وزير الداخلية التونسي: لا مهادنة للمجموعات المتشددة.. وما زلنا بحاجة للجيش

علي العريض في حوار مع «الشرق الأوسط» : هناك أطراف تريد إرباك الحكومة وإرهاقها قبل الانتخابات

وزير الداخلية التونسي علي العريض
TT

أكد وزير الداخلية التونسي علي العريض أن لوزارة الداخلية التونسية خططا، وأنها بصدد التصدي للمجموعات العنيفة سواء باسم الدين، أو المجموعات الإجرامية التي انتعشت أو استفادت من الحرية، وقال في حوار لـ«الشرق الأوسط»: «لا مهادنة مع هذه المجموعات (المتشددة)، ولن نتوقف إلا يوم أن تصبح هذه المجموعات إما موقوفة أو محترمة للمواطن التونسي، ولكن دائما في إطار احترام القانون».

كما أشار إلى دور المتورطين في الفساد في عرقلة عمل الحكومة وقال: «كلما تقدمنا خطوة في محاصرة الفساد كان هناك من يرد الفعل بأشكال مختلفة، ومنها تحريض الآخرين على التحرك، وترد إلينا معلومات عن بعض الناس الذين قد يفرقون أموالا على المتظاهرين ليواصلوا تظاهرهم، وعلى بعض المعتصمين وقطاع الطرق». وحول الإعلام، قال الوزير: «جزء من الإعلام مسيس جدا ويتخذ موقفا معارضا جدا للحكومة وللوزارة، وتحركه أطراف وأشخاص ينتمون للسياسة، وهذا جزء من الإعلام فقط وهذا الجزء هو أحيانا الذي يبالغ، وبالخصوص لا يركز إلا على الأشياء السلبية، أما المنجزات والأشياء الجيدة ومظاهر العمل والفرح والتقدم والتحسن يغيبها تماما». وحول تمديد حالة الطوارئ في تونس لثلاثة أشهر أخرى، قال العريض: «في الصيف كدنا نرفع حالة الطوارئ تماما، مما يعني أن ينسحب الجيش ويعود إلى ثكناته، لكن قدرنا أن الظرف ما زال يحتاج إلى ذلك، باعتبار هذه المجموعات (المتشددة) وباعتبار التجاذبات بين الأحزاب» «الشرق الأوسط» أجرت حوارا مع وزير الداخلية التونسي علي العريض عبر الهاتف من لندن.. إليكم نصه:

* الوضع الأمني اليوم كيف تقيمونه عموما في تونس؟

- عموما يتقدم منذ أشهر كثيرة، وبالخصوص منذ الثورة، غير أن بعض الأحداث تأخذ حيزا إعلاميا كبيرا بما يجعل البعض يظن أن الوضع الأمني متوقف عن التقدم أو أحيانا يتدهور، والحقيقة أن جهاز الأمن يتقدم باستمرار في فرض القانون، وبالنسبة للذين كانوا يقومون بتجاوزات، أو كانوا أحرارا يتحركون كما يريدون لأنهم يتجاوزون القانون، فلأنه يحاصرهم يحاولون الدفع نحو حصول أحداث شغب، وعلى عكس ما كان يحدث في السابق من طمس إعلامي, الآن تتم تغطية وبشكل كبير، وبصفة عامة يمكنني القول إننا نتقدم في ضبط الوضع الأمني، وفي إعادة الهيبة للدولة مع احترام حقوق المواطن.

* عندما تتحدثون عن التغطية الإعلامية، فالمفروض أن هذا الأمر عادي، لكن من خلال كلامك استشعرنا إشارات سلبية؛ هل ترون أن الإعلام يعمل سلبيا تجاهكم أو يقوم بتضخيم الأحداث، وهل لديكم مآخذ على دور الإعلام؟

- الحقيقة أن جزءا من الإعلام مسيس جدا ويتخذ موقفا معارضا جدا للحكومة وللوزارة، وتحركه أطراف وأشخاص ينتمون للسياسة، وهذا جزء من الإعلام فقط، وهذا الجزء هو أحيانا الذي يبالغ وبالخصوص لا يركز إلا على الأشياء السلبية، أما المنجزات والأشياء الجيدة ومظاهر العمل والفرح والتقدم والتحسن يغيبها تماما، وهذا يساهم في جعل الصورة الخارجية للبلد كما لو كان بلدا في وضعية كارثية، بينما التونسيون على الرغم من وجود بعض الانفلات هنا أو هناك يعملون بشكل عادي، والسياحة بلغت حدا قرب من أرقام 2010.

