تصدع في القرداحة مسقط رأس عائلة الأسد وأنباء عن مقتل زعيم الشبيحة

شجار تطور إلى إطلاق نار بين علويين دعوا الأسد للرحيل و«شيخ الجبل» أسفر عن مقتل 5

مدخل القرداحة مسقط راس الرئيس السابق حافظ الأسد («الشرق الاوسط»)
TT

تواردت أنباء من القرداحة في اللاذقية مسقط عائلة الأسد الحاكمة في سوريا عن مقتل زعيم الشبيحة محمد الأسد الملقب بـ«شيخ الجبل» في شجار نشب بين زعيم شبيحة آل الأسد وأبناء عائلات علوية راقية آل عثمان والخير، تطور إلى تبادل إطلاق نار أسفر عن سقوط خمسة قتلى من آل عثمان بالإضافة لشيخ الجبل.

وتعددت الروايات حول السبب الحقيقي للخلاف، ومن أبرز الروايات التي نقلها موقع «كلنا شركاء» الإلكتروني المعارض عن مصادر في القرداحة التي تعد حصن عائلة الأسد المنيع أن «أشخاصا من عائلة الخير - التي ينتمي لها المعارض السوري البارز والمعتقل لدى النظام عبد العزيز الخير - وعائلة عثمان وعبود كانوا يتناقشون في أحد مقاهي المدينة بوجود أشخاص من عائلة الأسد وشاليش (أخوال الرئيس حافظ الأسد)، ووجه آل الخير نقدا حادا للرئيس بشار الأسد وربطه مصير طائفته بمصيره، مع الإشارة إلى أن آل الخير من العائلات العلوية المرموقة دينيا وثقافيا واجتماعيا في الطائفة، قبل أن تتعرض للتهميش في عصر الأسد الأب.

أما محمد الأسد، زعيم الشبيحة الذي يعتقد أنه لقي حتفه، فيعتبر المؤسس الرئيسي لما يسمى بمنظمة الشبيحة والمتبرع الرئيس مع رامي مخلوف ومحمد حمشو وآخرين في تقديم الدعم والتمويل المادي والمعنوي لهذه المنظمة.

وقال «كلنا شركاء» إن أجهزة الأمن أغلقت الطرق المؤدية إلى القرداحة بعد نشوب قتال بين عائلات آل الخير وآل عثمان والعبود وبين أقرباء بشار الأسد أول من أمس الأحد.

وعلى صفحات موقع «فيس بوك» كتب عدد من الناشطين والمثقفين العلويين معلوماتهم عما يجري في منطقتهم، حيث أكد الإعلامي والناشط العلوي المعروف وحيد صقر صحة تلك الأنباء وقال أمس «تواترت أخبار مفادها اشتعال القرداحة من البارحة، آل الخير وآل عثمان وآل عبود وآل شاليش في قتال عنيف مع أقرباء بشار لأن واحدا من عائلة الخير قال (يحل عنا بقا شو ناطر بشار.. ناطر يقتلونا بنص ضيعتنا) فسمعه محمد الأسد شيخ الجبل فجن جنونه وأشهر مسدسه وفتح قنبلة وبسرعة أطلقوا النار عليه مما أدى إلى انفجار القنبلة به وإصابته إصابة خطيرة جدا وبدأت العائلات بإطلاق النار على بعضهم».

وأكد صقر أن الاشتباكات أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى إثر مصرع ما يدعى زعيم الشبيحة الأول وقال إنه مسؤول عن هذه المعلومات مسؤولية خاصة، طالبا نشرها.

