أمانو في بغداد.. والمالكي يحثه على إيجاد حل دبلوماسي لأزمة الملف النووي الإيراني

نجاد يدعو لـ«انتخابات حرة» في سوريا.. وقيادي في ائتلاف المالكي: تغير إيراني تجاه الأسد

مدير عام وكالة الطاقة الذرية يوكيا أمانو ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

غلب الملف النووي الإيراني على مباحثات يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مع كبار المسؤولين العراقيين في بغداد التي وصلها أمس بعد مصادقة العراق أخيرا على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، حيث كشف المسؤول الأممي عن أن الجمهورية الإسلامية باشرت بالفعل بتفكيك موقع بارشين العسكري الذي أثير الكثير من اللغط حوله وحول الأنشطة التي تدار بداخله، بينما حث رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، وكالة الطاقة الذرية على إيجاد حل دبلوماسي للأزمة النووية في إيران.

وعقد أمانو أولا مؤتمرا صحافيا مشتركا مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي تفاخر بأن العراق أول دولة في الشرق الأوسط تخلصت من أسلحة الدمار الشامل، وهي بذلك تعد طرفا في الأمن في المنطقة في ضوء الآليات المتاحة. كما قال الوزير إنه ناقش مع أمانو قضية إخراج العراق من طائلة البند السابع وتخليصه من جميع أنواع أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية والصاروخية والنووية وعدم استخدامها إلا للأغراض السلمية، مشيرا إلى عقد مؤتمر هلسنكي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل والذي يعنى بإخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الأخرى، والذي سيكون تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

أما أمانو فقد أعرب عن شكره للعراق لإيفائه بالالتزامات والقوانين الدولية، ووعد بمتابعة التلوث النووي والمائي والزراعي فيه، فضلا عن معالجة الأمراض السرطانية التي تعاني منها بعض المناطق العراقية كون الوكالة الدولية هي المسؤولة عنها والمشرفة عليها.

وحول الملف النووي الإيراني قال أمانو إنه برنامج معقد، ويجب التوصل إلى حل دبلوماسي لتداركه يرضي جميع الأطراف، منوها بأن إسرائيل هي ضمن برنامج شرق أوسط نظيف وخال من الأسلحة النووية. وكشف عن أن إيران تواصل أنشطة تفكيك موقع بارشين العسكري المثير للجدل الذي يقع قرب طهران. وقال أمانو ردا على سؤال «نعم هذه الأنشطة جارية ببارشين، لكن لا يمكنني اليوم أن أقدم لكم التفاصيل». وأشار إلى ما سماه بـ«أسباب وجيهة» تدفع للاعتقاد بأن إيران تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي من المقرر أن تجري محادثات مع الجمهورية الإسلامية في 13 ديسمبر المقبل حول البرنامج النووي الإيراني.

وموقع بارشين قاعدة عسكرية كبرى شرق طهران، وتفكيكها الذي بدأ في الربيع يتناول بضعة مبان فقط، حيث تشتبه الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن الإيرانيين قاموا بتجارب على متفجرات تقليدية قادرة على التسبب في انفجار نووي.

وبحسب الوكالة الذرية فإن الإيرانيين بدأوا العمل في محيط هذه المباني في أبريل (نيسان)، بعدما طلبت الوكالة الذرية الدخول إليها لكن من دون جدوى. ومنذ هذا الصيف تمت تغطية المباني المشبوهة، مما حال دون متابعة العمليات من قبل الأقمار الاصطناعية الغربية.

وفي ما يتعلق بسير المفاوضات وتعاون إيران قال أمانو «أنا مقتنع بأن الوكالة لها دور أساسي في حل هذه المسألة، عبر الوسائل الدبلوماسية». وأضاف الأمين العام للوكالة أن «هذا في مصلحة إيران والمجتمع الدولي، ولهذا أعتقد بوجود سبب وجيه لتعاون إيران معنا»، وتابع «الوضع صعب جدا ومقلق، ولا أريد التكهن».

وبعد ذلك استقبل المالكي أمانو، وأكد خلال اللقاء دعم العراق لجهود المنظمة في مناهضة انتشار الأسلحة النووية، والعمل على جعل المنطقة خالية من هذه الأسلحة. وقال بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي إن الأخير دعا إلى إيجاد حل سلمي لموضوع الملف النووي الإيراني، كون العراق جزءا من المنطقة ويتأثر بأي تطور يحصل فيها.

وقال المالكي إن العراق مستعد لوضع كل إمكاناته من أجل الوصول إلى حل سلمي يسهم في استقرار المنطقة ورخائها، داعيا إلى العمل على إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وعدم استثناء أي دولة من هذه القاعدة لأن ذلك سيؤدي إلى انتشار السباق النووي وعدم السيطرة عليه.

وأضاف البيان أن أمانو أثنى على مواقف العراق الداعمة للسلام والأمن وعدم انتشار الأسلحة ذات الدمار الشامل. وأوضح أن توقيع الحكومة العراقية على البروتوكول الإضافي كان بمثابة رسالة واضحة في وفائه بالتزاماته الدولية وتأكيد لرغبته في معارضة الانتشار النووي، مضيفا أن مواقف العراق تؤكد نواياه السلمية ورغبته في تعزيز السلام والأمن. وشدد على حاجة المنظمة الدولية لمساعدة العراق في جهودها لمنع انتشار الأسلحة النووية، معربا عن أمله في أن يشهد العام المقبل حلا سلميا لملف إيران النووي.

ولم يتضح بعد إن كانت لزيارة أمانو إلى بغداد صلة بتوقيت زيارة مساعد رئيس الجمهورية الإيراني في الشؤون الدولية علي سعيدلو إلى العاصمة العراقية التي من المقرر أن يصلها اليوم (الاثنين)، وإن كان الطرفان سيجريان مشاورات بينهما حول الأزمة النووية الإيرانية، أم لا. ووسط مؤشرات على وساطة عراقية بين الطرفين اعلن السفير الإيراني في بغداد حسن دنائي فر أمس عن أن زيارة سعيدلو إلى العاصمة العراقية ترمي لإجراء محادثات مع المسؤولين العراقيين «بشأن القضايا الاقتصادية».

من جانبه، أعلن عدنان السراج، القيادي في ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «العراق الآن يقوم بدور التهدئة في المنطقة خصوصا أنه قلق بالفعل من الملف النووي الإيراني لجهة كونه يمتلك علاقات جيدة مع إيران من جهة ومع الولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى». كما أضاف أن «هناك مؤشرات على حدوث تغير في الموقف الإيراني لجهة النظام السوري، حيث إن إيران الآن أقل تمسكا بنظام بشار الأسد، وإنها ربما تبحث عن ترتيبات معينة في هذا الشأن».

وتبلور تغير موقف طهران من الأسد بعد دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مساء أول من أمس إلى إجراء انتخابات حرة في سوريا، وقال إن «طرق الحل الأساس والدائم للقضة السورة هو التفاهم الوطني الذ تتبلور ف ظله انتخابات حرة»، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» أمس.

إلى ذلك، اعتبر دبلوماسي غربي لصيق الصلة بوكالة الطاقة الذرية، في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط»، تفكيك طهران موقع بارشين العسكري «نتيجة حتمية لم نتفاجأ بها». وقال المصدر المتابع لقضية الملف النووي الإيراني إن بارشين استنفد أغراضه بعد أن أكملت إيران تجاربها والتفجيرات التي قامت بها داخله، ولما لم تعد لها به حاجة قامت بتفكيكه جملة وتفصيلا في عملية هدم ممنهج.