متظاهرون يردون على الأسد: ستسقط حتما وستموت في سوريا

في «جمعة آن أوان الزحف إلى دمشق».. وهبوط مفاجئ لليرة ومخاوف من ارتكاب النظام حماقة كبيرة

سوريون يفرون من منطقة راس العين إلى الحدود التركية (رويترز)
TT

أعطى تصريح الرئيس السوري بشار الأسد بأنه «صناعة سورية وسيموت في سوريا»، انطباعا بأن النظام السوري قد شارف على الرحيل.. وردا على تصريحات الأسد، خرجت مظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من سوريا أمس تحت عنوان «آن أوان الزحف إلى دمشق»، ردت على التصريحات الأخيرة للرئيس بشار الأسد التي رفض فيها مغادرة سوريا، مؤكدة أنه سيسقط حتما.. و«سيموت في سوريا».

وكان الأسد قال في تصريحات لقناة «روسيا اليوم» ردا على سؤال عما إذا كان يقبل عرضا بمغادرة سوريا إلى المنفى: «لست دمية ولم يصنعني الغرب كي أذهب إلى الغرب أو إلى أي بلد آخر. أنا سوري.. أنا من صنع سوريا، وسأعيش وسأموت في سوريا».

وظهر انعكاس ذلك مباشرة على سعر صرف الليرة السورية، بحسب ما قاله ناشطون في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، حيث سجلت الليرة انخفاضا مفاجئا يومي الأربعاء والخميس بالتزامن مع بث وسائل الإعلام مقتطفات من حديث الرئيس الأسد لقناة «روسيا اليوم» الذي بث كاملا أمس. ويقول الناشط أحمد الدمشقي إن «سعر الدولار الأميركي وصل يوم الخميس إلى 80 ليرة، بعد أن كان خلال الأسابيع الماضية يتراوح بين 37 و75 ليرة، كما امتنع الصرافون عن بيع الدولار يومي الأربعاء والخميس، أما سعر الصرف في البنك المركزي، فكان 70 ليرة، وذلك بعد أسابيع من محاولة تثبيته على سعر يتراوح بين 67 و68 ليرة»، ويضيف الناشط أن «سعر الذهب الذي شهد انخفاضا في الأسبوع الماضي ووصل إلى 3500 للغرام عيار 22، فجأة قفز الأربعاء والخميس ليتجاوز 3725».

ويربط أحمد الدمشقي بين تصريحات الرئيس السوري وما سبقها من تصريحات لأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي بأن «النظام السوري لن يبقى طويلا» وما تلاها من تصريحات لمسؤولين بريطانيين عن تأمين مخرج آمن للأسد، وما رافقها من تفجيرات استهدفت أحياء العلويين الموالين للأسد، وأبناء إطلاق قذائف على قصر «الشعب»، وتصاعد الأحداث بدمشق ومحيطها، ويقول إنها «خلقت أجواء عامة تنذر بقرب رحيل الأسد».

ويتابع أحمد الدمشقي: «أجواء العاصمة تبدلت يومي الأربعاء والخميس وبدت وكأنها تحبس أنفاسها في انتظار حدث كبير، والهاجس الذي سيطر على سكان العاصمة: ترى هل سيدك النظام قلب دمشق بالقذائف المدفعية والجوية؟ وهل سيحولها إلى ركام مثلما فعل في باقي المدن؛ حمص وحلب ودير الزور؟».

وعزز تلك الهواجس أنباء عن حركة نزوح كبيرة لأبناء الطائفة العلوية من المناطق الساخنة مثل حي نسرين في الأحياء الجنوبية والقريب من مخيم اليرموك حيث تدور اشتباكات عنيفة وسط قصف مدفعي وجوي عنيف من قبل قوات النظام، وأيضا هروب العائلات العلوية من أحياء أخرى كانت تعد من أكثر المناطق هدوءا وأمنا مثل «مزة 86» وحي الورود، اللذين شهدا تفجيرات في الأسبوع الأخير، وجبل الرز في ضواحي دمشق، الذي سمعت فيه أصوات إطلاق نار طوال أمس.

