العربي بحث مع الإبراهيمي الأفكار المطروحة لحل الأزمة

بن حلي لـ «الشرق الأوسط»: «هدنة العيد» مرهونة بموافقة دمشق.. ودبلوماسيون: من غير الواضح مدى واقعية الفكرة

وزير الخارجية المصري أثناء لقائه الأخضر الأبراهيمي وناصر القدوة أمس (أ.ب)
TT

قال نائب الأمين العام للجامعة العربية، السفير أحمد بن حلي، إن هدنة العيد التي طرحها الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الأممي - العربي المشترك لحل الأزمة في سوريا، يجب أن تكون فرصة يتمسك بها الجميع لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، مشيرا إلى أن تطبيق مقترح الإبراهيمي الأخير مرهون بموافقة دمشق، ومشددا على أن جامعة الدول العربية ترفض استمرار تدمير سوريا وضياع ميراثها الحضاري والثقافي.

وقال بن حلي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن الإبراهيمي عرض على الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، في لقاء جمعهما أمس بالقاهرة، آخر تطورات الوضع في سوريا، خاصة بعد اللقاءات الإقليمية التي قام بها، وكذلك حول رؤيته التي وصل إليها وكيفية البداية التي أعلنها في «هدنة العيد».

وقال بن حلي إن اللقاء تم في منزل الأمين العام مساء أمس بدلا من صباح اليوم (الأربعاء) حيث يغادر الإبراهيمي القاهرة، وردا على تساؤل حول إمكانية الحل في سوريا قبل الانتخابات الأميركية، قال بن حلي إنه يرفض الربط بين الأمرين، وأضاف قائلا: «المهم هو مدى وجود فرص لنجاح الهدنة والالتزام بها»، موضحا أن «كل طرف يتحدث بشكل متشدد دون مرونة في الحل».

وأشار بن حلي إلى أن هناك ترحيبا عربيا واسعا بمقترح الإبراهيمي، مشددا على أن وقف العنف بين الأطراف السورية سيخلق مناخا جديدا، ولا بد أن يلقى هذا المقترح استجابة من كافة الأطراف، وأوضح بن حلي أن وفودا من الجامعة العربية ستتوجه إلى الأردن ثم تركيا للاطلاع على أوضاع اللاجئين السوريين هناك والوقوف على احتياجاتهم هناك.

وفي غضون ذلك، قالت مصادر دبلوماسية مطلعة على مقترحات الإبراهيمي لوكالة رويترز، طالبة عدم نشر أسمائها، إنه لا حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ولا المعارضة المنقسمة أظهرت أدنى تحركات لوقف النزاع، مضيفة أنه ليس هناك دليل على اهتمام الدول التي عرض عليها الإبراهيمي أفكاره بتلك المقترحات.

وقالت المصادر: «طالما مجلس الأمن لا يزال في مأزق بسبب حماية روسيا والصين للأسد، فإنه من الصعب أن نتخيل توقف الأسد ما لم تهزم المعارضة جيشه؛ وهو ما لن يحدث في أي وقت قريب». بينما قال دبلوماسي غربي: «الفكرة هي أن وقف إطلاق النار هذا قد يفتح الباب إلى شيء أكثر استدامة»، وأضاف: «لكن من غير الواضح مدى واقعية هذه الفكرة. أنان حاول وفشل أن يفعل الشيء نفسه».

وقال دبلوماسيون إذا كان هناك وقف لإطلاق النار أكثر استدامة، فإن إدارة عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أوضحت للإبراهيمي أنه يمكنها «نظريا» توفير قوة تعدادها 3 آلاف من المراقبين، للفصل بين الأطراف المتحاربة لضمان عدم استئناف القتال. وأشار مصدر دبلوماسي إلى أن الإبراهيمي أبلغ الأطراف الرئيسية للصراع بأن «مثل هذه الخطة ممكنة من الناحية النظرية»، مضيفا أن «خطط الطوارئ هي نظرية بحتة.. ولم تتعهد الدول الغربية بتوفير القوات لذلك».

