مرجعية السيستاني تتهم الحكومة العراقية بالعمل بالشعارات وتنتقد غياب التفكير في بناء الدولة

قيادي في دولة القانون لـ «الشرق الأوسط»: لسنا وحدنا مسؤولين عن الإصلاح

TT

انتقدت المرجعية الشيعية العليا في مدينة النجف بحدة الطبقة السياسية العراقية. وقال أحمد الصافي معتمد المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني خلال خطبة الجمعة أمس في كربلاء أن «بناء المؤسسات لا يأتي بالشعارات». وأضاف الصافي أن «بناء البلد يحتاج إلى مقومات كثيرة حتى يكون متناميا، وأن من جملة مقوماته هو المال والثروات وهذا المقدار لوحده غير كاف ولا بد أن يرفده شيء آخر وهو التفكير الجدي في بناء الدولة». وأشار إلى أن «كل دولة تحتوي على مؤسسات يراد بها النهوض بمشروع الدولة والآليات التي تنفذها الدولة من خلال المؤسسات وهي الحالة الإدارية العليا التي تثبت عليها أركان الدولة»، لافتا إلى أنه «في بعض الحالات يكون الجانب المؤسساتي في ذهن المسؤول مفقودا». وتابع أن «مرحلة ما قبل 2003 كان التعامل مع الجانب التعليمي متأخرا لأن النظام في تلك الفترة لا يتعامل مع بناء البلد بل لأمور خاصة، وعندما نأتي إلى منظومة الطرق نجدها متأخرة في مدن دون أخرى بسبب أن هناك اعتبارات خاصة للنظام السابق مما أثر على بناها التحتية». وبين الصافي «وبعد عام 2003 توجد هناك نظرة لبناء البلد لكن الواقع على الأرض في الكثير من الحالات ليس هناك بناء المؤسسات وإنما علاقات شخصية تطغى في عملية البناء». ولفت إلى أن «البناء المؤسساتي لا يأتي بالشعارات، وأن العمل المؤسساتي يجب أن يحترم القانون بعد أن أخذ درجاته القطعية ولا ننسف تماما النظرة التي تريد أن تعمل لكن المحاباة تدخل على هذا الخط». وأوضح الصافي أن «الجهة المتضررة من المجتمع هم الفقراء.. فماذا صنعنا مؤسساتيا لهذا الفقير؟» مؤكدا أنه «عندما نؤسس لشيء يجب أن نكون جديين وواقعيين، وأن العمل المؤسساتي يبدأ من المسؤول».

وكشف خطيب جمعة كربلاء عن أن «أحد المسؤولين أخر طائرة تقل 150 حاجا لمدة خمس ساعات لكي تلتحق زوجته بالطائرة بعد تأخرها في الدوام الرسمي»، مبينا أن «العمل المؤسساتي يجب أن يخضع إلى موازين أبرزها احترام القانون، وإن أردنا للبلد الخير ينبغي أن لا يعمل المسؤول وفق مصالحه الشخصية». ويذكر أن هذا هو الانتقاد الثالث من نوعه خلال خطب الجمعة في الآونة الأخيرة مما يعني أن العلاقة بين الطبقة السياسية والمرجعية الدينية وصلت إلى أدنى مستوياتها. وكان المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني قد قرر غلق أبوابه أمام كبار المسؤولين العراقيين منذ تشكيل الحكومة الحالية أواخر عام 2010 احتجاجا على السلوك السياسي لكبار القادة والمسؤولين خصوصا لجهة الامتيازات وتراكم الفساد المالي والإداري.

ويأتي انتقاد المرجعية الشيعية، وهو ليس الأول، في وقت تنتظر فيه الكتل السياسية الاجتماع المقرر هذا الأسبوع للرئاسات الثلاث والذي كان مقررا عقده قبيل استئناف البرلمان العراقي جلساته الثلاثاء المقبل طبقا لما أعلنه لـ«الشرق الأوسط» عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني حسن جهاد فإن الزيارة التي بدأها إلى تونس رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي على رأس وفد برلماني سيترتب عليها تأخير موعد هذا الاجتماع الذي من المتوقع أن يطالب فيه الرئيس العراقي جلال الطالباني تفويضا واضحا من السلطتين التشريعية والتنفيذية للقيام بمهامه في إطار ما يلتزمان به على صعيدي التشريع والتنفيذ. من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون شاكر الدراجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس أن «لجنة الإصلاح التي كلفها التحالف الوطني بإعداد الورقة الخاصة بالإصلاح سوف تبدأ حواراتها مع الكتل السياسية الأخرى نهاية هذا الأسبوع على أمل بلورة رؤية موحدة حيال القضايا العالقة». وأضاف الدراجي أن «ورقة الإصلاح تتضمن بنودا كثيرة هي نصوص اتفاقية أربيل الأولى والثانية ولقاء النجف ومبادرة رئيس الجمهورية إضافة إلى الأفكار والرؤى التي حددها التحالف الوطني كأساس للنقاش» معتبرا أن «هناك قضايا تبدو الآن أقرب إلى الحل وهي مجموعة القوانين العالقة في البرلمان والتي تحتاج فقط إما إلى توافق سياسي أو لمسات مثل قانون العفو العام والبنى التحتية والمحكمة الاتحادية». وردا على سؤال بشأن مدى استجابة الكتل الأخرى لمفاهيم الإصلاح قال الدراجي إن «هناك مفهوما خاطئا للإصلاح وكأنه مرتبط فقط بالتحالف الوطني بينما الحكومة هي حكومة شراكة وطنية كما البرلمان ممثل بكتل برلمانية كبيرة ولها ثقلها وبالتالي فإن الإصلاح هو مسؤولية الجميع ومهمتهم أيضا».