كل التطورات في العاصمة «تبشر بقرب نهاية النظام دون أن يكون هناك يقين بذلك؛ بل ثمة يقين بأن النظام سيرتكب حماقة كبيرة في دمشق»، بحسب الناشط أحمد الدمشقي، وذلك لأن العاصمة، بحسب تقدير المراقبين، هي «الحصن الأخير الذي يسعى النظام للمحافظة عليه، وفي الشهر الأخير، يقوم باعتقال سكان العاصمة ووضعهم رهن الإقامة الجبرية من خلال تقسيم المدينة إلى مربعات أمنية صغيرة وتكثيف الحواجز وقطع الطرقات لحد الحركة، إلى درجة حولت قلب المدينة التجاري بعد الساعة التاسعة مساء إلى مدينة أشباح».. وهنا يوضح أحمد الدمشقي: «لم تعد هناك أسواق في دمشق بعد السادسة مساء سوى في منطقة الصالحية والقصاع، وبالتالي لا توجد حركة عمليا سوى في هاتين المنطقتين وباقي المدينة شبه فارغ وبعد السادسة مساء يحل ظلام دامس على كل المناطق ولا يبقى سوى العسكر والشبيحة والمضطر للخروج فيما أصوات إطلاق النار والقصف ترعد طوال الليل مع تحويم الطيران الحربي، ويوما بعد آخر يزداد هذا المشهد رعبا». ويلفت إلى أن تصريحات الأسد لقناة «روسيا اليوم» أظهرته وكأنه يقول «كلامه الأخير»؛ إذ ذكر السوريين بما سبق أن قاله الرئيس المصري حسني مبارك قبيل سقوطه بأنه سيموت في مصر، كما ذكرهم بمصير العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

وردا على تصريحات الأسد، خرجت مظاهرات عديدة في مناطق مختلفة من سوريا أمس تحت عنوان «أوان الزحف إلى دمشق»، وردت على التصريحات الأخيرة للرئيس بشار الأسد التي رفض فيها مغادرة سوريا، مؤكدة أنه سيسقط حتما و«سيموت في سوريا».

ففي كفرنبودة في ريف حماه، رفع شبان ساروا في مقدمة مظاهرة لافتات كتب عليها «يا بشار يا كذاب، نتمنى أن تصدق هذه المرة وتبقى في سوريا لتلقى مصير أستاذك القذافي»، و«يا بشار ستموت على أرض سوريا ولن تدفن بأرضها الطاهرة بل في مزبلة التاريخ». وهتف المتظاهرون: «يا شام ثوري ثوري، على القصر الجمهوري»، و«ما رح نهدا ولا نرتاح حتى نشيلك يا سفاح»، و«نحنا مع حلب والشام رح منسقط هالنظام».

وفي مدينة دوما بريف دمشق الذي يشهد عمليات عسكرية واسعة، قال ناشطون إن متظاهرين خرجوا «رغم قصف الـ(ميغ)». وأظهر شريط فيديو مجموعة من الشبان والرجال يصفقون على وقع أغنية يؤديها أحدهم وفيها: «جايينك يا شام جايينك يا شام.. لندوس الأسد وندعس عالنظام».

وفي أبطع في درعا، كتب متظاهرون على لافتاتهم: «مقاومة الطغاة من طاعة رب السموات»، و«اعمل لثورتك كأن النظام سيسقط غدا، واعمل لوطنك كأنك ستعيش فيه أبدا».

وخرجت مظاهرات في أحياء دمشق رغم القصف في القابون وجوبر وبرزة والعسالي في جنوب وغرب دمشق، ومناطق مختلفة في ريف العاصمة. وفي حي برزة قامت قوات النظام بإطلاق النار لتفريق مظاهرة انطلقت عقب صلاة الجمعة إلا أن الهتافات تزايدت.

وفي السياق ذاته، قال ناشطون إن منطقة جوبر المتصلة بحي العباسيين شرق العاصمة تعرضت للقصف بالقذائف المتشظية في محاولة لإصابة مكان خرجت فيه مظاهرة، الأمر الذي أدى إلى إصابة منازل المدنيين وإلحاق أضرار مادية وبشرية؛ منها المتوسطة والخفيفة، وإصابة واحدة خطيرة على الأقل بشظية بالرأس. تجدر الإشارة إلى أن المنطقة المقصوفة لا تبعد أكثر من 800 متر عن ساحة العباسيين في وسط دمشق وهي ثاني كبريات ساحات دمشق.

وقالت الهيئة العامة للثورة السورية إن عدد القتلى تجاوز المائة قتيل في حصيلة أولية لعدد قتلى أمس الجمعة. وبحسب الهيئة، فإن معظم القتلى كانوا في دير الزور في مجزرة ارتكبتها قوات النظام لدى قصفها سوق الجمعة في بلدة القورية أسفرت عن مقتل 17 شخصا بينهم 13 امرأة وطفلان وصف ضابط متطوع ومجند منشقان. كما لفتت الهيئة إلى أن القصف المدفعي اشتد مساء أمس الجمعة على بعض أحياء دمشق الجنوبية بالتزامن مع تحليق لطيران الـ«ميغ» في سماء المنطقة، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين عناصر من الجيش الحر وجيش النظام على طريق أوتوستراد دمشق - درعا الدولي بالقرب من صحنايا وذلك أثناء انسحاب قوات النظام من بساتين داريا. يشار إلى أن أوتوستراد درعا - دمشق مغلق منذ يومين كما أغلقت قوات النظام جميع المداخل إلى داريا حيث يمنع دخول وخروج السكان، وكذلك في بعض الأحياء جنوب العاصمة.. في ظل أوضاع إنسانية سيئة.