اشتباكات عنيفة في دمشق.. و«الحر» يحذر الأسد من أخذ سكان العاصمة «رهينة لتنفيذ قراره»

مجزرة في دير الزور والنظام يتهم «القاعدة» بارتكابها.. وانشقاق 26 ضابطا إلى تركيا

عناصر من الجيش السوري الحر قرب الحدود التركية (رويترز)
TT

تصدرت مدينة دير الزور المشهد الميداني في جمعة «آن أوان الزحف إلى دمشق»، حيث أكد ناشطون تعرض «سوق الجمعة» الشعبية في منطقة القورة في المدينة لقصف مدفعي، أسفر عن مجزرة جديدة ذهب ضحيتها أكثر من عشرين قتيلا معظمهم من النساء والأطفال، فيما كانت أحياء عدة من العاصمة دمشق وريفها تتعرض لقصف عنيف، وتشهد اشتباكات تمكن خلالها «الجيش الحر» من تحرير حاجز الصناعة في دمشق.

بموازاة ذلك، ذكرت المعارضة السورية أن سيارة مفخخة انفجرت أمام مقر بلدية معضمية الشام، كما انتقلت الاشتباكات من معبر راس العين الحدودي مع تركيا إلى مدينة راس العين الواقعة في محافظة الحسكة. بينما ذكرت وسائل إعلام تركية أن أكبر عملية انشقاق بين الجيش السوري حصلت ليل أمس، إذ سُجل انشقاق 26 ضابطا بينهم لواءان، وفروا إلى تركيا.

وفي دير الزور التي شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيشين النظامي والحر، أفاد المركز الإعلامي السوري بأن قوات النظام ارتكبت مجزرة في القورية بريف المحافظة، ذهب ضحيتها 26 قتيلا وعشرات الجرحى. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن من بين القتلى 6 أطفال و8 نساء.

من جهتها، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن جيش النظام قصف بالمدفعية الثقيلة سوق الجمعة في مدينة القورية بدير الزور، مما أوقع عددا كبيرا من القتلى والجرحى. وقال الناطق باسم مجلس ثوار دير الزور أوس العربي لقناة «العربية» إن هذه المجزرة «تأتي كرد فعل من قبل قوات النظام على العملية العسكرية التي تقوم بها كتائب الجيش الحر الموجودة في مدينة الميادين، وتحديدا بالقرب من مدينة القورية»، في إشارة إلى الاشتباكات في محيط كتيبة المدفعية بالمدينة بين الجيشين النظامي والحر وسط قصف مدفعي على الميادين والبلدات المجاورة. وأضاف: «قامت كتائب الجيش الحر بعدة عمليات في محاولة للسيطرة على المدفعية القريبة من مدينة الميادين، فيبدو أن الخناق ضاق على هذه المدفعية الموجودة هناك، فقرر النظام الآن الانتقام من كل البلدات المحيطة بهذه المدفعية».

وكانت شبكة «شام» الإخبارية أفادت بتجدد الاشتباكات في محيط كتيبة المدفعية بمدينة الميادين بين الجيش الحر وجيش النظام، كما أعلن الجيش السوري الحر قصفه مطار الحمدان العسكري ومبنى المخابرات العسكرية في البوكمال. وقال متحدث باسم لواء «الله أكبر» لقناة «الجزيرة»، إن «عدة كتائب من الجيش الحر ما زالت تحاصر المربع الأمني في البوكمال، الذي يضم شعبة التجنيد والمصرف الزراعي ومبنى المخابرات العسكرية».

في المقابل، اتهمت دمشق تنظيم القاعدة بارتكاب المجزرة. ونقلت وكالة «سانا» الرسمية السورية عن مصدر مسؤول نفيه القاطع صحة ما بثته القنوات الفضائية عن قصف مدينة القورية بدير الزور، مؤكدا أن «المجموعات الإرهابية وخصوصا المرتبطة بالقاعدة قامت بارتكاب مجزرة بحق عدد من الذين كانوا ينوون تسليم أنفسهم وأسلحتهم للجهات المختصة وذلك للحؤول دون إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة وإفشال الجهود التي كانت جارية في هذا الشأن».

في غضون ذلك، تواصلت الاشتباكات في أحياء متفرقة من المحافظة دمشق. وذكرت شبكة «شام» الإخبارية أن «الجيش الحر» تمكن من تحرير حاجز الصناعة في دمشق، مشيرة إلى أن اشتباكات عنيفة تدور بين «الحر» وقوات النظام في منطقة دروشا في ريف دمشق.

وفي حين ذكرت مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش الحر نفّذ عملية أمس على إدارة المركبات، بعد عمليتين على محيط القصر الجمهوري أول من أمس، «تنفيذا لوعد قطعناه بالثأر للريف ولاغتيال اللواء وسام الحسن في لبنان».. أكد الناطق الرسمي بإسم المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر لؤي المقداد أن كتائب الجيش الحر «استنفرت منذ أربعة أيام لمنع النظام من تطبيق خطته». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «معلوماتنا تفيد أن (الرئيس) بشار الأسد اتخذ قرار التمترس في دمشق، وبدأ بسحب قواته المقاتلة في عدة محافظات إلى العاصمة، لحمايته، بالإضافة إلى ضباط يثق بهم وألوية الحرس الجمهوري من الرستن وتلبيسة»، مشيرا إلى أنه «يسعى لأخذ سكان دمشق رهينة ودرعا بشريا لحماية نفسه».

