بازار طهران يعيد فتح أبوابه.. والصرافون يتحدون حكومة نجاد

إجراءات أمنية مشددة في السوق ومحيطها.. وتاجر: قلقون من الغد

صورة بثتها وكالة «مهر» الإيرانية لجانب من بازار طهران أمس الذي أعاد فتح أبوابه («الشرق الأوسط»)
TT

أعاد بازار طهران فتح أبوابه أمس، تحت رقابة أمنية مشددة، بعد أيام من إغلاقه بسبب مصادمات بين شرطة مكافحة الشغب وحشود من المحتجين على انهيار العملة الإيرانية، لكن حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد دخلت في مواجهة جديدة مع تجار العملة الذين رفضوا أمس تطبيق معدل مخفض لسعر صرف الدولار فرضته السلطات في محاولة لوقف انهيار العملة الإيرانية.

وكانت شرطة مكافحة الشغب أطلقت الغاز المسيل للدموع يوم الأربعاء، واشتبكت مع متظاهرين، وألقت القبض على تجار للعملة في السوق التي تعتبر من مراكز التسوق الرئيسية في المنطقة. ويلقي أحمدي نجاد باللوم على المضاربين في تراجع الريال، والذي ينال من مستويات المعيشة ويقضي على فرص العمل في القطاع الصناعي.

ولدور السوق الكبير في الاحتجاجات رمزية سياسية، لأن تجار المنطقة كانوا داعمين رئيسيين للثورة في 1979. وقال بعض التجار إنهم أغلقوا محالهم الأسبوع الماضي في إطار الاحتجاجات، في حين أشار آخرون إلى مخاوف بشأن سلامتهم.

وقال تاجر إيراني لوكالة «رويترز» أمس حول إعادة فتح السوق في طهران «العمل يمضي كالمعتاد اليوم (أمس). المتاجر مفتوحة ونخدم الزبائن. بالطبع نراقب أيضا أسعار الصرف لمعرفة ما سيحدث»، ورفض نشر اسمه بسبب الحساسية السياسية للتحدث مع وسائل الإعلام الأجنبية. وقال آخر «الشيء المهيمن على تفكير كل تاجر هو القلق من الغد. ما يقلقنا حقا هو عدم استقرار الأسعار حتى أكثر من ارتفاع قيمة الدولار. يحتاج التجار إلى أن يكون بمقدورهم التخطيط لأعمالهم وهذا شبه مستحيل في ظل عدم استقرار سعر العملة».

ونقلت وكالة أنباء «فارس» عن قاسم نوده فراهاني، رئيس رابطة الاتحادات الإسلامية للتجار، قوله إن كل أجزاء السوق ومحيطها استأنفت العمل في ظل حضور أمني للحيلولة دون أي تدخل من «دعاة الفوضى والمحرضين». وأضاف «لم يرغب التجار قط في إثارة الفوضى، وكانوا دائما أصدقاء للثورة ومتعاونين معها». ومع أن السوق الكبيرة فتحت أبوابها أمس فإن الصيارفة في طهران رفضوا تطبيق معدل مخفض لسعر صرف الدولار فرضته الحكومة في محاولة لوقف انهيار سعر صرف العملة الإيرانية. وقال صيرفي لوكالة الصحافة الفرنسية «تلقينا أمرا من جمعية الصيارفة (تحت رقابة البنك المركزي) بشراء الدولار بـ25 ألف ريال وبيعه مقابل 26 ألفا، لكن لا أحد يريد العمل بهذا المعدل، ونحن لا نقوم بأي تعاملات».

وفقد سعر صرف الريال قرابة 40 في المائة من قيمته في أسبوع أمام العملات الرئيسية الأخرى، فتراجع الأربعاء الماضي إلى نحو 36 ألف ريال للدولار الواحد، واضطر الصيارفة الرسميون والمتعاملون في السوق لإغلاق أبواب مكاتبهم طوال يومين، بعد اندلاع الاضطرابات.

ومن جهته، أعلن موقع جمعية الصيارفة معدل صرف للدولار مقابل 28 ألف ريال، لكن عددا من المواقع المتخصصة علق أمس أي تسعيرة للعملات الرئيسية.

وفي الشارع، كان بعض الصيارفة غير القانونيين يعرضون بيع الدولار مقابل 30 ألف ريال. ويبلغ المعدل المصرفي الرسمي للعملة الأميركية 12600 ريال، لكن هذا المعدل الثابت الذي لم يتغير منذ أشهر عدة مخصص لبعض الإدارات أو الشركات العاملة في القطاعات التي تعتبر أساسية بالنسبة إلى الاقتصاد الإيراني. ويتعين على الشركات الأخرى أو الأفراد شراء العملات من السوق المفتوحة.

وقال متعاملون في طهران ودبي، وهي مركز رئيسي للأعمال التجارية مع إيران، إنه لا توجد تداولات تذكر في السوق الحرة لأن الأسعار التي نشرتها وسائل الإعلام الرسمية غير مقبولة بوجه عام. ويحصل معظم الإيرانيين على العملة الصعبة من السوق الحرة لمزاولة الأعمال والسفر إلى الخارج ولحماية مدخراتهم من التضخم الذي يعتقد على نطاق واسع أنه يتجاوز 25 في المائة. وقال تاجر في طهران «يقولون لنا ألا نتصل حتى لمعرفة سعر العملة.. يقولون إنهم لا يعطون أسعارا».

ونشر موقع «مظنة» الإيراني لتتبع أسعار العملة رسالة تقول «للأسف ما زلنا عاجزين عن الوصول لأسعار السوق المحلية لنشرها». بينما أفاد موقع «صرافي جلالي» لتغيير العملات على الإنترنت «التزاما بسياسات البنك المركزي لجمهورية إيران الإسلامية وللمساعدة على تنظيم سوق الصرف في إيران فإن (صرافي جلالي) لن يعلن أي أسعار في الوقت الحالي. سيجري الإعلان عن سعر صرف جديد بعد الحصول على إذن البنك المركزي».

وتواجه إيران منذ أشهر عدة شحا متناميا في العملات، مما يحول دون تمكن البنك المركزي من دعم الريال في السوق المفتوحة، وذلك نتيجة العقوبات المصرفية والنفطية الغربية التي تشتد أكثر فأكثر بسبب البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل. وأثار انهيار سعر صرف الريال جدلا داخل النظام الإيراني، وذلك لأن عددا من المسؤولين يلقون مسؤولية ذلك على إدارة حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد التي دافعت عن نفسها وألقت بالمسؤولية على العقوبات الغربية ومؤسسات السلطة الأخرى مثل البرلمان خصوصا.