وكانت الكاتبة العلوية المعارضة سمر يزبك أول من أكد سقوط قتلى في القرداحة متهمة الشبيحة بقتل خمسة من أقاربهن حيث كتبت على صفحتها «شبيحة محمد الأسد قتلوا خمسة من أقربائي من بيت عثمان في القرداحة، بدي أسمع رأي السيد وليد عثمان، والد زوجة رامي مخلوف بموت أبناء عمومته، على يد الشبيحة، الذين يمولهم مخلوف وأشباهه». ووليد عثمان الذي سبق وشغل منصب محافظ درعا يشغل حاليا موقع سفير سوريا لدى رومانيا ومتهم من قبل المعارضة بعمليات تهريب أموال رموز نظام عائلة الأسد الحاكمة إلى رومانيا منذ بدء الثورة. ولم تأت سمر يزبك على ذكر تفاصيل الشجار الذي حصل، حيث نفت مصادر أخرى من ناشطين في الثورة أن يكون السبب توجيه انتقاد للرئيس بشار الأسد، وقال ناشط في مدينة اللاذقية لـ«الشرق الأوسط»: «القصة كما تم تداولها فيها الكثير من التضخيم. حصل اشتباك مسلح بين الشبيحة لكن ليس على خلفية الثورة ورفض سياسة النظام في التعامل مع الأزمة» وأضاف الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه أن «الاشتباك لا علاقة له بالثورة وما حصل هو مشاجرة بين محمد الأسد وصخر عثمان نتيجة خلاف شخصي، من نوع الخلافات التي تحصل عادة بين الشبيحة، فأشهر محمد الأسد سلاحه وبدأ بإطلاق النار بالهواء بالقرب من مقهى الخير، فرد عليه صخر عثمان بإطلاق الرصاص المباشر وأصابه بثلاث رصاصات واحدة بصدره ولأخرى في اليد والأخيرة في الظهر، بعدها نشب اشتباك بين شبيحة شيخ الجبل وعائلة عثمان استمر نحو نصف ساعة، وتدخل على الفور عناصر من الفرقة الرابعة في الجيش موجودون في القرداحة لفض الاشتباك واحتواء الأزمة وأسفرت الاشتباكات عن مقتل واحد من الشبيحة وإصابة أربعة آخرين وإصابة محمد الأسد إصابة خطيرة جدا والأرجح أنه قتل كما أصيب كل من علي - وكفاح - وصخر عثمان وتم نقلهم إلى مشفى عثمان الجراحي في اللاذقية» وأكد الناشط أنه لم يكن هناك أي تدخل من عائلتي الخير وعبود.

وتتقاطع هذه الشهادة إلى حد ما مع ما نقلته الناشطة العلوية المعروفة خولة دنيا عن أحد معارفها في اللاذقية حيث أخبرها أن «السبب كان وجود احتقان في القرداحة من تصرفات زعيم الشبيحة، على خلفية قيام شبيح من آل الأسد بقتل موظف حكومي صغير في إحدى الدوائر الرسمية رفض أن يوقع له معاملة، حيث أرداه قتيلا بعد عودته لمنزله وبحضور زوجته وأولاده وعلى مرأى من حاجز للجيش. ولم يجرؤ أحد على التدخل، ويوم السبت وعندما حصلت ملاسنة بين شيخ الجبل وشباب كانوا في مقهى الخير لأسباب غير معروفة قام شيخ الجبل بإطلاق النار كما اعتاد طيلة حياته، فرد عليه شاب من بيت عثمان مدافعا عن أصدقائه، وتجمع أهالي المنطقة والدولة بمخابراتها.. لفض المشكلة سلميا ولفلفتها».

ويشار إلى أن مدينة القرداحة وبحسب معلومات من السكان تحولت إلى منطقة محمية مغلقة حيث تم تطويقها بحواجز أمنية على جميع مداخلها وكل من يدخلها من غير أبنائها يسأل عن وجهته، بالإضافة إلى زرع شبكة من كاميرات المراقبة، كما يرابط فيها عشرات من الشبيحة يتولون عملية حمايتها تحسبا لأي هجوم من القرى السنية المجاورة والتي تتعرض للقصف الشديد من قبل قوات النظام، وإلى جانب هؤلاء هناك نحو مائتا جندي من الحرس الجمهوري من الفرقة الرابعة متمركزين بشكل دائم. ويقومون بحراسة مسجد «ناعسة»، والدة الرئيس حافظ الأسد، وحراسة قبري الأسد الأب ونجله باسل بعد تهديدات من الثوار بتخريب تلك الأماكن.

