المبعوث الأممي المكلف نزاع الصحراء يلتقي قادة «البوليساريو» بعد محادثات في الرباط والعيون

تقرير رسمي يرى أن مكافحة الفساد لم تتحسن

TT

أجرى أمس (السبت) كريستوفر روس المبعوث الأممي المكلف بنزاع الصحراء الذي يقوم بجولة في المنطقة، محادثات مع قادة جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر). ويسعى روس الذي زار قبل ذلك الرباط واستقبل من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس للخروج من حالة الجمود التي تعرفها المساعي السلمية الرامية إلى بلورة حل سياسي متفق عليه بين أطراف النزاع.

وتستمر جولة روس في المنطقة حتى منتصف الشهر الحالي، حيث من المقرر أن يزور بعد تندوف كلا من الجزائر والعاصمة الموريتانية نواكشوط، سيقدم بعدها تقريرا إلى مجلس الأمن في نهاية الشهر الحالي.

وقالت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن روس في مباحثاته كان يستمع ويبدي ملاحظات، لكنه لم يقدم اقتراحات محددة، كما لم يطرح مسألة استئناف المفاوضات بين المغرب و«البوليساريو».

وكان روس عقد ولأول مرة عدة لقاءات في مدينة العيون، كبرى مدن الصحراء، قبل أن يزور منطقة تفرتيتي، التي تسيطر عليها البوليساريو. وعرفت العيون خلال زيارة روس مجموعة من المظاهرات المتفرقة، حيث وقعت مجابهات مع قوات الأمن، لكن السلطات المغربية قللت من أهمية تلك المظاهرات التي نظمت من طرف موالين لجبهة البوليساريو. وكان روس التقى في العيون كذلك مؤيدين لمغربية الصحراء.

وفي العيون، نفت السلطات المغربية أن تكون الشرطة اعتدت على الناشطة امناتو حيدر الموالية لـ«البوليساريو»، أو هشمت سيارتها. وقالت السلطات إن حيدر كانت تحرض على تنظيم مظاهرات مؤيدة لـ«البوليساريو» خلال فترة وجود روس في العيون. وأشارت السلطات المغربية إلى أن الشرطة «لم تقترب منها بالمرة وأنها لم تصب بأذى على الإطلاق، على الرغم من محاولات استفزاز السلطات».

وبشأن نتائج محادثات روس في الرباط واستقباله من طرف العاهل المغربي والمحادثات التي أجراها مع مسؤولين حكوميين، قال مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام) والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية: «تمت الزيارة تبعا لمكالمة الهاتفية بين العاهل المغربي الملك محمد السادس وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، حيث جرى تأكيد المحددات الأساسية التي أقرها مجلس الأمن لإيجاد حل للنزاع».

وأوضح الخلفي أنه خلال الزيارة تمسك المغرب باقتراح الحكم الذاتي الموسع، وأشار إلى أن المغرب «متشبث بعلاقة الأخوة والتعاون مع الجزائر بالشكل الذي يمكن من تسريع مسلسل البناء المغاربي». وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أكد مجددا في برقية تهنئة إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة عيد استقلال بلاده «على مواصلة العمل سويا معكم من أجل توثيق أواصر الأخوة والتعاون والتضامن بين شعبينا.. ويستجيب لتطلعات شعوبنا المغاربية التواقة إلى الوحدة والتكامل والاندماج»، على حد قوله.

إلى ذلك، قال مصدر رسمي مغربي إن مكافحة الرشوة والفساد لم تتحسن في المغرب، على الرغم من اقتراحات تقدمت بها هيئة رسمية مستقلة للسلطات الحكومية، مشيرا إلى أن هذه الهيئة تلقت ما يزيد على 1800 شكوى حول وقائع، يقول المشتكون إنها تتعلق بعمليات رشوة.

وقال عبد السلام أبو درار رئيس الهيئة المركزية للحد من الرشوة، وهي هيئة رسمية مستقلة، عند تقديمه في الرباط للتقرير السنوي للهيئة: «إن المغرب، على غرار باقي دول المنطقة العربية، شهد حراكا اجتماعيا تلازمت فيه مطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية، على رأسها المطالبة بوضع حد للفساد وتقديم المفسدين للعدالة».

وعبر أبو درار عن اعتقاده بأن «بعض المقتضيات الدستورية الجديدة المتعلقة بالحكامة الجيدة ومكافحة الفساد واقتصاد الريع تمثل استجابة لمقترحات وتوصيات التقرير الأول للهيئة الذي قدم عام 2009».

وأشار إلى أن التقرير اعتمد منهجا ينطلق من تشخيص الوضع الراهن للرشوة في البلاد، ثم تقييم فعالية الإجراءات المعتمدة لمحاربتها.

وجاء في التقرير أن «رقعة الفساد تتجه نحو التوسع والامتداد لمختلف مجالات تدبير الشأن العام، وهو ما يعكس الوضعية التي يوجد فيها المغرب، والتي لم تتحسن على الرغم من الجهود التي بذلت من أجل تطويق الظاهرة خلال العقد الأخير»، حسب التقرير.

وأفاد التقرير بأن الهيئة تلقت 986 شكوى خلال الـ3 سنوات الأخيرة عبر البريد، في حين تلقت الهيئة عبر بوابتها الإلكترونية منذ انطلاقها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 إلى ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي ما مجموعه 881 شكوى. وتضمن التقرير تقييما شاملا للسياسات الحكومية والإجراءات المتخذة، وأشار إلى عدم ملاءمة المنظومة الجنائية والقضائية لمتطلبات مكافحة الرشوة والفساد.

وقال تقرير الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إن تعزيز سياسات مكافحة الفساد وتحسين وضعية المغرب يمر عبر تصحيح الاختلالات، مما سيوفر مناخا محفزا لمختلف الفاعلين الاقتصاديين، اعتبارا لما لتقليص من حجم الفساد من آثار إيجابية على الاستثمار والنمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، وأيضا على التنمية المستدامة».

وقدمت الهيئة مجموعة من التوصيات والمقترحات التي تمخضت عنها، والتي تتوزع إلى محاور، وهي محور يتعلق بإدراج مكافحة الفساد ضمن منظور استراتيجي، ومحور له علاقة بملاءمة السياسة الجنائية لمتطلبات مكافحة الفساد، ومحور يتعلق بتدعيم فعالية آليات المساءلة والمراقبة والتوعية والتربية على قيم النزاهة ومكافحة الفساد.