مجلس حقوق الإنسان يدين سوريا ويمدد تحقيقا في ارتكاب جرائم حرب

عين المدعية للمحكمة الجنائية الدولية كارلا ديل بونتي للجنة التحقيق في سوريا

محتجون يخرجون إثر صلاة الجمعة بسرمدا في إدلب معبرين عن عدم استعدادهم للخضوع والاستسلام لنظام الأسد (رويترز)
TT

اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة قرارا يدين الممارسات العنيفة لقوات النظام السوري في بلدة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص. وندد المجلس في دورته الحادية والعشرين بجنيف، الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها القوات المسلحة في استخدامها للأسلحة الثقيلة ضد السكان المدنيين، وأدان تزايد المجازر في سوريا. ووافق المجلس بأغلبية أعضائه على تمديد عمل اللجنة الدولية التابعة للمجلس للتحقيق في مجزرة الحولة لمدة ستة أشهر، حتى مارس (آذار) 2013.

وأكد القرار على مسؤولية قوات النظام السوري والشبيحة عن تلك المجزرة، وطالب بمحاسبة المسؤولين عنها، وإخلاء سبيل جميع المعتقلين السوريين، وتمكين المراقبين من دخول جميع مراكز الاحتجاز فورا. وطالب القرار بإجراء تحقيق دولي شفاف ومستقل وفوري في انتهاكات القانون الدولي، والانتهاكات التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتمكين لجنة التحقيق، التي يرأسها البرازيلي باولو بينيرو، من الدخول بشكل كامل ودون قيود إلى سوريا للقيام بعملها.

وكانت المجموعة العربية بالمجلس (التي تضم المغرب وتونس والكويت والسعودية وقطر) قد قدمت مشروع قرار يطالب بتمديد مهمة اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق حول سوريا وتوفير موارد بشرية ومالية لها. وأبدت المجموعة قلقها من تصاعد العنف وتزايد عدد اللاجئين والنازحين والمشردين داخل سوريا في الدول المجاورة، وأدانت مواصلة السلطات السورية انتهاكات حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الثقيلة وعمليات الإعدام التعسفي وأعمال القتل للمتظاهرين. وساند كل من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي القرار.

ووافق المجلس، المكون من 47 عضوا، بأغلبية 41 صوتا مقابل رفض ثلاث دول هي روسيا والصين وكوبا وامتناع ثلاث دول أخرى عن التصويت هي الهند وأوغندا والفلبين.

ورحبت واشنطن بالقرار، وأكدت أنه يقوي من الدعم المقدم للجنة لتوثيق الانتهاكات المرتكبة ضد الشعب السوري. وقالت السفيرة الأميركية لدى مجلس حقوق الإنسان إيلين تشامبرلين دوناهو: «إن تمديد عمل لجنة التحقيق مهم لتوثيق أسماء المسؤولين عن تلك الجرائم والانتهاكات، وضمان أن لا ينالوا حصانة من المساءلة، وأن يمثل كل من ارتكب جرائم ضد الشعب السوري للعدالة والمساءلة». ورحب الاتحاد الأوروبي بالقرار مطالبا بوضع حد فوري لأعمال العنف. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان: «إن جرائم الجماعات المسلحة لا ترقى إلى مستوى الانتهاكات المرتكبة من قبل القوات الحكومية».

من جانبه، رفض مندوب سوريا فيصل خباز حموي نص القرار واعتبره قرارا مسيسا وانتقائيا، واتهم إرهابيين إسلاميين بتصعيد العنف في بلاده.

وبررت روسيا رفضها للقرار واعتبرته قرارا غير متوازن ولا يدين العنف من كل الأطراف، بما في ذلك جماعات المعارضة المسلحة، ونددت روسيا في بيانها بحصول الجماعات المسلحة على السلاح والمال، بما يشجع على الإرهاب ومزيد من أعمال العنف.

