«مؤتمر الإنقاذ» في دمشق: اتفاق على إسقاط نظام الأسد بكل رموزه ومرتكزاته

وسط خلافات بين فصائل معارضة الداخل وبحضور سفراء روسيا والصين وإيران

جانب من اجتماع فصائل من المعارضة السورية في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

رغم الخلافات الكثيرة بين تيارات المعارضة السورية في الداخل والاختفاء القسري لثلاثة معارضين سوريين من هيئة التنسيق الوطنية، فإن مؤتمر الإنقاذ الوطني، الذي دعت إليه الهيئة، عقد في فندق «أمية» وسط العاصمة دمشق أمس بمشاركة نحو 20 حزبا وتيارا سياسيا وشخصيات من المعارضة في الداخل وبحضور سفراء روسيا والصين وإيران والجزائر ومصر ومندوب عن المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي، وبمشاركة اثنين من قيادات الحراك المدني في مصر والأردن صلاح الدسوقي وليث الشبيلات.

ولم يتمكن من الحضور هيثم مناع أحد أبرز أعضاء هيئة التنسيق الوطنية المعارضة (فرع المهجر)، فيما قاطع عدد من المعارضين المستقلين المؤتمر؛ منهم فايز سارة ولؤي حسين وآخرون. ولوحظ غياب الوجود الأمني في محيط مكان انعقاد المؤتمر على غير عادة الأجهزة الأمنية السورية في التعامل مع أي اجتماع علني للمعارضة في دمشق. وعقدت جلسات المؤتمر في أجواء تشوبها الفوضى وضعف التنظيم، بحسب ما قاله إعلاميون حضروا المؤتمر الذي خرج بالاتفاق على عدة مبادئ أساسية للعملية السياسية وهي إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد «بكل رموزه ومرتكزاته»، ونبذ الطائفية والمذهبية، والتأكيد على النضال السلمي، وضرورة استعادة الجيش دوره الوطني، والحرص على تحقيق أهداف الثورة بالقوة الذاتية للشعب السوري، وحماية المدنيين وفق القانون الدولي، بالإضافة إلى اعتبار الوجود القومي الكردي جزءا أساسيا وتاريخيا من النسيج الوطني السوري، وأن سوريا جزء لا يتجزأ من الوطن العربي، واعتبار وثيقة العهد الوطني، التي تم إقرارها في مؤتمر القاهرة، وثيقة من وثائق المؤتمر بموافقة الأغلبية.

وتضم «هيئة التنسيق» التي أعلن عن تأسيسها أواخر يونيو (حزيران) الماضي، أحزاب التجمع اليسار السوري، وحزب العمل الشيوعي، وحزب الاتحاد الاشتراكي، وأحزابا كردية، كما تضم شخصيات معارضة من الداخل والخارج.

ويعتبر النظام هيئة التنسيق من قوى المعارضة «الوطنية» التي يمكن أن يتم الحوار معها، فيما يتهم معظم باقي أطياف المعارضة في الخارج بأنها شريكة في «المؤامرة».

وفي كلمته الافتتاحية، قال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر رجاء الناصر: «جئنا لنعلن بوضوح أننا جزء من ثورة شعبنا وهدفنا الأول هو تغيير النظام الحاكم تغييرا بكل المرتكزات»، مؤكدا أن «السعي من أجل تجاوز المخاطر ليس خيارا بين خيارات؛ بل هو الطريق الوحيدة لإيقاف المحنة»، وأشار إلى أنه «مورس كثير من الضغوط على المشاركين ومن بينها اعتقال 3 من الأعضاء»، داعيا إلى وقف «تمزيق المجتمع ودفعه إلى حافة الصراعات الطائفية».

وحذر الناصر من «خطر استمرار النظام الديكتاتوري السوري واستمرار العنف والحرب الأهلية وخطر التدخل الأجنبي المباشر والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية». وتابع الناصر أن «التغيير الشامل هو مدخل بناء الدولة»، مشيرا إلى أن «سلمية الثورة هو الأساس وطريق العنف هو الأكثر تكلفة»، وحمل الناصر السلطة مسؤولية «الدفع إلى العنف المضاد» ودعا إلى «كسر التوازن بالقوى عبر استعادة دور التوازن السلمي» و«الوقف الفوري لإطلاق النار».

السفير الروسي، من جانبه، اعتبر أن الهدف الرئيسي هو «وضع حد للعنف في سوريا سواء من قبل الحكومة أو من قبل المجموعات المسلحة»، وقال: «نحن واثقون من أن إطلاق عملية تفاوضية دون شروط مسبقة هو وحده ما سيمكن من الخروج من المأزق»، مشيرا إلى أن روسيا على اتصال دائم مع الحكومة السورية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بالإضافة إلى استمرار اتصالها مع بعض الأطراف الدولية ذات النفوذ، معربا عن تأييد بلاده «مهمة المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي»، ومؤكدا استعداد بلاده «للتعامل مع كل أطراف المعارضة التي تتبنى وقف العنف والعنف المضاد وترفض التدخل الخارجي وتعمل على إطلاق الحوار».

وواجهت دعوة هيئة التنسيق الوطني إلى عقد مؤتمر الإنقاذ عقبات كثيرة؛ حيث رفض المشاركة فيه عدد من أعضاء هيئة التنسيق الوطني بالإضافة إلى «هيئة الشيوعيين السوريين»، العضو في هيئة التنسيق، الذين أعلنوا انسحابهم من الهيئة، نتيجة الخلاف حول عقد المؤتمر في دمشق؛ حيث اتهموا الهيئة بـ«الخضوع لشروط النظام»، معتبرين أن مؤتمر الإنقاذ «لا يملك شروط النجاح». كما رفض «تيار بناء الدولة» بزعامة لؤي حسين المشاركة في المؤتمر «لأنه يحاول أخذ شرعيته من أطراف دولية» في إشارة غير مباشرة إلى روسيا والصين، حيث زار الأخيرة عدد من أعضاء هيئة التنسيق للحصول على ضمانات لعقد المؤتمر في دمشق.

وفي جلسات بعد الظهر، دارت نقاشات خلافية حادة خلال المؤتمر في مقدمتها العمل الثوري المسلح، وهناك من اعتبر الجيش الحر «مجموعات من المراهقين المسلحين» بينما رأى آخرون أنه جزء من الحراك الثوري. وطرح أحد الناشطين الشباب سؤالا عما إذا كان ممكنا «اعتبار الجيش الحر طرفا مفاوضا ذا أجندة سياسية»، فكان رد من مشارك شاب آخر بالقول إن «السياسة هي فن الممكن، ونحن الآن في حالة استعصاء، مما يحتم علينا خفض سقف مطالبنا»، مطالبا بإدانة الجيش الحر.

إلى ذلك، رفض متحدث باسم الجيش السوري الحر المؤتمر؛ قائلا إن نظام الأسد «يحاول دائما التفاوض مع نفسه»، وقال لوكالة «رويترز»: «هذه ليست معارضة حقيقية في سوريا. هذه المعارضة ليست سوى الوجه الآخر لنفس العملة. الجيش السوري الحر لن تكون له علاقة بهذه الجماعات».