القصف يحاصر تلاميذ دمشق وكتيبة «سيد الشهداء» تأسر «عقيد ركن» علويا

كتيبة «أنصار الله» تنضم إلى الثورة.. واستمرار الإعدامات الميدانية والعمليات العسكرية في مختلف المناطق

متطوعون لكتيبة عمرو بن العاص يقومون بتدريبات عسكرية أمس في منطقة أعزاز (أ.ف.ب)
TT

بعد معارك عنيفة استمرت عدة أيام، انسحب مقاتلو الجيش السوري الحر من بعض أحياء جنوب العاصمة دمشق، بحسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، في حين أعلنتها الهيئة العامة للثورة السورية «مناطق منكوبة»، وذلك في موازاة استمرار القصف والعمليات العسكرية في مناطق سوريا عدة والإعدامات الميدانية. وفي تطور ميداني لافت، أعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل أن كتيبة «سيد الشهداء» في لواء درع الغوطة، تمكنت من أسر ضابط برتية عقيد ركن من الطائفة العلوية، وقد ظهر مصابا في الفيديو الذي نشر على مواقع للمعارضة.

في المقابل، أفادت لجان التنسيق المحلية بمقتل 67 شخصا على الأقل، أمس، بينهم 25 في دمشق، منهم 20 قضوا ذبحا في حي جوبر، و8 في حماه و7 في حلب و4 في دير الزور.

وقد ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «مقاتلين من الجيش السوري الحر» أعلنوا انسحابهم من أحياء الحجر الأسود والقدم والعسالي بمدينة دمشق، فيما أعلنتها الهيئة العامة للثورة مناطق منكوبة، وقالت إن تلك الأحياء تعرضت لحملة «همجية شرسة» من جيش النظام وشبيحته تجلت في الحصار المطبق الذي فرض على المنطقة، إضافة إلى القصف العشوائي الذي استهدف منازل المدنيين ومحالهم التجارية منذ منتصف يوليو (تموز)، مما دفع بغالبية السكان إلى النزوح بحثا عن مناطق أكثر أمنا.

كما اتهمت الهيئة القوات السورية «بتنفيذ سلسلة من الإعدامات الميدانية» في المنطقة، وأشارت إلى مقتل أكثر من مائتي شخص منذ بداية شهر يوليو لغاية اليوم في هذه الأحياء.

من جهته، قال المركز الإعلامي السوري إنه عثر صباح أمس على 20 جثة لأشخاص تم إعدامهم ميدانيا في حي جوبر بدمشق.

في المقابل أفاد ناشطون لمنظمة «آفاز» الحقوقية بأن ما يقارب 40 تلميذا حوصروا أمس تحت القصف في منطقة تضم عدة مدارس في حي جوبر الدمشقي، وهي مدرستا «ابن الهيثم» و«ست القضات» للمرحلة الابتدائية، ومدرستا «كامل السباعي» و«البسطاطي» للمرحلة الإعدادية.

وتحدث أحد الأساتذة لـ«آفاز» قائلا: «بقينا محاصرين لمدة تزيد على الساعتين إلى أن جاءت عناصر من الجيش الحر ومعهم سيارات وأخلوا جميع الطلاب الموجودين في المدرسة».

وجرى هذا بعدما قامت القوات النظامية بقصف منطقة بالقرب من تجمع لمدارس ابتدائية وإعدادية في حي جوبر في العاصمة دمشق بقذائف الهاون، وقال أبو عمر لـ«آفاز»: «أكثر من 15 قذيفة سقطت في محيط تجمع المدارس بالقرب من ساحة شعبان التي قصفت أيضا بدورها مرتين، مما أدى إلى تضرر مئذنة جامع غزوة بدر هناك»، مؤكدا أن القصف بدأ بعد اكتشاف الأهالي لـ21 جثة مرمية في ساحة شعبان، وقال أبو عمر: «عندما حاول الأهالي سحب الجثث بدأ إطلاق النار من الحاجز القريب للساحة، ومن ثم بدأ القصف بالهاون». وقال الناشط نزار لـ«آفاز: «وجدت الجثث مربوطة الأيدي إلى الخلف، وأغلبهم أطلق النار على رؤوسهم من الأمام مباشرة»، موضحا أنه «بعدما استطاع الأهالي سحب الجثث تمكنوا من التعرف على هوياتها، وتبين أن جميعهم من أبناء الحي، أغلبهم كان قد فقد منذ 20 يوما عند بدء الحملة العسكرية من قوات النظام على الغوطة الشرقية».

