جدل في واشنطن بشأن التأخر في الإعلان عن إطلاق إيران النار على طائرة استطلاع أميركية من دون طيار

طهران تؤكد الحادثة وتقول إنها ستتعامل بحزم مع أي انتهاك أجنبي لمجالها الجوي

الرئيس الإيراني مع نظيره الفيتنامي في في هانوي أمس (رويترز)
TT

بينما يتواصل الجدل في واشنطن حول أسباب التأخر في الإعلان عن حادثة إطلاق مقاتلتين إيرانيتين النار على طائرة استطلاع أميركية من دون طيار، الأسبوع الماضي، قالت إيران إنها ستتعامل بحزم مع أي انتهاك أجنبي لمجالها الجوي في تحذير واضح للولايات المتحدة.

ونقلت وكالة أنباء فارس أمس عن العميد مسعود جزائري، وهو ضابط كبير في الجيش الإيراني قوله «المدافعون عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيردون بحزم على أي انتهاك جوي أو بري أو بحري».

وأضاف جزائري دون أن يذكر واقعة الطائرة الأميركية بالتحديد «قواتنا المسلحة ستتصدى لأي طائرة أجنبية تسول لها نفسها انتهاك أجواء الجمهورية الإسلامية».

وأكدت إيران إطلاق النار على الطائرة الأميركية من دون طيار متهمة إياها باختراق المجال الجوي الإيراني، وأنها كانت على أقل من 12 ميلا بحريا من الساحل الإيراني.

وأكد وزير الدفاع الإيراني أمس ما اتهم به البنتاغون إيران من قيام اثنتين من طائراتها المقاتلة بإطلاق النار الأسبوع الماضي على طائرة أميركية من دون طيار.

ونقلت وكالة الأنباء الطلابية (ايسنا) عن الوزير أحمد وحيدي قوله «الأسبوع الماضي دخلت طائرة غير معروفة الهوية المجال الجوي للمنطقة البحرية للجمهورية الإسلامية.. وبفضل التصرف المناسب والذكي والحاسم لقواتنا المسلحة اضطرت إلى الفرار».

وأضاف الوزير «هذا المثال وغيره من الأمثال السابقة تظهر أن جمهورية إيران الإسلامية تتحلى باليقظة المطلوبة في مراقبة كل التحركات واتخاذ الإجراءات الحاسمة والمناسبة». وحسب الرواية الأميركية، فقد أطلقت مقاتلتان إيرانيتان النيران على الطائرة الأميركية من دون طيار (إم كيو 1 بريداتور) كانت تحلق فوق الخليج العربي أي في مجال دولي، على بعد 16 ميلا من السواحل البحرية الإيرانية، وأطلقتا النار على الطائرة دون أن تصيباها، وقامتا بتعقبها لعدة أميال وهي تبتعد عن المجال الجوي الإيراني الأسبوع الماضي، تبعا لما كشفه مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية. وأثارت هذه الواقعة احتجاجًا كبيرًا من قبل الحكومة الإيرانية.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس أن واقعة إطلاق النار من قبل طائرتين روسيتي الصنع من طراز «سوخوي 25» تُعرف باسم «فروغ فوتس»، حدثت في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي الأولى من نوعها التي تطلق خلالها طهران النار على طائرة أميركية غير مسلحة خلال ثلاثة عقود من التوتر بين البلدين، كما تأتي قبل بدء تدريبات واسعة النطاق من المقرر أن تقوم بها إيران الأسبوع المقبل حيث تجري مناورات بمشاركة القوات المسلحة الإيرانية، وسلاح الحرس الثوري، وتتضمن اختبار قدرات الرادارات ومعدات المراقبة والاستطلاع.

وقال جورج ليتل، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأميركية، إن صمت الوزارة، الذي دام أسبوعا تجاه الواقعة، جاء نتيجة القيود المفروضة على مناقشة مهمات طائرات المراقبة السرية. وأجاب عن أسئلة بشأن هذا الأمر، خلال مؤتمر صحافي لوزارة الدفاع، عقد أول من أمس (الخميس).

