تل أبيب تشيد بدور مصر في إقناع حماس بالتهدئة وتؤكد أنها مؤقتة

إسرائيل وحماس غير معنيتين بالحرب وواشنطن مستميتة لمنعها

كاترين اشتون مع سلام فياض في موقع هاجمه مستوطنون ودمروا اشجار الزيتون فيه (أ.ف.ب)
TT

أشاد مسؤولون إسرائيليون بالدور المصري في إقناع قادة حركة حماس بتحقيق التهدئة في قطاع غزة. وقال رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، عاموس جلعاد، إن «المصريين يمتلكون قدرة مثيرة للإعجاب، على التوضيح (لحماس) أن مصلحتها الأساسية ليست في الهجوم واستخدام (الإرهاب) ضد إسرائيل أو أهداف أخرى». لكن هؤلاء المسؤولين حرصوا على التأكيد على أن التهدئة الحالية ستكون مؤقتة، وأن جولة أو جولات جديدة ستشهدها المنطقة، «تحتم على إسرائيل أن تعمل على اقتلاع ظاهرة إطلاق الصواريخ باتجاه بلداتها الجنوبية، كما فعلت مع حزب الله في لبنان».

وأكدت مصادر فلسطينية أن وساطة مصرية أدت إلى التهدئة المتبادلة غير المعلنة بين حماس وإسرائيل. وقالت المصادر إن جهاز المخابرات العامة المصري أجرى بعد ظهر أول من أمس اتصالات مكثفة مع كل من إسرائيل وحماس، لإقناع الطرفين بوقف التصعيد الجاري. وباستثناء قذيفة واحدة أطلقت من قطاع غزة صوب منطقة النقب حسب الإسرائيليين، لم يتم إطلاق أي صاروخ باتجاه إسرائيل، في الوقت الذي توقف فيه الجيش الإسرائيلي عن شن غاراته الجوية على أهداف للمقاومة في أرجاء قطاع غزة. لكن التهدئة لم تمنع طائرات الاستطلاع الإسرائيلية من التحليق في أجواء القطاع.

ورفض نائب رئيس الوزراء وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، أن تكون التهدئة هي عبارة عن اتفاق بين إسرائيل وحماس. وادعى أن «الضربات الإسرائيلية الموجعة لحماس والتهديدات الإسرائيلية الجادة بتوسيع العمليات ضد قطاع غزة وقادة الحركة، جعلتهم يلجأون إلى مصر حتى تسارع في إبلاغ إسرائيل بأنهم معنيون بالتهدئة». وقال يعلون، الذي كان يتحدث للإذاعة الإسرائيلية، ظهر أمس، إن «هناك علاقات جيدة بين إسرائيل ومصر تتيح التوصل إلى تفاهمات سريعة». وعاد ليؤكد أن إسرائيل أبلغت مصر بأنها لن توافق على أي تعديل في معاهدة السلام، و«لكننا مستعدون للتجاوب مع كل طلب مصري لزيادة قواتها في سيناء بشكل مؤقت لمعالجة الأمن ومكافحة الإرهاب».

وأشاد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم بالدور الذي يقوم به الرئيس المصري محمد مرسي واصفا إياه بأنه «أقسى على حركة حماس من النظام السابق في مصر» برئاسة محمد حسني مبارك. وفي مقابلة مع إذاعة «صوت إسرائيل» باللغة العبرية قال شالوم: «من الجيد لنا أن نعلم أن القيادة الحالية في مصر تتعامل مع حماس بقسوة»، في إشارة إلى قيام السلطات المصرية بهدم الأنفاق بين سيناء وغزة. وأضاف: «مصر تدمر الأنفاق واحدا تلو الآخر. هذا يحد من التحركات والتهريب ودخول الإرهابيين عبر الأراضي المصرية. باستطاعتي أن أقول إن تصرف مصر تجاه حماس وغزة الآن أقسى بكثير مما كان أثناء حكم النظام السابق. حماس وجدت نفسها في موقف مخالف لتوقعاتها». وشدد شالوم على أن «التعاون العسكري بين إسرائيل ومصر ممتاز، ويستمر كالمعتاد».

وكان مسؤول عسكري إسرائيلي قد قال لمراسل «القناة العاشرة» المستقلة في إسرائيل، إن «رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية أمر بوقف إطلاق النار ضد إسرائيل من أجل إعادة تثبيت التهدئة وتوفير الأجواء للاحتفال بعيد الأضحى. ولكن إسرائيل تعرف أن هنية لا يحكم على الجناح العسكري لحماس وإنما (أحمد) الجعبري هو القائد الفعلي. ومع ذلك لا يعرف ما إذا كانت الفصائل والقوى الأخرى تقبل الالتزام، ولا سيما بعد 8 خسائر في الأرواح وبالذات لجان المقاومة الشعبية»، على حد قول «القناة العاشرة».