* هل تعيش الداخلية مأزق تعامل مع المواطنين، حيث تعودت الشرطة ولعشرات الأعوام التعامل بأسلوب قمعي، والآن عليهم التعامل مع المواطنين في إطار القانون، خاصة أن الأعين عليهم من أطراف المعارضة والإعلام والمنظمات الحقوقية؟

- هو ليس مأزقا، ولكن صعوبات إدارة الشأن في دولة ديمقراطية. نحن تحولنا إلى دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وينبغي أن تطبق القانون أيضا على المخالفين، وهذه العملية تحتاج إلى مواطن واع بحقوقه وأيضا بواجباته، ويحترم القانون، وإلى سلك أمني متدرب ويفرض احترام القانون في نفس الوقت، عملية النقلة هذه فيها نوع من عدم التوازن سواء في سلوك المواطن، أو في سلوك الأجهزة الإدارية، وأحيانا حتى الأمنية، لأننا تعودنا على إدارة مشكلاتنا ضمن دولة مستبدة، ولم نتعود كشعب وإدارة وحكومة وأجهزة أمنية وإعلامية على كيفية إدارة شأننا في دولة ديمقراطية يحترم فيها المواطن ويحترم فيها القانون ويحترم فيها أيضا جهاز الدولة، لكن نحن بصدد التقدم في هذا الاتجاه، وهذا هو الرهان الكبير.

* الأحداث الأخيرة التي شهدتها تونس، والمواجهات التي أدت إلى مقتل سلفيين وجرح عناصر من الشرطة ألا تعكس خطورة المد السلفي؟

- نعم، هناك ظاهرة من التشدد الديني يسميها البعض السلفية، ولكن السلفية، وكما تعلمون، متعددة جدا، الجزء العنيف من السلفية، الذي يمثل الغلو والتشدد، هذا هو الذي يمثل مشكلة، لأنه لا يعترف بالدولة ولا يعترف بمعنى المواطنة ولا بالحريات ولا بإرادة الشعب ولا بالانتخابات ولا بمكاسب المرأة، ولا حتى بمعنى الدولة الحديثة، بل يريد إكراه الآخرين على أن يكونوا مثله، فبالتالي يمثل خطرا على النمط المجتمعي وحتى على الدين بمفهومه الوسطي المنتج المواكب للعصر، وكذلك يمثل خطرا على الوحدة الوطنية، فبالتالي الأحداث التي أشرت إليها ليست وحدها ولا هي معزولة. بل هناك عدة أحداث مشابهة لها وقعت وربما تقع وهي بالتأكيد مؤشرات على صعوبة وخطورة هذه الظاهرة وأهمية معالجتها، ليس بالمنهج الأمني وحده المتمثل في الإيقاف والتصدي، بل أيضا بالقضاء العادل وبالتربية الإسلامية وبالفكر وبالإعلام وبالحوار لأنها عادة ما تتعلق بالناشئة من الشباب الذين يكونون في عمر الزهور وقريبين من الكهولة أحيانا.

وأرى أن إشارتك في موقعها من حيث إن هذه الظاهرة منتشرة ومركبة، أي معقدة، فلها عدة أبعاد، ولكن علاجها أيضا متعدد الأبعاد، ولا يمكن أن يكون علاجا أمنيا، على الرغم من أن العلاج الأمني ضروري من أجل فرض القانون ومن أجل التخفيف لما يسببونه من ضغوط على المرأة أو الرجل أو على المجتمع بصفة عامة.

* هل لديكم خطط واضحة لمواجهة هذه الجماعات المتشددة التي تلجأ للعنف والتعامل معها؟

- نعم، لدينا خطط ونحن بصدد تنزيل هذه الخطط، ونحن بصدد التصدي لهذه المجموعات العنيفة سواء كانت باسم الدين، أو المجموعات الإجرامية التي انتعشت أو استفادت من الحرية؛ فنحن نتصدى لها ولنا خطط وتكتيكات، لا أريد التفصيل فيها الآن ولكن تستطيعين أن تقولي ولا حرج عليك إنه لا مهادنة مع هذه المجموعات ولن نتوقف إلا يوم أن تصبح هذه المجموعات إما موقوفة أو محترمة للمواطن التونسي، ولكن دائما في إطار احترام القانون، وليس في إطار التحكيم.

