الناشطون السلميون الهدف الأول للنظام السوري

وضعوا في خانة المتآمرين على الوطن ويتلقون تعذيبا مضاعفا عن حملة السلاح

TT

يبدي ناشطون سوريون في مدينة دمشق استغرابهم من إصرار قوات الأمن السورية على ملاحقتهم واعتقالهم. فهم ينشطون كما يقولون «في تنظيم المظاهرات السلمية، وتوزيع المعونات الغذائية على النازحين»، مما يجعل خطرهم أقل بكثير على النظام السوري من مجموعات الجيش الحر التي باتت تشتبك مع الجيش النظامي في أنحاء مختلفة من العاصمة السورية، وتنفذ عمليات نوعية في قلب المربع الأمني التابع للنظام والمجاور للقصر الجمهوري.

وقد أظهر عدد من أيام الجمعة - التي تعتمدها المعارضة لحشد أنصارها ضد نظام الأسد - استمرار الأنشطة المدنية، لا سيما المظاهرات الشعبية.. إذ يأتي ذلك على الرغم من أجواء العسكرة التي باتت تسيطر على الثورة السورية وتستحوذ على اهتمام المناصرين لها.

ويجزم ناصر، وهو ناشط سلمي يقيم قرب حي السيدة زينب في دمشق، بأن «الأنشطة السلمية ما زالت مستمرة في الثورة على الرغم من آلة العنف الدموية التي يستخدمها النظام السوري ضد الاحتجاجات المندلعة ضده»، ويضيف: «استمرار المظاهرات السلمية وغيرها من الحراكات المدنية غير المسلحة أمر ضروري في الثورة السورية، فهي تحافظ على القيم التي انطلقت الثورة من أجل تحقيقها من دون الانجرار إلى العنف المضاد الذي يجرّنا النظام إليه».

وفي الوقت الذي يتفهم فيه الناشط المعارض «إقدام كثير من الناس على التسلح بشكل عفوي للدفاع عن أنفسهم بوجه القمع الوحشي الذي يمارسه الجيش النظامي»، فإنه يرفض بشدة «الانتهاكات التي باتت تتزايد بشكل كبير في صفوف الثوار»، مشددا على أن هذه الانتهاكات ستزيد الشرخ في المجتمع السوري، وتساعد النظام على إشعال حرب طائفية».

وعن الحملة التي يشنها النظام السوري على الناشطين المدنيين يقول ناصر: «النظام - ومنذ اللحظة الأولى للثورة - قال إنه يواجه مسلحين ليبرر القمع ضد الحراك.. ووجود ناشطين سلميين يحرجه ويكشف كذبته، لذلك يعمد إلى اعتقال هؤلاء وتعذيبهم».

من جانبها، تؤكد سمر، وهي أيضا ناشطة سلمية كانت تعمل في مجال حقوق الإنسان قبل اندلاع الثورة، أن «الناشط السلمي يتلقى تعذيبا مضاعفا عن ذلك الذي يحمل السلاح». وتقول في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «النظام يتعامل مع حملة السلاح بأنهم مغرر بهم، أما الناشط السلمي فيدرجه في خانة المتآمر على الوطن»، وتضيف: «خلال المراسيم التي أصدرها الرئيس، وخرج بموجبها كثير من المعتقلين، خرج الكثيرون ممن حملوا السلاح، بينما أصدقاؤنا من النشطاء السلميين لم يشملهم المرسوم بحجة أنهم سجناء رأي».

ويصف سعد، وهو أحد الذين كانوا ينظمون المظاهرات في داريا، التعذيب الذي تعرض له أثناء اعتقاله بـ«المرعب»، مشيرا إلى أنه اعتقل لمدة شهرين تعرض خلالهما «لأصناف متنوعة من التعذيب»، قبل أن يتم إحالته إلى المحكمة ويخرج «بسند كفالة».

وتمتلئ موقع التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» بالصفحات التي تطالب النظام السوري بالإفراج عن المعتقلين السلميين. وقد كان كثير من المراقبين اعتقدوا أن تنفيذ اتفاق وقف القتال بين القوات الحكومية السورية والمعارضة، الذي سعى إلى تنفيذه المبعوث الدولي في الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي، يمكن أن يمنح النشطاء الذين التزموا بالوسائل السلمية غير العنيفة متنفسا من أجل إعادة نشاطهم السلمي المعارض للرئيس بشار الأسد، إلا أن هذا الاتفاق شهد كثيرا من الانتهاكات من الطرفين، الأمر الذي أدى إلى انهياره.

وكانت مجموعة من المنظمات الحقوقية، أبرزها «هيومان رايتس ووتش»، قد أصدرت بيانا مشتركا منذ شهر تقريبا، طالبوا فيه الرئيس السوري بشار الأسد بالإفراج عن الناشطين السلميين؛ إذ إن هؤلاء الناشطين وفقا لبيان المنظمات «تم احتجازهم لا لشيء إلا لممارسة حقوقهم الأساسية، مثل حرية التجمع وحرية التعبير، أو لمساعدة الآخرين.. وعلى هذا فما كان ينبغي احتجازهم أو ملاحقتهم قضائيا من الأصل».