ويثير عدم الكشف عن المواجهة مع الجيش الإيراني، في وقت تتزايد فيه التوترات حول برنامج إيران النووي المثير للجدل وقبل خمسة أيام من الانتخابات الأميركية، تساؤلات خاصة بإدارة أوباما.

ويرى المراقبون أنه لو تم الكشف عن الهجوم الإيراني قبل يوم الانتخابات، لكان من المرجح أن يتم النظر إليه في سياق سياسي، ولفسر الأمر بأنه إما مؤشرًا على ضعف الإدارة أو على العكس من ذلك، فرصة أمام الرئيس أوباما لاستعراض سطوة القيادة.

يذكر أنه في نهاية العام الماضي، حلقت طائرة مراقبة تعمل من دون طيار من طراز «آر كيو 170» تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، لا الجيش، وسقطت على الأراضي الإيرانية أثناء قيامها بمهمة يُعتقد أن غرضها تحديد موقع المنشآت النووية. وتم الكشف عن هذه الواقعة فقط بعدما تفاخرت إيران بهجومها إلكترونيًا على الطائرة التي تعمل من دون طيار وإجبارها على الهبوط داخل حدودها. وقال مسؤولون أميركيون إن الطائرة سقطت بسبب خلل فني، في حين سعى مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية لاحتواء أي جلبة ناجمة عن هذه الواقعة الأسبوع الماضي، موضحًا أنه لا ينبغي النظر إليها باعتبارها حدثت نتيجة لمواجهة عسكرية كبيرة مع إيران، ولا ينبغي لها أن تخرج الجهود الدبلوماسية بين الدولتين بشأن البرنامج النووي عن مسارها.

وقال مسؤول رفيع المستوى: «نحن ننظر إلى هذه الحادثة باعتبارها إشكالية، لكننا نشعر بالقلق من احتمال حدوث تصعيد غير مقصود». وأوضح ليتل أن الطائرات العسكرية الإيرانية «أطلقت عدة طلقات نارية»، لكنها أخطأت الهدف المتمثل في الطائرة من طراز «بريديتور» التي كانت تحلق بعيدًا وكانت هيئتها تشبه ملعقة عملاقة مقلوبة وليس من السهل الخلط بينها وبين الطائرة النفاثة التي تعمل بطيار. وقال ليتل: «إن طائرتنا لم تدخل المجال الجوي الإيراني أبدًا. لقد كانت دومًا تحلق في المجال الجوي الدولي».

وأوضح أن الولايات المتحدة تسلمت رسالة احتجاجية من الحكومة الإيرانية من خلال السفارة السويسرية في طهران، التي ترعى المصالح الأميركية في إيران. وأضاف أن وزارة الدفاع لن تعلق مهمات المراقبة. وأوضح ليتل قائلا: «وصلّت الولايات المتحدة إلى الإيرانيين رسالة مفادها أنها ستستمر في القيام بمهمات مراقبة في المياه الدولية بالقرب من الخليج في إطار التزامنا بأمن المنطقة. أمامنا مجموعة متنوعة من الخيارات بداية من الحلول الدبلوماسية وصولا إلى الحلول العسكرية لحماية منشآتنا العسكرية وقواتنا في المنطقة، وسنقوم بذلك إذا لزم الأمر».

ولم يتكهن المسؤولون بما إذا كانت الطائرات النفاثة الإيرانية تحاول استهداف الطائرة التي كانت تحلق بسرعة منخفضة، أم أنها كانت تطلق نيرانا تحذيرية فقط.

ذكرت «نيويورك تايمز» أن الطائرتين الحربيتين الإيرانيتين كانتا تحملان مدافع عيار «30 ملم» بهدف دعم القوات البرية، ولم تكن تسعى إلى الاشتباك في قتال جوي. وكانت الطائرتان تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني، الذي عادة ما تكون أفعاله أكثر عدوانية من أفعال القوات الجوية الإيرانية النظامية.