وأثارت أنباء الاشتباكات بين شبيحة الأسد والعائلات العلوية العريقة قصص العداء التاريخي بين حافظ الأسد وأبناء تلك العائلات ونشرت (تنسيقية الثورة السورية في القرداحة) قصة قيام الرئيس السابق حافظ الأسد عام 1979 بإعدام الشاعر حسن الخير، البعثي من القرداحة، بعد كتابته قصيدة هجاء لاذعة لحكم البعث بقيادة حافظ وانتشار الفساد المالي والأخلاقي، ووسمهم بالعصابات.

ولم يسمع الكثير عن حسن الخيّر بسبب التعتيم الذي فرض على قصته وقصيدته وبسبب الحساسية التي يسببها لعائلة الأسد كونه ينتمي إلى إحدى أكبر العائلات في مدينة القرداحة.

وكانت محطة «سكاي نيوز» الإخبارية أفادت أن مظاهرات خرجت ليل الأحد/ الاثنين في القرداحة تطالب برحيل الأسد عن السلطة، وأن هذه المظاهرات جاءت عقب اشتباكات في القرداحة بين عائلات تنتمي لبيت الأسد، وأخرى كانت تحتج على تدهور الأوضاع في سوريا، واعتقال عبد العزيز الخير، المعارض السوري، وأحد أبناء المنطقة.

وبدوره، قال نائب قائد الجيش السوري الحر العقيد مالك الكردي، إن «حالة الغضب بدأت تجتاح الطائفة العلوية احتجاجا على سلوك بشار الأسد وتمسكه بالكرسي». وأكد الكردي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «مظاهرات فعلية بدأت تشق ساحات القرداحة مسقط رأس بشار الأسد وتطالبه بالرحيل وترفض أن تدفع الطائفة العلوية ثمن مغامراته للبقاء في السلطة». وردا على سؤال عمّا إذا كان امتداد الاحتجاجات إلى المناطق العلوية مؤشرا على محاصرة الأسد، وإفشالا لما يحكى عن إنشاء كونتون علوي على الساحل السوري إذا ما سقطت دمشق وحلب بيد الجيش الحر، قال الكردي «قبل بدء الثورة كان زملائي الضباط بنسبة 90 في المائة من العلويين، بحكم أنني ابن المنطقة الساحلية وكانت خدمتي في سلاح البحرية، وكان الضباط العلويون ينتقدون النظام بشدة، أما الآن فبدأوا يشعرون أن هذا النظام يقودهم إلى الهلاك وإلى كارثة هم بغنى عنها، وأن سلوك الأسد وحاشيته يزجهم بصدام طائفي».

أما عضو المجلس الوطني السوري نجيب الغضبان فتحدث عن «معلومات عن نقمة واسعة في صفوف الطائفة العلوية حيال جرائم بشار الأسد وجماعاته». وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك التقيت بأحد النافذين من أبناء الطائفة العلوية، الذي نقل صورة عن أسباب النقمة العلوية، وأهمها الخسائر الكبيرة في الأرواح، وأكد لنا أن أي شخص من هذه الطائفة يرفض تنفيذ أوامر النظام يقتل فورا». ولفت الغضبان إلى أن «المعارضة السورية والمجلس الوطني يراهنون منذ بداية الثورة على تحرك الطائفة العلوية الكريمة لوضع حد للمأساة التي يتعرض لها الشعب السوري». مؤكدا أن «الطائفة العلوية كانت وستبقى جزءا لا يتجزأ من النسيج السوري، وخاصة العسكريين منها».