وقالت ماريا خودينسكايا مندوبة وزارة الخارجية الروسية: «إن موسكو لا توافق على نتائج اللجنة حول أحداث الحولة وتطالب بإجراء تحقيق كامل لهذه الأحداث المأساوية، لأن قضية من المسؤول عن الحادث ما زالت مفتوحة والتحقيق يجب إنهاؤه ولا يجوز اتهام الحكومة السورية دون الاستناد إلى قاعدة إثبات كافية». وأضافت: «نحن نشك بأن مشهد الحولة يتم تكراره على الساحة الإعلامية لخلق ظروف للتدخل المسلح».

كما وافق مجلس حقوق الإنسان أمس على اقتراح تقدمت به سويسرا لضم كارلا ديل بونتي المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، ضمن فريق التحقيق الذي يقوم بالتحقيق بشأن جرائم الحرب في سوريا.

وأعلنت رئيسة مجلس حقوق الإنسان لورا دوبوي لاسير أمس أنه تم تعيين القاضية كارلا ديل بونتي والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة حول كوريا الشمالية فيفيت مونتاربورن مفوضين في لجنة التحقيق التابعة للمنظمة الدولية حول سوريا.

وقالت دوبوي لاسير في اليوم الأخير من دورة المجلس: «مع الأخذ في الاعتبار تمديد تفويض (اللجنة) حتى مارس 2013 الذي قرره المجلس اليوم (أمس الجمعة)، وفي ظل عدم وجود مؤشرات تحسن على الأرض، أرغب في تعزيز اللجنة عبر تعيين مفوضين اثنين إضافيين كارلا ديل بونتي وفيفيت مونتاربورن».

وبتعيين ديل بونتي توقع عدد من الدبلوماسيين أن يحقق ذلك تقدما له فاعلية في تقديم منتهكي حقوق الإنسان في سوريا إلى العدالة. وأشاد الدبلوماسيون بقدرات ديل بونتي القانونية وقدرتها على استخدام المعلومات في الدفع بإجراء محاكمة، وخبرتها طوال ثماني سنوات في محكمة لاهاي في ملاحقة ومحاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش (الذي توفي عام 2006 قبل صدور الحكم).

وأشار دبلوماسيون إلى أن ديل بونتي التقت الأسبوع الماضي في جنيف برئيس لجنة التحقيق البرازيلي باولو بينيرو لمناقشة توسيع نطاق التحقيق، وقالت سفيرة الاتحاد الأوروبي ماريا نجيلا زابيا إن لديها مهارات تحقيق عالية وقدرة على تحسين استخدام القدر الهائل من المعلومات الذي تجمعه لجنة التحقيق بهدف إجراء محاكمة يوما ما.

وقد عملت كارلا ديل بونتي (من مواليد 9 فبراير (شباط) 1947 بسويسرا) مدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية التابعة للأمم المتحدة منذ عام 1999. واستقالت من عملها ككبير المدعين في المحكمة الجنائية نهاية عام 2007. ورشحتها سويسرا للعمل سفيرة لها لدى الأرجنتين منذ يناير (كانون الثاني) 2008، ونالت ديل بونتي شهادة الماجستير في القانون عام 1972 وعملت لعدة سنوات في مكتب محاماة، وعينت عام 1981 قاضية بالمحاكم السويسرية. وتولت عدة قضايا لغسل الأموال والاتجار بالمخدرات والإرهاب والتجسس، وتعرضت لمحاولة اغتيال من مجموعات الجريمة المنظمة، لكنها نجت منها، ثم تولت منصب النائب العام في سويسرا.

المعروف عن ديل بونتي صرامتها الشديدة ودورها البارز في ملاحقة ومحاكمة رئيس يوغوسلافيا السابق، ودورها في التحقيقات حول الاتجار بالأعضاء من قبل جيش تحرير كوسوفو. وتتحدث ديل بونتي الإيطالية والألمانية والفرنسية والإنجليزية بطلاقة.