«الجيش الحر» يسيطر على قاعدة جوية في ريف دمشق.. والطيران الحربي يقصف حمص للمرة الأولى

سوريون تحدوا القصف وتظاهروا في جمعة «نريد سلاحا لا تصريحات لحماية أطفالنا»

عناصر من الجيش الحر يحتفلون بانتصارهم بعد اشتباكات مع الجيش النظامي قرب الحدود التركية السورية (أ.ف.ب)
TT

قال مقاتلون في كتيبة دوما التابعة للجيش الحر في فيديو بث على شبكة الإنترنت إنهم سيطروا ليل الخميس على قاعدة للدفاع الجوي بها مخزن للصواريخ في الغوطة الشرقية، وأظهر الفيديو عشرات من المقاتلين يرتدون زيا عسكريا ويحتفلون، بينما تصاعد الدخان الأسود من منشأة عسكرية خلفهم. والواقعة على بعد بضعة كيلومترات إلى الشرق من دمشق. كما أظهر فيديو آخر قوات معارضة في مخزن الأسلحة الموجود بالقاعدة، الذي كان به جزء من صاروخ أرض - جو. وجاء رد قوات النظام سريعا حيث لم تهدأ أصوات القصف المركز على بلدات ومزارع الغوطة الشرقية، وبث ناشطون فيديوهات لطائرات «ميغ» ومروحيات تقصف بلدات سقبا وحرستا وعربين ومحيط دوما، حيث قال ناشطون يوم أمس الجمعة إن مقاتلي الجيش الحر تمكنوا من إسقاط طائرة مروحية، كما أعلنت كتيبة «المرابطون في ريف دمشق» قيامها باغتيال العقيد ميمون إسماعيل وأسر المقدم مندز إسماعيل في عملية وصفتها بالنوعية. وذلك قبيل إعلان الجيش الحر في الغوطة الشرقية اعتقال العقيد الركن أحمد الرعيدي من الحرس الجمهوري يوم أمس (الجمعة)، وبثوا فيديو لرجل يقول إنه الرعيدي.

ولم يثن القصف بالطيران الحربي وقذائف الهاون والمدفعية التي دكت عددا من المناطق السورية، من دون خروج مظاهرات عدة متحدية آلة القتل ومطالبة بإسقاط النظام في محافظات عدة في جمعة «نريد سلاحا لا تصريحات لحماية أطفالنا». وتعرضت أحياء عدة محاصرة ومدمرة في مدينة حمص لقصف من طائرات حربية للمرة الأولى منذ بدء الثورة السورية.

وذكرت لجان التنسيق المحلية في سوريا أن «حي الخالدية في مدينة حمص تعرض لقصف هو الأعنف منذ 5 أشهر، إذ شاركت طائرة حربية للمرة الأولى باستهداف الحي بالتزامن مع تعرضه لقصف بالمدفعية وقذائف الهاون»، فيما أفادت الهيئة العامة للثورة السورية عن «انفجارات هائلة» هزت الحي وتصاعد أعمدة الدخان في سماء المدينة.

وقال المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية في حمص أبو خالد الحمصي لـ«الشرق الأوسط» إن أحياء الخالدية، التي قصفها الطيران الحربي، أمس، محاصرة بالكامل مع حيي القصور وجورة الشياح وأحياء حمص القديمة بشكل دائري على مساحة 8 كلم، وتحاصر فيها أكثر من 800 عائلة منذ 127 يوما، مشيرا إلى أن «الناس تقتات من بقايا الخبز وربّ البندورة الذي تذوبه في الماء بعدما استنفدت ما لديها من مأكل ومشرب».

ووصف الناشط الميداني أحياء الغوطة والحمرا بأنها «أشبه بسجن كبير»، وأوضح أن الحيين محاصران بشكل كامل، لكن الطعام والخدمات متوفرة، بينما يمنع الأهالي من الخروج نهائيا، لافتا إلى أن حي دير بعلبة «محاصر من أشهر بعد وقوع مجازر عدة فيه، وهو لا يزال حتى اليوم يخضع لحصار كامل لكن الناشطين وعددا من الأهالي يتمكنون من إدخال المؤن بطريقة سريّة».

من جهة أخرى، قتل 4 أشخاص على الأقل وأصيب آخرون جراء قصف قوات النظام لأحياء عدة في مدينة القصير في حمص، بينما أطلق ناشطون نداء استغاثة بسبب النقص الحاد الحاصل في الكادر الطبي والمستلزمات الطبية. وأكد ناشطون أن «الجيش الحر» تمكن من السيطرة على مخفر حدودي قرب حمص على الحدود مع لبنان.

وفي حلب، تواصل القصف على حي الصخور، وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «اشتباكات في الحي بين القوات النظامية والكتائب الثائرة»، مشيرا إلى اشتباكات مماثلة في أحياء العرقوب والنيرب.

وفي ريف حلب، تعرض قرية الجفرة للقصف من قبل القوات النظامية، فيما أشارت لجان التنسيق المحلية إلى «قصف مدفعي عنيف من مدفعية الميدان على حي الحيدرية»، مقابل «قصف عنيف بالبراميل المتفجرة من الطيران الحربي على مدينة حيان».