* بعض الأشخاص أصبحوا يتعاملون مع الوزراء ورجالات الدولة بسلوك يبدأ من قلة الاحترام وقد يتطور إلى أكثر من ذلك؛ ألا يمس هذا من هيبة الدولة؟ وهل فكرتم بقوانين لحماية رموزها من مثل هذه «التطاولات»؟

- القانون التونسي فيه ما يكفي، على حد علمي، لحماية الدولة ومقراتها ورجالاتها وكل المواطنين، كما تعلمون تحديدا أين تقف الحرية، خاصة التعبير والإعلام، وأين يبدأ المساس بالدولة أو برموزها أو بمقراتها، ليس هناك دائما خط مستقيم واضح فيه مساحة دائما للتأويل، وأردت الإشارة إلى أنه ليس السلفيون وحدهم الذين يتجرأون ويشتمون، لكن هناك غلاة آخرين يقومون بنفس الشيء، وهذا فعلا نسبيا يمس من هيبة الدولة، وكانوا أكثر من ذلك، والآن الأمر خف، وكثيرون فتحت بشأنهم قضايا.

وأنا أعرف أنه عندما نخرج من الكبت وبشكل سريع يصير هناك انفلات وشيء من الفوضى والعودة إلى المعدل الذي يصعب فيه الجمع بين حرمة الدولة وهيبتها وحرمة المواطن وحريته. نحتاج إلى شيء من الوقت وكثير من الجهد، وحتى إلى كثير من الدربة.

* هل يتمتع التونسي بالقدر الكافي من الوعي للعيش في إطار دولة ديمقراطية؟

- هذا سؤال صعب، و أنا توقفت كثيرا عنده حتى قبل الثورة، لكن بناء الحرية وبناء المجتمع الديمقراطي والدولة الديمقراطية ليس كينونة، بل صيرورة. فيها الاقتصادي والثقافي والقانوني ومؤسسات الدولة ودربة الشعب. وعندما نقارن بالتجارب الأخرى يقولون لنا اضطررنا لعدد من الخماسيات حتى نستطيع أن نبني مجتمعا متوازنا؛ فهي في الحقيقة رهان وتحدٍّ لا خيار لنا سوى المضي فيه، وأن نربح أكثر ما يمكن من الوقت، لأنه طريق الكرامة والتقدم وليكون لنا موقع بين الشعوب في هذا العصر.

* وجود الجيش في الشوارع التونسية إلى حد الآن يثير كثيرا من التساؤلات، وقد أثار ضجة إعلامية وأخبارا تناقلتها عدة مصادر حول انقلاب عسكري يوم 23 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يوم إحياء ذكرى الانتخابات، فكيف تبررون هذا الوجود، وهل هو عجز من الجهات الأمنية على تسيير الأمور وحفظ الأمن في البلاد؟

- شيء مما قلته صحيح، الجيش كان موجودا بكثافة بالفعل، لأن جهاز الأمن كان وحده غير كافٍ بعد الثورة، وكان الجيش يقوم بمهمة أمنية كبيرة جدا، ويعاضد بالأمن، ثم بدأ الأمن يسترد قوته ودوره ورسالته بشكل تدريجي، والآن الجيش يساند بجزء قليل، وكل شهرين أو ثلاثة ينقص جزء من العبء ويسترد الأمن الشوارع.

* هل هذا يعني أن لديكم خطة واضحة لسحب الجيش من الشوارع؟

- نعم، في الصيف كدنا نرفع حالة الطوارئ تماما، مما يعني أن ينسحب الجيش ويعود إلى ثكناته، لكن قدرنا أن الظرف ما زال يحتاج باعتبار هذه المجموعات (المتشددة) وباعتبار التجاذبات بين الأحزاب. أما بالنسبة لـ23 أكتوبر فهو مناسبة لذكرى الانتخابات، وكانت مجموعة من الأحزاب والجمعيات تريد إنهاء شرعية الدولة في ذلك اليوم، واضطررنا بدعم من الجيش أن نسعى لضبط الأمور، لكن انقضت المسألة بشكل عادي، ولم تقع أي مشكلة، مع العلم أن كلمة الانقلاب التي أوردتها انقطعت القنوات التونسية لعطب فني في محطة البث، فبعض الناس ربطوها بذكرى الانتخابات، وبعض المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي أخرجوا هذا الكلام، لكن كل ما في الأمر أن الجيش الوطني مشكورا يقوم بجهد كبير في دعم الأمن حسب الحاجة، وكلما استرد جهاز الأمن دوره وفاعليته تخلى الجيش عن المهمة، وهو حاصل إن شاء الله.