ولفت المقداد إلى أن الرئيس السوري «بدأ يشعر بفقدان السيطرة على كامل الأراضي السورية، لذلك يحاول إيجاد بقعة جغرافية واحدة يسيطر عليها، مكررا تجربة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي حين تمترس في باب العزيزية».

وأشار إلى أن خطة الأسد «تقضي بتدمير ريف دمشق عن بكرة أبيه وسحبه عن الخارطة، ليفتح عمق استراتيجي مع حلفائه في لبنان وخصوصا حزب الله، بدليل أن حجم الدمار الذي حل في مناطق واسعة من ريف دمشق يفوق التوقعات».

وحذر المقداد النظام السوري من «أخذ سكان دمشق رهينة له»، مشددا على أن الأسد «لن يكون بمنأى عن ضربات الجيش الحر، وسيكون مصيره مثل مصير حاكم باب العزيزية معمر القذافي».

من جهة أخرى، ذكرت المعارضة السورية أن سيارة مفخخة انفجرت أمام مقر بلدية معضمية الشام، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص على الأقل وإصابة آخرين بجروح غالبيتهم من النساء والأطفال. وأشارت إلى أن المباني المجاورة تعرضت لأضرار كبيرة.

وأفاد ناشطون عن تعرض حي القدم وكفرسوسة في العاصمة لقصف عنيف منذ صباح أمس، مشيرين إلى قصف الطيران المروحي والدبابات التابعة لقوات النظام بساتين حي كفرسوسة. فيما شهد حي التضامن في العاصمة اشتباكات بين الجيشين النظامي والحر. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن إطلاق نار كثيفا سمع في منطقة جبل الرز التي تحاذي القصر الجمهوري، مشيرة إلى سماع أصوات انفجارات.

بموازاة ذلك، خرجت مظاهرات في حيي العسالي وجوبر ودوما تطالب بدعم الجيش الحر وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وذكرت لجان التنسيق المحلية أن قذيفة سقطت على مكان المظاهرة في جوبر بعد انتهاء البث المباشر.

من جهته، بثّ مجلس قيادة الثورة في دمشق على موقعه على «فيس بوك» صورا تشير إلى استمرار القصف لليوم الثلاثين على منطقة الحجر السود في العاصمة، وإلى تعرض دوار فلسطين في العاصمة للقصف الصاروخي. ولفت المجلس إلى تعرض حي التضامن لغارات جوية، كما تعرض منطقة القابون لقصف بطائرات الميغ، مشيرا إلى استهداف منطقة اللحمامة بقذائف الهاون.

في المقابل، ذكرت وكالة «سانا» أن وحدات من القوات النظامية اشتبكت مع «مجموعات إرهابية كانت تقوم بأعمال قتل وتخريب في حي التضامن بدمشق وصادرت كميات من الذخيرة والأسلحة بينها قناصات أميركية الصنع».

وأضافت أن «وحدة من قواتنا المسلحة لاحقت اليوم (أمس) مجموعة إرهابية مسلحة تقوم بأعمال سلب ونهب وقتل وتخريب في حي السيل بحرستا وقضت على عدد من أفرادها وصادرت أسلحتهم».

وفي ريف دمشق، أفاد ناشطون عن تكثّف القصف على الغوطة الشرقية وعربين ووادي بردى في ريف دمشق، فيما أشارت لجان التنسيق المحلية إلى أن طائرات النظام تغير على مدن الغوطة الشرقية بريف دمشق، واستهدفت مدن دوما وعربين وحمورية ومناطق أخرى. وقالت اللجان إن قوات النظام تشن حمله دهم واعتقالات في كل من قطنا في ريف دمشق، بالتزامن مع قصف من الدبابات على بساتين داريا بريف دمشق المجاورة للحي وحي نهر عيشة، وسماع دوي انفجارات هزت المنطقة مع ارتفاع أعمدة الدخان، وفق ما أفادت به الهيئة العامة للثورة.

بدورها، ذكرت قناة «شام» أن قصفا عنيفا بالدبابات وقع على مدينة رأس العين بالحسكة، فيما أفاد مراسل «الجزيرة» على الحدود التركية السورية أن مدينة رأس العين «تشهد اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر وجيش النظام المحاصر في محيط مبنى فرع الأمن العسكري بالمدينة».

وفي تطور آخر على الحدود السورية - التركية، أكدت وسائل إعلام تركية، أن 26 ضابطا من الجيش السوري، من بينهم لواءان، انشقوا عن الجيش النظامي وفروا إلى تركيا خلال ليل الخميس الجمعة، فيما يعد أكبر انشقاق على جيش بشار الأسد منذ شهور. وأوضحت وكالة الأناضول للأنباء أن الضباط المنشقين، من بينهم 11 ضابطا برتبة عقيد، واثنان برتبة مقدم، واثنان برتبة رائد، و4 برتبة نقيب، و5 برتبة ملازم، مشيرة إلى أنهم عبروا إلى إقليم هاتاي مع أسرهم، وعدد آخر من الجنود، وهو ما شكل إجمالا 71 شخصا.