وقال محمد السعيد، عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الحملة الهمجية التي يقوم بها النظام في الحجر الأسود تمتد إلى مناطق ريف دمشق، ولا سيما منها بلدات الحجيرة ويلدا والسيدة زينب الملاصقة لجنوب العاصمة، وذلك بهدف محاصرته». ويلفت السعيد إلى أن الريف الذي لجأ إليه النازحون من مناطق سورية مختلفة تعرضت للقصف، يعاني سكانه اليوم أزمة إنسانية مأساوية في ظل النقص الحاصل في المواد الطبية والغذائية. في المقابل، دعت كتيبة «أنصار الله» في ريف دمشق، وهي أول كتيبة مسلحة من الطائفة المسيحية، في تسجيل مصور بث على شبكات الإنترنت، كل السوريين إلى المحبة والتسامح فيما بينهم، مؤكدين عدم دخولهم الكنائس إلا بعد أن يسقط نظام الأسد.

أما في داريا بريف دمشق، فقد وقع انفجار ضخم في المدينة جراء تجدد إطلاق القذائف المدفعية من مطار المزة العسكري.

وفي درعا، ذكر المركز الإعلامي أن الجيش السوري الحر هاجم حاجزا عسكريا قرب مسجد عمر في درعا البلد بعبوة ناسفة قتلت عددا من عناصر جيش النظام، فيما ذكر المرصد أن القصف قد تجدد أمس على بلدة اليادودة بينما سمعت أصوات إطلاق نار من أسلحة خفيفة وثقيلة في بلدة الحارة التي شهدت عمليات تخريب ونهب لعدد من المحال التجارية فيها من قبل القوات النظامية.

وفي حمص، تعرضت، حسبما ذكر المرصد، مدينة القصير للقصف من قبل القوات النظامية السورية.

ولم يختلف الوضع أيضا في إدلب، حيث تعرضت بلدتا تفتناز وشللخ بريف إدلب للقصف من قبل القوات النظامية، فيما نفذت القوات النظامية حملة تفتيش عن مطلوبين للخدمة الإلزامية في منطقة الناعورة.

وفي حين أعلنت «رويترز» أن المعارضة السورية سيطرت على ثالث نقطة عبور حدودية مع تركيا، وقعت اشتباكات عنيفة في منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة قرب الحدود التركية بين الجيشين النظامي والحر، وذلك بعدما خفت وتيرتها في الساعات المتأخرة من ليل أول من أمس. وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن المواجهات بدأت بهجوم شنه الجيش السوري الحر على القوات النظامية لانتزاع مركز أمانة باب تل أبيض الحدودي الذي يربط سوريا بتركيا.

وأصاب رصاص الاشتباكات مدرسة داخل الحدود التركية، الأمر الذي دفع بلدية «آقجه قلعة» التركية، المحاذية لتل أبيض، إلى الطلب من السكان الأتراك المقيمين في مناطق قريبة من الحدود السورية، ترك أماكن إقامتهم والابتعاد عن المنطقة.

وكان الجيش السوري الحر قد أكد سيطرته التامة على بلدة تل أبيض في الرقة، وعلى البوابة الحدودية مع تركيا التي رفع علم الثورة عليها، وذلك بعد ساعات من تمكن قواته في جنوبي البلاد من تدمير كتيبة صواريخ كوبرا في محافظة درعا.

في المقابل، لم تهدأ معركة حلب، وقد نفذ المقاتلون المعارضون هجمات متكررة على مراكز تابعة للقوات النظامية، وأفادت معلومات بتحطم طائرة في مطار كويرس بحلب وارتطامها بأحد جدران المطار بعدما أصابها الجيش الحر الذي اعتقل الطيارين وهما برتبة مقدم ونقيب.