أمير الكويت يجدد تحذيراته من الفوضى ويعتبر الدستور ضمانة للاستقرار

قال إن «المخاطر» تتنامى نذرها على المنطقة.. ودعا إلى صيانة العمل البرلماني

صورة للأمير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وسط اعلام الكويت خلال الاحتفال بالذكرى الـ50 لتوقيع الدستور أمس (رويترز)
TT

جدد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تحذيراته من «الفتنة» وإثارة القلاقل في البلاد معتبرا أن دستور البلاد هو الضمانة الحقيقية لاستقرار النظام السياسي في الكويت، مؤكدا قبوله «النقد والنصح للارتقاء بمؤسساتنا»، ومحاسبة المسؤولين عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام أو انتهاك وتجاوز القانون.

وقال في كلمة بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ50 للمصادقة على دستور دولة الكويت أن دور المؤسسة البرلمانية «إيصال نبض الشارع وهمومه إلى المؤسسات لا أن تجر المؤسسات إلى الشارع»، داعيا الناخبين إلى انتخاب ممثليهم في البرلمان من القادرين على «حمل الأمانة».

وقال أمير الكويت في خطابه أمس إن أحكام الدستور الذي وضع قبل 50 عاما جاءت «ترسيخا لما جبل عليه أهل الكويت من مبادئ وقيم وهي الدعامة الرئيسية لأمن الوطن، كما أنها الضمانة الحقيقية لاستقرار نظام الكويت السياسي، وفي ظلها تمارس الحرية والديمقراطية كأداة بناء وإنجاز لدعم المجتمع وزيادة قوته وتوحيد صفوفه».

ودعا في كلمته إلى حماية تجربة الكويت عبر النقد البناء، وقال: «لقد عشنا زهاء خمسة عقود من العمل البرلماني بما حملته من نتائج وممارسات بحلوها ومرها، ولكي نقطف ثمار مسيرتنا البرلمانية علينا أن نصون تجربتنا بالتقييم الموضوعي والنقد الذاتي البناء، فليس عيبا أن تشوبها بعض المثالب ولكن العيب في تجاهل تلك المثالب والتهاون في إصلاحها والتخلص منها»، وتابع قائلا: «نعم نتفهم الاختلاف حول سبل إصلاح أمورنا.. نتقبل النقد والنصح للارتقاء بمؤسساتنا كما نرحب بل ندعو للمساءلة والمحاسبة لأي مسؤول عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام أو انتهاك وتجاوز القانون ونتعاون جميعا لخير ومصلحة بلدنا فهذا همنا وهدفنا الوطني المشترك وبصوت العقل نعالج مشاكلنا».

وحذر في كلمته من القلاقل والفوضى مؤكدا أن «تأمين مسيرتنا الديمقراطية يتطلب الاتزان في تعاطي الأمور بالحكمة والروية وحسن التقدير والبعد عن الانفعال والتهور، وقد شهدنا ما تعرضت له شعوب وأمم أعماها الجهل والتعصب فعصفت بوحدتها الفتن ومزقت شملها وحاق بها الخراب والدمار».

وأضاف: «لن أكرر ما سبق - وإن حذرت منه - ولن ننسى أبدا أن الكويت أمانة غالية في أعناقنا وأن ما نعيشه من أمن وطمأنينة وحرية ورغد عيش هي نعمة كبرى لا يدرك قيمتها ومعناها إلا من فقدها».

وتابع الشيخ صباح الأحمد قائلا إن «الدول التي تنعم بظلال الحرية والدستور والقوانين والمؤسسات والمجالس المنتخبة وتتمتع بإعلام حر وتمتلك جميع الأدوات الدستورية للرقابة والمحاسبة، تكون ممارستها محكومة بالروح الوطنية والتمعن بمعاني القسم البرلماني العظيم ومتطلباته وإعادة النظر في كثير من المفاهيم المغلوطة والأعراف المشوهة، التي عمل البعض على ترسيخها عن طريق الأمر الواقع كما تستوجب أيضا إيصال نبض الشارع وهمومه إلى المؤسسات لا أن تجر المؤسسات إلى الشارع»، وحذر من «أهداف الأعداء» للإيقاع بالكويت وقال: «وإذ نؤكد ثقتنا بحسن نوايا الجميع وحقهم في التعبير عن رأيهم غير أننا لسنا وحدنا في الميدان.. وهناك مصالح وأهداف وغايات لأعداء هذا الوطن نربأ بأن يكون أبناؤنا أدوات ووقودا لها دون أن يعلموا». وأضاف أن «من الوعي والحكمة والعقل أن نتباصر حول المستفيد الأكبر من تعريض البلاد للفوضى والقلاقل، ونتساءل أين تصب نتائج هذه الفوضى في المحصلة النهائية، فلنتق الله في وطننا وأهلنا وفي حاضرنا».

واعتبر الشيخ صباح الأحمد أنه «لن يكون الأمن والاستقرار بديلا للحرية والديمقراطية بل هما صنوان متلازمان يمثلان ضمانة أساسية لأمن كل مجتمع واستقراره».

واعتبر أن الكويت حققت «إنجازات» على صعيد الديمقراطية أهمها نيل المرأة الكويتية حقها السياسي في الانتخاب والترشيح. كما دعا إلى احترام القضاء باعتباره «الحصن الأمين والسياج المنيع الذي يحفظ لكل حقه بما يحتم على الجميع أن يلتزم بأحكامه وأن يحترم استقلاله وألا يحاول التدخل فيه أو التأثير عليه بأي شكل من الأشكال».

وحذر الأمير الشيخ صباح الأحمد من «حجم المخاطر المتكاثفة التي تتنامى نذرها على المنطقة بأسرها.. ويتساقط شررها حولنا.. وأن نحسن مراقبة الأحداث التي تحيط بنا بعين واعية وبصيرة ثاقبة حتى نتقي شرورها ونتجنب آثارها وإسقاطاتها».

وأشار إلى الانتخابات البرلمانية للفصل التشريعي الرابع عشر، وقال: إن «المشاركة في ممارسة الحق الانتخابي هي واجب وطني مستحق.. فإن على الأخوة والأخوات المواطنين تقع مسؤولية حسن اختيار ممثليهم القادرين على حمل الأمانة وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم ورفعة وطنهم»- وتابع: «إننا أمام مرحلة مهمة حافلة بالتحديات.. ولا تحتمل التهاون والتراخي»، مؤكدا على ضرورة عودة الثقة بالمؤسسات الدستورية وسيادة القانون والعدالة والمساواة.