* هل عدم الاستقرار في تونس يعود لأسباب أمنية بحتة أم هناك تسييس للأمور؟

- هناك جزء من هذه الأشياء أمني حقيقي من واقع الشارع التونسي؛ فهناك من استفاد من الحرية في بعض أنواع الإجرام كالخمور والمخدرات والسرقات وغيرها وهذا جزء أمني بحت.

* هل هذا يعني أن نسبة الإجرام ارتفعت مؤخرا؟

- لم ترتفع على مستوى المعدلات السابقة، لكن ارتفعت من ناحية المساجين الذين فروا من السجون أثناء الثورة وعددهم كبير، وجزء كبير منهم تمكنا من إعادتهم للسجون، وجزء ما زال طليقا. جزء حقيقي من جهة أنه إجرام عادي ككل الدول استفاد من الحريات ومن ضعف الدولة منذ الثورة، باعتبار البلد يسير نحو التعافي بشكل تدريجي.

وجزء آخر يعود لأسباب اجتماعية، باعتبار أن الناس يحتجون لأنهم يريدون التنمية، العمل، ومشاريع وبسرعة. وهناك جزء آخر، وهو التوظيف السياسي، فتجدين أحيانا بعض الجهات الاجتماعية أو السياسية أو الإعلامية تقوم بشيء من التحشيد والدفع وإعطاء تبرير لعمليات العنف عندما تكون متخفية وراء مطلب اجتماعي، كأن يكون إنسان معتصم يطالب بالشغل ثم يقوم بالعنف، كأن يقطع طريق أو يحرق مقرا للأمن، ولكنه يرفع شعار البطالة، فيجد تبريرا وغطاء ودعما من بعض الأطراف، بينما نحن نقول يمكن أن تحتج بكل الوسائل، لكن لا تصل إلى العنف أو إلى شيء يجرمه القانون.

* هل يمكن القول إن بعض الأحزاب المعارضة هي التي تختلق المشكلات الأمني وتعمل على التصعيد؟

- لا أستطيع أن أقول إنها تختلق، لكن هناك بعض الأحزاب تضخ في المجتمع خطابا وممارسة فيها تخويف وفيها شحن وفيها احتقان وفيها تجاذب سياسي كبير، فعندما تجدين شخصا يلقي خطابا ويدافع عن العنف ويدافع عن من يمارس العنف ويطالب بإطلاق سراحه، ويشكك في كل شيء، ويقول هذه الحكومة عدمية، هذا الخطاب يساهم في التشنج، لكن الخطاب الناقد لا يساهم إلا في البناء.

* نقلت تقارير من مصادر مختلفة أن رجال أعمال متورطين في الفساد منذ عهد بن علي تزعجهم الحكومة الآن بأعينها التي أصبحت مفتوحة في مختلف المواقع، وأنهم هم الذين يعملون على إسقاطها، كما وردت تصريحات من بعض السياسيين اتهمت حتى المخابرات الفرنسية بالمساعدة على تأجيج الوضع التونسي والتعاون مع هؤلاء وغيرهم، ما تعليقكم؟

- شيء من هذا صحيح، وكان أحد شعارات الثورة التونسية ضد الاستبداد والفساد؛ كلما تقدمنا خطوة في محاصرة الفساد كان هناك من يرد الفعل بأشكال مختلفة، ومنها تحريض الآخرين عن التحرك، وترد إلينا معلومات عن بعض الناس الذين قد يفرقون أموالا على المتظاهرين ليواصلوا تظاهرهم وعلى بعض المعتصمين وقطاع الطرق إلى آخره، فهناك شيء من بعض الذين لا يريدون لمقاومة الفساد أن تتقدم، ونحن نعلم هذا وتوقعنا ما سيحصل، ولكن بطبيعة الحال نتدرج في الموضوع.

