إشارات حول احتمال مشاركة المغرب في عملية عسكرية بشمال مالي.. ووزير الإعلام يعتبر ذلك سابقا لأوانه

مصدر جزائري: الجندي الجزائري لن يشارك في عمل عسكري إلى جنب نظيره الفرنسي

TT

بينما قال مسؤول مغربي إنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة المغرب في عملية عسكرية بشمال مالي ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة، وذلك في معرض تعليقه على ما قاله سعد الدين العثماني، وزير الخارجية المغربي، أمام مجلس الأمن الليلة قبل الماضية، من أنه لا بد أن يتخذ مجلس الأمن مبادرة «قوية وسريعة» حول الأوضاع في مالي، قال مسؤول قريب من الحكومة الجزائرية إن بلده «لا يمكن أن يتورط أبدا في تدخل عسكري محتمل بشمال مالي، مهما كانت الظروف».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول الموضوع، قال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال (الإعلام) والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية حول ما قاله العثماني: «هذا الأمر موضوع نقاش على المستوى الدولي، والمغرب عبر عن انشغاله بموضوع الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء، وحتى اليوم (أمس) لم يتم الإعلان عن مبادرات ترتبط بهذا الموضوع».

وكان العثماني قد دعا إلى ضرورة بلورة مبادرات جماعية ومشتركة لمواجهة تحديات الاستقرار في منطقة الساحل والصحراء. ونسب إلى العثماني قوله في نيويورك بـ«ضرورة إعطاء الأولوية لاستعادة مالي لوحدة أراضيها، ووضع حد للأعمال الإرهابية والإجرامية المرتكبة فوق ترابها». وزاد العثماني قائلا: «لا بد أيضا من توفير المساعدات الضرورية للدول المجاورة لها، لتقوية قدراتها الوطنية وتطوير مؤسساتها الأمنية ومراقبة حدودها بشكل جيد». وأشاد العثماني بقرار الأمين العام الأممي تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة للساحل، لمواكبة جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ومالي من أجل تسوية الإشكالية الأمنية في هذه المنطقة. كما أشاد بالمبادرة الفرنسية لإنشاء «مجموعة أصدقاء الساحل». وأكد استعداد بلاده لتقديم جميع المساعدات اللازمة لتحقيق أمن وتنمية منطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا.

ومن جهته، ذكر المسؤول الجزائري، الذي كان وزيرا، قبل التعديل الحكومي، الذي أجراه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مطلع الشهر الحالي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجندي الجزائري لا يمكن أن يكون جنبا إلى جنب مع جندي فرنسي، في عملية عسكرية قريبة من حدود الجزائر».

وبدا المسؤول الجزائري السابق، الذي تحفظ على نشر اسمه، متأكدا أن الفرنسيين يدفعون باتجاه حسم الخيار العسكري في شمال مالي، الذي تسيطر عليه مجموعات إسلامية متطرفة تستفز فرنسا منذ سنوات من خلال اختطاف رعاياها ومساومتها بين حياتهم أو دفع مبالغ مالية كبيرة لأجل الإفراج عنهم.

وأفادت مصادر مطلعة على ملف الإرهاب في الساحل الأفريقي بأن السلطات الجزائرية «أنهت إلى علم موفدين من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) أنها تتحفظ بشدة على شن عملية عسكرية في شمال مالي لأنها لن تنجح في حسم الموقف ضد الإرهابيين». وتقول المصادر إن الموقف الجزائري «نابع عن تجربة مريرة في مواجهة الجماعات الإرهابية».

واستقبلت السلطات وفدا من «إكواس» الشهر الماضي، جاء ليعرف موقفها من حملة عسكرية يقوم بها الجيش المالي، مدعوم عسكريا من المجموعة التي تضم 13 بلدا في غرب أفريقيا. وعرض الوفد الأفريقي على الجزائريين مشاركتهم في الحملة الجاري الإعداد لها لكنهم رفضوا بشدة، بحسب ذات المصادر.

وفي سياق متصل، طالب الطوارق الماليون الانفصاليون بإشراكهم في تسوية الأزمة في شمال البلاد، معتبرين أن من دونهم «من الوهم أن نأمل حلا نهائيا وسلاما دائما». وقال موسى أغ الطاهر، ممثل «الحركة الوطنية لتحرير ازواد» في أوروبا، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: «من دون مساهمة صريحة ومباشرة (لحركته)، من الوهم أن نأمل حلا نهائيا وسلاما دائما، ولا استئصال لكارثة الإسلاميين ومهربي المخدرات والإرهابيين في الساحل ومنطقة أزواد»، في إشارة إلى ثلاث مجموعات مسلحة مسيطرة على شمال مالي هي: «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» و«حركة أنصار الدين» و«حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أغ الطاهر أن حركته هي «الحليف الموضوعي الوحيد ذو المصداقية، الذي لا يمكن الاستغناء عنه في مكافحة القوى الظلامية المنتشرة في أزواد»، مؤكدا أنه يتحدث باسم «المجلس الانتقالي لدولة الأزواد»، الحكومة المؤقتة للانفصاليين الأزواد. وبعد الإعراب عن أسفه لـ«الريبة» التي يبديها المجتمع الدولي إزاء الحركة الوطنية لتحرير أزواد، استبعد «أي تحالف غير طبيعي» مع الإسلاميين.

وهدد إبراهيم أغ محمد الصالح، العضو في «مجلس أزواد الانتقالي»، في تصريحات سابقة، بالتحالف مع «المجموعات الإسلامية والإرهابيين» إذا حصل تدخل عسكري دولي وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع باماكو.

وفي أعقاب الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام باماكو في مارس (آذار) الماضي، سيطرت حركة تمرد الطوارق والمجموعات الإسلامية المسلحة على شمال مالي، وأعلنت «الحركة الوطنية لتحرير أزواد» استقلال المنطقة، لكن سرعان ما تفوق الإسلاميون عليها وطردوها منها. وطلبت السلطات المالية الانتقالية رسميا هذا الأسبوع من مجلس الأمن تبني قرار يسمح بتدخل قوة عسكرية دولية لاستعادة شمال البلاد. وجدد رئيس الوزراء المالي شيخ موديبو ديارا، أول من أمس، هذا الطلب خلال اجتماع حول منطقة الساحل الأفريقي، عقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وأيده عدة مسؤولين أفارقة وفرنسا.