وقال معلق الشؤون العسكرية في «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، الذي شغل في الماضي منصب الناطق بلسان الجيش، إن «تزامن الانتخابات في إسرائيل وكذلك في حماس وفي الولايات المتحدة يمنع نشوب حرب حاليا، وبالتأكيد ليس عشية عيد الأضحى». وقال إن موجة التهديدات الإسرائيلية باجتياح قطاع غزة كانت مجرد دعاية انتخابية لا أكثر، وفي هذا الإطار تساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: «هل سيكون هناك حرب لأسباب انتخابية؟»، وردت بالنفي، مؤكدة أن الإدارة الأميركية وقيادة جيوشها التي تشارك إسرائيل حاليا في تدريبات مشتركة «مستميتة لمنع اندلاع مثل هذه المواجهات على عتبة الانتخابات الأميركية» (التي ستجري بعد عشرة أيام)، وأن واشنطن في حال نشوب حرب «ستأمر خلال ساعات بخروج القوات الأميركية من إسرائيل لمنع تل أبيب من مجرد التفكير بالأمر».

وكان سياسيون وعسكريون في التلفزيون الإسرائيلي قد كشفوا الليلة قبل الماضية عن عدم جدوى تهديدات إسرائيل بعملية واسعة انتقامية ضد غزة، «لأن الأمر سيكون في غاية التعقيد وليس هينا، ولا سيما أن فصائل المقاومة تطلق صواريخها من وسط بيوت السكان، وأن تلفزيون إسرائيل قام بتصوير إطلاق صاروخ من وسط منازل بيت حانون»، كما قال أوري سشاغي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأسبق. وأضاف أن كل هذه التهديدات على غزة لن تسفر عن مواجهة شاملة لأن الظروف لا تسمح بذلك، ولا سيما أن الإدارة الأميركية غير معنية بوقوع حرب في الشرق الأوسط بالتزامن مع انتخاباتها القائمة والتي وصلت إلى ذروة التنافس بين الرئيس باراك أوباما ومنافسه ميت رومني.

وقالت «القناة الثانية» بالتلفزيون الإسرائيلي، وهي أيضا تجارية مستقلة: «أي مواجهة قادمة ستسفر عن سقوط مئات الصواريخ فوق المدن الكبيرة مثل عسقلان وأسدود ونتيفوت وحتى تل أبيب، وأن المستوى السياسي في إسرائيل وعلى رأسه بنيامين نتنياهو لن يجرؤ على التسبب بذلك في فترة الانتخابات الراهنة، وأن السقف الأعلى للمواجهة الراهنة هو الاغتيالات فقط، وأن تهديدات وزير الدفاع إيهود باراك من الصعب تنفيذها».

وكان المحرر العسكري في «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، المعروف بعلاقاته الوطيدة مع الجيش، قد كتب قائلا إن «القيادة السياسية لحماس في غزة تعبر منذ أسابيع عن خيبة أمل وغضب عظيمين من ذراعها العسكرية غير القادرة على صد نشاط المنظمات السلفية الموجه على إسرائيل. وفي المقابل فإن وضعا أمنيا مضعضعا في إسرائيل قد يؤثر في نتائج الانتخابات، وقد حدث مثل ذلك في الماضي. ومن الطبيعي أن تكون حساسية المستوى السياسي في إسرائيل وعصبيته عاليتين عشية الانتخابات».

وقال إن عمليات التفجير التي تقع على الحدود بين إسرائيل وغزة هي من صنع المنظمات السلفية في غزة المرتبطة بتنظيمات «القاعدة» والجهاد العالمي.. فهي تزرع الألغام على الجدار وتطلق صواريخ مرتجلة أو صواريخ «قسام» سرقها رجالها من مخازن الجهاد الإسلامي أو حماس، وذلك إلى جانب النشاط من الحدود المصرية. وفي إسرائيل يدركون أن حماس «لأسباب لا نقبلها»، كما يقولون، غير قادرة على مواجهة السلفيين. ولهذا وبسبب عجز قادة حماس، فإن «الشاباك» والجيش الإسرائيلي يجعلانهم أهدافا للتصفية المركزة. بيد أن لحماس نقطة ضعف قديمة - جديدة، وهي المدنيون في القطاع.