بعد نحو أربعة أشهر على تولي الرئيس الإسلامي محمد مرسي الحكم في مصر عاد شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» الذي رفعه المصريون في 25 يناير من العام الماضي إلى قلب ميدان التحرير، حيث تظاهر أمس الآلاف من أنصار الدولة المدنية تحت شعار «مصر مش عزبة.. مصر لكل المصريين»، احتجاجا على مشروع الدستور الجديد، الذي تعكف على كتابته جمعية من مائة عضو أغلبيتهم من تيار الإسلام السياسي.
ويعتقد مراقبون أن مظاهرات أمس عكست تنامي الغضب ضد ما وصفوه بسعي جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس الجديد (مرسي)، إلى الهيمنة على مفاصل الدولة، لكنها عكست أيضا بحسب المراقبين عدم قدرة قوى المعارضة على توحيد صفوفها، حيث وقعت مناوشات بين القوى اليسارية وأنصار حزب المؤتمر الذي يتزعمه عمرو موسى المرشح الرئاسي السابق.
وشهدت الأسبوع الماضي اشتباكات دامية بين أنصار جماعة الإخوان وأنصار الدولة المدنية خلال جمعة «كشف الحساب» التي استهدفت حساب الرئيس مرسي على وعوده الانتخابية خلال المائة يوم الأولى من ولايته.
ورفع ألوف المتظاهرين الذين خرجوا في مسيرات حاشدة من عدة مناطق بالعاصمة المصرية شعارات مناهضة للجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، كما رفعوا شعارات تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية، ورفعوا لافتات مكتوبا عليها «يسقط يسقط حكم المرشد.. تسقط تأسيسية الإخوان.. بيع بيع بيع الثورة يا بديع (في إشارة للدكتور محمد بديع مرشد جماعة الإخوان)»، كما هتف المتظاهرون: «وحياة دمك يا شهيد ثورة تاني من جديد، افرح افرح يا مبارك (الرئيس السابق) مرسي بيكمل مشوارك»، كما حملوا الأعلام المصرية، وأعلام التيار الشعبي وحزب الدستور، وحركة شباب 6 أبريل.
وقالت تقارير حقوقية إنه خلال الأشهر الماضية تم مصادرة صحيفة، وإغلاق محطة تلفزيونية، ومنع نشر مقالات لكتاب في صحف مملوكة للدولة، وتم التحقيق مع عدد من الإعلاميين، وإقالة رئيس تحرير صحيفة قومية، كما تم تفريق عدة مظاهرات فئوية باستخدام القوة.
وعلى الصعيد الاقتصادي، بدأت حكومة الدكتور هشام قنديل في اتخاذ إجراءات تقشفية، كما أعلنت عن مشروع لخفض الدعم الموجه للطاقة، وهو ما قد يتسبب في موجة غلاء، كما تسعى الحكومة إلى تطبيق قرار إغلاق المحال التجارية في العاشرة مساء، وهو القرار الذي يواجه انتقادات حادة.
وخرجت عدة مسيرات من مساجد بمحافظتي القاهرة والجيزة، وبدا لافتا الحضور القوي لأنصار حزب الدستور بقيادة الدكتور محمد البرادعي، الذي يعتبره شباب الثورة الأب الروحي لتحركهم في 25 يناير، والتيار الشعبي بقيادة المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي. وتأسس حزب الدستور قبل نحو شهرين فقط، كما تم الإعلان عن تدشين التيار الشعبي قبل نحو شهر.
ودعا حزب الدستور المتظاهرين المشاركين في المسيرات إلى الالتزام بالروح السلمية للثورة، وعدم الانسياق وراء أي استفزازات من شأنها تعكير صفو المظاهرات والاحتجاجات.
وأضاف الحزب في بيان أصدره أمس أنه يرحب بمشاركة القوى الثورية دون استثناء في المظاهرات، محملا وزارة الداخلية مسؤولية تأمينها، معربا عن تمسكه بحق المواطنين في التظاهر السلمي والتعبير عن رأيهم بكل الوسائل القانونية.
وتوجهت مسيرات غاضبة لمقر مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان)، الذي يستضيف أعمال الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور، وهتف المشاركون في المسيرة بسقوط الجمعية، ومشروع الدستور الذي أعلنت عنه قبل أسبوع.
وكان حزب الدستور والتيار الشعبي طالبا بمقاطعة أعمال الجمعية التي تواجه دعوى قضائية لحلها. وتفصل محكمة القضاء الإداري في مصير الجمعية، وهي الثانية من نوعها، الثلاثاء القادم.
وكان القضاء قد حكم ببطلان التشكيل الأول للجمعية بسبب وجود أعضاء البرلمان في عضويتها، وهو ما تكرر في التشكيل الثاني أيضا، قبل أن يتقدم البرلمانيون المنتخبون في الجمعية باستقالتهم منها.
ورفض متظاهرون غاضبون مشاركة القيادي الليبرالي أيمن نور عضو الجمعية التأسيسية، أمين عام حزب المؤتمر في مظاهرات أمس، وهو ما يعكس بحسب مراقبين، غضب قوى سياسية مدنية من استمرار مشاركة القيادات الليبرالية في أعمال تأسيسية الدستور.