وفي درعا، اقتحمت قوات الأمن السورية بلدة المسيفرة بعدد من المركبات والجنود، رافقها وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان «عمليات إحراق وتخريب للمنازل والممتلكات، في حين شهدت بلدات وقرى الريف تحليقا للطيران الحربي في سمائها، كما عثر على جثة عسكري من القوات النظامية قرب بلدة الحارة بريف درعا».

كما أعلن المرصد السوري عن «اشتباكات بين القوات النظامية والكتائب الثائرة المقاتلة في بلدة معدان بريف الرقة»، لافتا إلى أن «القوات النظامية نفذت حملة اعتقالات طالت عددا من المواطنين في شارع تل أبيض ودوار الدلة وشارع الوادي».

من جهة أخرى، أكد «المجلس الوطني السوري»، على صفحته على موقع «فيس بوك»، أن رعاة على الحدود السورية العراقية «اكتشفوا رمي النظام السوري جثث الجنود الذي قضوا في المعارك، في المناطق الحدودية».

وقال ناشطون إن أعمدة الدخان شوهدت، صباح أمس، تتصاعد مع سماع أصوات تفجيرات في مدينة الهامة، وسمعت سيارات الإسعاف على أوتوستراد بيروت، وأشار الناشطون إلى أن الجيش الحر كبد قوات النظام خسائر كبيرة في الهامة يوم الخميس، بينما كانت المدفعيات تقصف قدسيا، وأن 25 جنديا قضوا قنصا برصاص الجيش الحر، حيث يوجد 4 قناصين في الهامة تمكنوا من إسقاط عدد كبير من قوات النظام، وأن هذا سبب الحملة العسكرية الشرسة جدا على المنطقة. وقد تمكنت قوات النظام من قتل 3 قناصين منهم. وذلك بعد دخول الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري خلال اليومين الماضيين. وقال ناشطون إن بطل الجمهورية بالمصارعة الحرة الشاب عمار العجوز ابن قدسيا قتل يوم الخميس برصاص قناص، لينضم إلى قائمة الرياضيين الذين قتلهم النظام.

ويشار إلى أن قدسيا والهامة من المناطق الثائرة في ريف دمشق، اللتين تحاطان بعدة مناطق موالية كمساكن الحرس (العرين) وجبل الورد، حيث تتركز الغالبية العلوية من مؤيدي النظام، وتتعرضان منذ فترة للقصف وحملات مداهمة واعتقالات، لكن هذه المرة تعتبر الأعنف على الإطلاق حيث تم فرض حصار على المنطقتين وإغلاق كل الطرق المؤدية إليهما، وتركز القصف المنطلق من مساكن الحرس (العرين) على قدسيا لثلاثة أيام متتالية، كان خلالها سكان المناطق المحيطة يسمعون دوي الانفجارات الهائلة ويرون تصاعد أعمدة الدخان.

ووسط العاصمة انتشرت الحواجز بكثافة لتهيمن على الشوارع الرئيسية حالة أشبه بحظر التجول، بينما زادت المظاهرات في الأزقة داخل الأحياء الثائرة، وذلك على الرغم من حملات النظام المتواصلة لإخماد تلك الأحياء، حيث تم يوم أمس اقتحام منطقة مخيم اليرموك وبعض أحياء دمشق الجنوبية وشنت حملات اعتقالات شملت عدة مدارس تابعة للأمم المتحدة التي تؤوي نازحين من المناطق الأخرى، واعتقلت عددا منهم. كما استهدف حاجز لقوات الأمن صباح أمس حافلة نقل داخلي على خط دمشق - القطيفة على طريق أوتوستراد العدوي وسط العاصمة، أسفر عن مقتل السائق وإصابة عدد من الركاب بجروح.

إلى ذلك, هددت «كتائب الجيش الحر» في منطقة وادي بردى بقطع مياه نبع الفيجي عن دمشق والمناطق الموالية للنظام، إذا لم يوقف الجيش السوري قصف قدسيا والهامة في ريف دمشق، اللتين تتعرضان منذ يومين لقصف مدفعي عنيف. وقالت الكتائب في تسجيل مصوّر بثته على «يوتيوب» أمس: «نحن أفراد وعناصر الجيش الحر في وادي بردى الذين حافظوا على مياه نبع الفيجي حفاظا على حياة المدنيين والأبرياء». وأضافت الكتائب: «نطالب بالتوقف الفوري للقصف على منطقتي قدسيا والهامة كي لا نضطر إلى قطع المياه عن الأماكن الأمنية والأحياء والمناطق الموالية للنظام». وتعليقا على هذا البيان، أوضح نائب رئيس الأركان في الجيش السوري الحر العقيد عارف الحمود، أن «القادة الميدانيين في الجيش الحر هم من يختار الوسائل المناسبة للضغط على النظام ووقف القصف العشوائي على الأحياء السكنية سواء في دمشق أو في قدسيا والهامة». وأكد الحمود في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقاتلي وعناصر الكتائب الميدانية هم أبناء الأحياء والمناطق التي يقصفها النظام، أي من أبناء وادي بردى والفيجي، وهم يعرفون بأدق التفاصيل ممرات أنابيب المياه وخزاناتها،