عقود تسليح عراقية ـ روسية قيمتها 4.2 مليار دولار.. والمالكي يبحث في موسكو شراكة جديدة

الصفقة تعوض روسيا عن خسائر فعلية في ليبيا وبعض ما قد تخسره في سوريا

رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف ونظيره العراقي نوري المالكي يتصافحان في مستهل لقائهما في موسكو أمس (أ.ب)
TT

أظهرت وثيقة نشرت خلال اجتماع أمس في موسكو، بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف، أن العراق وقع عقودا في الأشهر القليلة الماضية لشراء أسلحة من روسيا تزيد قيمتها على 4.2 مليار دولار.

وأبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معارضته الشفهية للغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، لكن موسكو سعت منذ ذلك الحين إلى إبرام صفقات في مجالي الطاقة والسلاح مع حكومة بغداد. وتعني العقود الجديدة أن العراق أصبح الآن من أكبر مشتري السلاح الروسي.

وحسب وكالة «رويترز»، جاء في الوثيقة أن العقود وقعت خلال زيارات لروسيا قام بها القائم بأعمال وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي في أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب), ولم تقدم تفاصيل تلك العقود. وقالت صحيفة «فيدوموستي» الروسية، أواخر الشهر الماضي، إنه تم الاتفاق على عقود قيمتها 4.3 مليار دولار قبل زيارة المالكي.

وذكرت أنها تتضمن شراء 30 طائرة هليكوبتر قتالية طراز إم آي - 28 إن آي، و42 منصة متحركة لإطلاق الصواريخ طراز بانتسير - إس1.

إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي نظيره الروسي إلى زيارة بغداد. وقال المالكي خلال لقائه ميدفيديف في مقر إقامة الأخير بضواحي موسكو أمس إن بلاده تولي اهتماما لتوطيد العلاقات مع روسيا. وذكرت قناة «روسيا اليوم» أن المالكي أعرب عن اعتقاده بأن زيارة ميدفيديف المرتقبة ستعطي «دافعا قويا لتطوير العلاقات الثنائية». بدوره، قال رئيس الوزراء الروسي إن موسكو تعتز بـ«صداقتها التقليدية» مع الشعب العراقي، مضيفا، حسب وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه «رغم الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها السنوات الأخيرة، نستمر في الاتصالات، وأنا واثق من أن هذا الأمر من شأنه الإسهام في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون والتفاهم بين روسيا والعراق».

وذكر المالكي أن زيارته الحالية إلى روسيا تعتبر «فرصة سانحة» لبحث سبل تطبيق الاتفاقيات القائمة بين البلدين ووضع الأطر العامة لتعزيز التعاون. وأكد المالكي أهمية التعاون بين روسيا والعراق للبحث عن حلول سلمية للأوضاع القائمة في الشرق الأوسط.

وتسعى روسيا لتوظيف زيارة المالكي، الأولى منذ 4 سنوات، إلى ترقية العلاقات بين البلدين إلى مستوى جديد، وتتطلع، إضافة إلى صفقة أسلحة كبيرة، للتوصل إلى توافق بشأن الأزمة السورية. وفي هذا السياق ترغب روسيا في إيصال رسالتها بأنها تعارض بقوة التدخل الخارجي في سوريا، وهو ما أثار استياء حلفاء موسكو الغربيين.

وكان المالكي أكد في خطاب ألقاه في مقر الضيافة في وزارة الخارجية الروسية عند وصوله، أول من أمس: «نحن لا ندعم المعارضة السورية ولا الحكومة في دمشق». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «نحن ضد التدخل العسكري في سوريا. سيكون هناك خطر، إذا حصل ذلك، بأن تتوسع الأزمة إلى كل المنطقة».

ويدعو العراق إلى حل الأزمة السورية عبر الحوار، وسبق أن طرح مبادرة تقوم على إجراء انتخابات جديدة وتشكيل حكومة انتقالية. كما ترفض بغداد تسليح طرفي النزاع في سوريا.

ومحادثات المالكي في روسيا ستشكل فرصة أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإقامة شراكة جديدة مع العراق، وتنشيط العلاقات التي تضررت منذ الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين في عام 2003. وأصبحت الولايات المتحدة أبرز طرف في العراق الذي نسج بدوره علاقة جديدة مع إيران. لكن المالكي يعتزم أيضا اغتنام زيارته لكي يخفف من اعتماد العراق على الأسلحة الأميركية. وقال المالكي: «فيما يتعلق بسياساتنا لشراء الأسلحة، لا نطلب نصيحة أحد».

وأضاف: «لدينا علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وإيران. لا نريد أن نكون محاطين بنزاعات دائمة. نحن نشتري الأسلحة على أساس احتياجاتنا».

وكان رئيس الوزراء العراقي المدعوم من واشنطن وطهران، الذي يحكم البلاد منذ 2006، قال في مقابلة تلفزيونية مؤخرا إن هذه الزيارة تهدف إلى «إحياء العلاقات مع روسيا الاتحادية وتطويرها في المجالات الاقتصادية والتجارية» والعسكرية.

وتعطي الصفقات روسيا دفعة قوية في وقت يحيط فيه الغموض بمبيعاتها المستقبلية من السلاح لليبيا وسوريا.

وكان العراق منطقة مغلقة أمام صناعة الدفاع الروسية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 وأطاح بالرئيس الراحل صدام حسين أحد أكبر مشتري السلاح الروسي. وقال رسلان بوخوف مدير مركز كاست للدراسات الأمنية والدفاعية الروسي «بعد سقوط صدام حسين بدا أننا فقدنا البلد إلى الأبد» كمشتر للسلاح الروسي. وأضاف أن هذه العقود ستساعد روسيا في الحفاظ على مكانتها كثاني أكبر بائع للسلاح في العالم بعد الولايات المتحدة. وقال مركز كاست إن العقود تمثل ثالث أكبر صفقة لبيع سلاح روسي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991 بعد صفقة قيمتها 5.‏7 مليار دولار مع الجزائر عام 2006 وأخرى بقيمة ستة مليارات دولار مع فنزويلا في 2009.

وقال بوخوف إن الاتفاق العراقي يظهر أن حكومة العراق «مستعدة لتبني سياسة خارجية ودفاعية مستقلة» لكن ربما أيدتهم الولايات المتحدة ضمنا لاسترضاء روسيا التي ألغت اتفاقا لبيع أنظمة دفاع جوي لإيران محتجة بعقوبات الأمم المتحدة بشأن برنامج إيران النووي. وقال مسؤولون روس أيضا إن روسيا خسرت اتفاقات لبيع أسلحة بقيمة نحو أربعة مليارات دولار مع ليبيا بسبب سقوط العقيد الراحل معمر القذافي كما أن مستقبل مبيعات السلاح الروسي لسوريا بات غامضا بسبب الصراع هناك.

وإضافة إلى بحث عقود التسليح، يرافق المالكي وزيرا النفط والتجارة لبحث استثمارات جديدة في مجال النفط. وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت وزارة النفط العراقية توقيع عقد «مبدئي» مع ائتلاف شركتي «لوك أويل» الروسية و«انبكس» اليابانية، لاستثمار رقعة استكشافية للنفط ضمن محافظتي المثنى وذي قار جنوب البلاد.

ووقعت لوك أويل في يناير (كانون الثاني) 2010، في بغداد عقدا نهائيا لاستثمار حقل القرنة الغربي 2 النفطي في جنوب العراق، بينما فاز ائتلاف بقيادة شركة «غازبروم» الروسية بعقد لتطوير حقل بدرة النفطي وسط العراق، في ديسمبر (كانون الأول) 2009.