الأطراف السورية غير جاهزة لبدء «رحلة البحث عن حل» للأزمة

مراقبون: الرهان على «الحل العسكري» يسقط إمكانية الهدنة

TT

قد لا تكون كرة ثلج «الترحيب» بوقف لإطلاق النار في سوريا بمناسبة عيد الأضحى المبارك دليلا كافيا على إمكانية تحقيق هذه الأمنية التي يحلم الأخضر الإبراهيمي، المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، بها مدخلا إلى هدنة طويلة؛ فحل سياسي.

فالوقائع على الأرض لا تؤشر إطلاقا إلى إمكانية التزام الطرفين بوقف النار، ولا بمبدأ الحل السياسي، إلا وفق منظورهما لهذا الحل، الذي يعني من وجهة نظر المعارضة تسليم الرئيس السوري بشار الأسد بضرورة رحيله عن السلطة والتفاوض مع المعارضة على هذه الآلية، أما من وجهة نظر النظام فيتوجب على «الجماعات المسلحة» و«التنظيمات الإرهابية» حمل متاعها وعتادها ومغادرة الأراضي السورية عائدة إما إلى بلادها، وإما إلى الدول التي تمولها، وتترك الشعب السوري بسلام ليقرر مصيره.

ولعل تجربة وقف النار الذي توصل إليه المبعوث السابق كوفي أنان أوضح مؤشر على المسار الذي ستسلكه «هدنة الإبراهيمي»، حيث اشترط الطرفان التزام الطرف الآخر بها، ثم تهاوت شيئا فشيئا تحت وقع الرصاص الذي أطلق على المتظاهرين، فكيف ستكون الحال مع معارضين مسلحين؟ وهو ما تحول إليه معظم المعارضين السوريين نتيجة إصرار النظام على «الحل الأمني»، وذهبت خطة النقاط الست أدراج الرياح.

ورغم هذه الموافقة فإن موقف الحكومة السورية والمعارضة – معا - لا يبدو مشجعا. فالنظام يرى في أي هدنة «فرصة لتزويد الجماعات المسلحة بالعتاد والرجال..»، فيما ترى فيه المعارضة فرصة لهذا النظام لإعادة ترتيب صفوفه التي تضعضعت بفعل ضرباتها والانشقاقات الحاصلة.

ولا يتوقع المراقبون نتائج باهرة لمهمة الإبراهيمي الذي يحل غدا في دمشق متسلحا بموافقة حلفاء دمشق وخصومها على وقف لإطلاق النار في البلاد التي تشلها حرب ضروس بين النظام ومعارضيه. فالنظام، منذ لحظة إعلانه عن إمكانية تفاوضه على وقف النار، بدأ حملة شرسة تستهدف تطويع المناطق الحدودية القريبة من لبنان، و«تنظيف» دمشق وريفها، محاولا حصر قتاله مع المعارضين في خط نار يمتد على طول الحدود التركية وتحويلها إلى حرب نظامية تكون له فيها الأفضلية باعتباره يمتلك جيشا منظما قادرا على حسم هكذا مواجهات، بدلا من استنزافه في معظم المناطق السورية كما هو حاصل الآن.

ويشكك مدير مركز كارنيغي الشرق الأوسط، بول سالم، في قدرة وقف إطلاق النار المقترح على التأسيس لهدوء طويل المدى. ويقول «من الممكن أن يطبق وقف إطلاق النار لفترة مؤقتة، لكنه لا يحظى بالكثير من الأهمية الاستراتيجية والزمنية»، مشككا في قدرة الهدنة «على إطلاق عملية سياسية، لأن سياقها ليس قائما في سوريا أو على المستوى الدولي».

ويعتبر سالم أن الإبراهيمي يحاول تكرار تجربة سلفه كوفي أنان «من خلال وقف لإطلاق النار تليه مقاربة سياسية. لكنه يواجه الصعوبات نفسها، ويمكن القول إن الوضع حاليا بات أصعب».