منها الصعاب وإن كانت التحديات تعترض مسيرتنا الوطنية، ومن بينها العمل على تنفيذ القرار 1701 وثني إسرائيل عن تهديداتها للبنان، وكذلك حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أراضيهم، إضافة إلى حماية البيئة الوطنية وتوفير فرص عمل للمواطنين لا سيما الشباب»، معولا على أهمية «إشراك المكون المسيحي في الحياة السياسية في بلدان المنطقة، وعلى ضرورة أن تطمئن المجموعات المسيحية في المنطقة إلى دورها».

وكان البابا التقى رؤساء الطوائف الروحية في بعبدا، بينهم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، بعدما أثار غيابه عن استقبال البابا الرسمي والروحي في مطار بيروت أمس تساؤلات عدة، بعد إشارة تقارير إخبارية في بيروت إلى أن غيابه كان مرتبطا باعتراضه على جوانب بروتوكولية متعلقة بلقاء البابا. وسلم المفتي قباني للبابا بنديكتوس أمس رسالة باليد تضمنت تطمينات من الجانب المسلم إلى الشريك المسيحي. وأكدت الرسالة، وهي من 5 صفحات، أن «أي اعتداء على المسيحيين هو اعتداء على الإسلام وأن الطرفين سيصنعان مستقبلهما معا». وأبدى المفتي قباني «ألمه لما تعرض له بعض المسيحيين في بعض بلدان الشرق من اعتداءات على أرواحهم ومقدساتهم»، معتبرا أنها «لا تسيء فقط إلى تاريخنا المشترك في العيش معا، بل وتتناقض أيضا مع قيمنا في الإسلام».

وأكد مدير الإعلام في دار الفتوى، خلدون القواص، لـ«الشرق الأوسط»، أنه لا صحة لما نشر أمس حول أسباب غياب المفتي عن استقبال البابا في المطار، وشدد على أن الغياب سببه «تزامن وصول البابا مع صلاة الجمعة التي يؤمها المفتي في جامع محمد الأمين في وسط بيروت ويليها خطبته، وهو ما حال دون ذهابه».