من جانبه، رحب رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، أمس، بدعوة الإبراهيمي إلى وقف إطلاق النار في سوريا بمناسبة عيد الأضحى الذي يصادف في 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وقال عبد الباسط سيدا لوكالة الصحافة الفرنسية في الدوحة، حيث عقدت اجتماعات الأمانة العامة للمجلس على مدى يومين: «نرحب بأي وقف للقتل، ونعتقد أن الدعوة موجهة بالدرجة الأولى إلى النظام الذي يقوم بقصف المدن والبلدات السورية».

وبالنسبة للجيش السوري الحر المعارض استطرد سيدا قائلا: «إنه يقوم بعمل دفاعي، وحين تتوقف آلة حرب النظام فمن الطبيعي أن يتوقف رد الجيش الحر».

من جانبه أوضح العربي خلال مشاركته في قمة الحوار العربي الآسيوي أمس أن الأزمة السورية بلغت حدا لا يطاق من العنف والقتل والدمار والمأساة الإنسانية بكل أشكالها، مما يحتم على المجتمع الدولي تنسيق الجهود وتجاوز الخلافات من أجل الوصول إلى حل سلمي يحفظ وحدة وسيادة واستقرار سوريا.

من جهة أخرى، التقى الأخضر الإبراهيمي وزير الخارجية المصرية محمد كامل عمرو أمس، الذي أكد من جانبه دعم مصر التام لمهمة الإبراهيمي.

وقال الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية إن المقابلة شهدت استعراضا لآخر التطورات الميدانية على الأرض، والجهود الإقليمية والدولية الجارية لوقف نزف الدم في سوريا، حيث أكد محمد عمرو على استمرار مشاركة مصر بفعالية في جميع تلك الجهود انطلاقا من حرصها على الشعب السوري، وإيمانها بضرورة استعادة السلم والأمن في سوريا الشقيقة، مشددا في الوقت ذاته على الموقف المصري الثابت المؤكد على حتمية الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وسيادتها الإقليمية، كما أشار عمرو إلى ما تبذله مصر من جهد لحث المعارضة السورية على توحيد صفوفها وتقديم رؤية موحدة للعالم الخارجي بشأن مستقبل سوريا.

وأضاف المتحدث باسم الخارجية أن الوزير محمد عمرو اتفق مع الإبراهيمي على إقامة قنوات دائمة للحوار والتشاور بينهما بشأن جميع المستجدات على الساحة السورية.

من جهتها، أعلنت دمشق الثلاثاء استعدادها للبحث في طرح وقف إطلاق النار الذي دعا إليه الإبراهيمي لمناسبة عيد الأضحى بنهاية الأسبوع المقبل، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن أي مبادرة «تتطلب تجاوب الطرفين» لتنجح.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي ردا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية إن «نجاح أي مبادرة يتطلب تجاوب الطرفين. الجانب السوري مستعد للبحث في هذا الطرح ونتطلع إلى لقاء السيد الإبراهيمي لنرى ما موقف الدول النافذة الأخرى التي أجرى محادثات فيها خلال جولته».

ويأتي ذلك في الوقت الذي وجهت فيه وزارة الخارجية المصرية، أمس مذكرة عاجلة إلى السلطات السورية للاستفسار عن ملابسات مقتل ثلاثة مصريين في حلب وحمص، وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير عمرو رشدي، في بيان صحافي له أمس، إن السفارة المصرية تقدمت بمذكرة للاستفسار إلى المستشار علاء عبد العزيز، القائم بالأعمال المصري في دمشق، وطلبت التحري عن المصريين الثلاثة والتدقيق فيما ورد بشأنهم من معلومات؛ حيث قالت السلطات السورية إنهم قتلوا خلال مشاركتهم في القتال ضد النظام، واتهمت أحدهم بتزعم مجموعة مسلحة في ريف حلب وفقا لما نقلته وكالة «الأناضول» للأنباء.