* تم حل البوليس السياسي الذي كان يعمل في عهد بن علي، وترد معلومات حول أن هناك كثيرا من المؤامرات الخفية تحاك ضد الحكومة وغيرها، فهل تم تعويضه، وماذا تفعلون للحصول على المعلومة من الميدان؟

- ما تم حله هو مؤسسة أمن الدولة التي كانت عرفت عند التونسيين بأنها المؤسسة التي تلاحق السياسيين والنقابيين والفنانين ومناضلي حقوق الإنسان والإعلاميين وتنغص عليهم عيشهم.. هذه إدارة تم حلها. أما الاستعلام الموجود في كل الدول الديمقراطية، الذي يهم استمرار الدولة آمنة حتى لا يقع اختراقها من الداخل أو الخارج أو تهديد أمنها القومي فهذا ككل الدول خاضع لقوانين وللقضاء، وما زال يعمل، لكن لم يعد له أي دخل في الحياة الشخصية لأي مناضل أو لعمل حزبي، تهمه فقط الزاوية التي يُؤتى منها الأمن القومي، لذلك تمكنا في عدة مناسبات من إفشال عمليات لإدخال أسلحة أو القيام بعمليات عنيفة أو حتى عمليات إرهابية بفعل الاستعلامات التي تهتم بأمننا القومي، وليس ما يهم الأفراد أو حياتهم الخاصة أو الجمعيات أو نشاطاتهم المختلفة.

* تمديد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر أخرى، لماذا؟

- السبب الرئيسي هو تقديرنا لأوضاعنا الأمنية بأنها ما زالت تحتاج لهذه الحالة التي بمقتضاها يمكن للجيش أن يخرج ويساعد الأمن، لأنه إذا رفعت حالة الطوارئ فالجيش آليا ينبغي أن يكون في ثكناته، بينما نحن ما زلنا نحتاج لمساعدة الجيش وخاصة في حراسته لعدد من المنشآت الحيوية وفي تدخله معاضدا للأمن في الحالات القصوى، هذا هو السبب الأول، والسبب الثاني أن هذه المواجهات التي تقع من حين لآخر مع بعض المجموعات ويغذيها الخطاب السياسي أو حتى الاجتماعي تحتاج لأن يكون هذا الإطار القانوني موجودا ليمكن من التدخل بفاعلية.

* هل هناك انسجام في العمل بين الأجهزة الأمنية والجيش؟

- هناك تكامل كلي وجلسات مشتركة وتخطيطات مشتركة بشكل يومي وفي كل الجهات ومركزيا وجهويا ومحليا، والأمور بخير.

* رغم أن الحكومة منتخبة، والمجتمع منفتح، وموعد الانتخابات حدد بالصيف المقبل، ما تبريركم للتوتر المتواصل؟

- السبب الأول أجندة موعد الانتخابات لم تضبط بشكل نهائي، وهي تضبط عندما يصادق عليها المجلس الوطني التأسيسي، الحكومة اقترحت مواعيد لكن لم يقررها المجلس الوطني التأسيسي بعد، ما زال هناك شيء من الغموض وهذا يقلق نوعا ما.

لكن هناك أسباب رئيسية ثلاثة أخرى، وهي السبب السياسي المتمثل في وجود مجموعات وأطراف لا تريد لهذه الحكومة أن تنجح أو تعمل تريد أن تربكها وترهقها وتريد أن تصل للانتخابات وتقول إننا لم ننجز شيئا. السبب الثاني هو سبب حقيقي موضوعي، وهو حب التونسيين لأن تتحقق لهم التنمية وبسرعة، وأن يجدوا الشغل والكرامة والرخاء، وهذا سبب مشروع، لكن الخلاف فيه ما يقتضيه من الوقت ومن تمويلات، وكذلك بعض العوائق الإدارية ورفع حواجز، وتقدمنا فيه بعض الأشواط لكن التونسيين يريدون أن نتقدم أسرع. والسبب الثالث هو المجموعات الإجرامية للحق العام أو المتدينة المتشددة أو المسيّسة التي تعتبر إجرامية مثل سابقتها لكن من منطلق سياسي أو ديني، وهي ظاهرة موجودة تقريبا في كل المجتمعات العربية، وكانت مكبوتة تماما ومقموعة قبل الثورة، والآن انفلتت ونحتاج إلى وقت لترويضها، وكذلك لتطبيق القانون عليها.

* هل لديكم إضافة أو رسالة ما؟

- أردت أن أطمئن الجميع بأن الشعب في غالبيته الساحقة ماض في تحقيق أهداف ثورته التي هي الحرية والتنمية والأمن، ومتجذر في هويته العربية الإسلامية ويريد أن يكون منفتحا على كل الدول ومتكاملا بالخصوص مع الدول العربية والإسلامية، ومهما سمعوا من أوضاع وأحوال مع كونها كثيرا ما تظهر بشكل مضخم، فإنها بعون الله لن توقفنا عن المضي لتحقيق هذه الأهداف.